الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فوائد :

الأولى : إذا جهل أسبق العقدين . ففيه مسائل .

منها : إذا علم عين السابق ثم جهل . فهذه محل الخلاف السابق .

منها : لو علم السبق ونسي السابق ، فالصحيح من المذهب : إجراء الخلاف فيها كالتي قبلها . وعليه أكثر الأصحاب . قال الزركشي : لا إشكال في جريان الروايتين في هذه الصورة . وكذلك قال في المستوعب ، والمغني ، والشرح ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وغيرهم . وقيل : يقف الأمر حتى يتبين . اختاره أبو بكر ، وابن حمدان في الرعاية الكبرى .

فرع :

لو أقرت المرأة لأحدهما لم يقبل . على الصحيح من المذهب . قال في الفروع ، والنظم : لم يقبل على الأصح . وجزم به في المغني ، والشرح ، وشرح ابن رزين ، وغيرهم . وعنه : يقبل . ومنها : لو جهل كيف وقعا ؟ . فقيل : هي على الروايتين . وهو الصحيح . واختاره أبو الخطاب ، والمصنف ، والمجد ، وصاحب المستوعب ، وغيرهم . [ ص: 93 ] قال الزركشي : واختاره القاضي فيما أظن . وعند القاضي في التعليق الكبير : يبطلان على كل حال . وكذا قال ابن حمدان في الرعايتين ، إلا أنه حكى في الكبرى قولا بالبطلان ظاهرا وباطنا .

منها : لو جهل وقوعهما معا ، فهي على الروايتين . على الصحيح من المذهب . وقدمه في الفروع . وقيل : يبطلان .

ومنها : لو علم وقوعهما معا : بطل . على الصحيح من المذهب . وقطع به أبو الخطاب ، وابن البنا ، والمصنف ، والمجد ، وابن حمدان ، وصاحب الفروع ، وغيرهم من الأصحاب . وذكر القاضي ، في كتاب الروايتين : أنه يقرع بينهما على رواية الإقراع . وذكره في خلافه احتمالا . قال المجد في شرح الهداية : ولا أظن هذا الاحتمال إلا خلاف الإجماع . انتهى .

قال ابن بردس شيخ شيخنا قال شيخنا أبو الفرج فيمن تزوج أختين في عقد : يختار إحداهما . وهذا يعضد ما قاله القاضي . انتهى .

الثانية : إذا أمر غير القارع بالطلاق فطلق ، فلا صداق عليه . جزم به في المحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، وغيرهم .

الثالثة : لو فسخ النكاح أو طلقها ، فقال أبو بكر : لا مهر لها عليهما . حكاها عنه ابن شاقلا ، والمصنف ، والشارح ، وغيرهم . وقاله القاضي في المجرد ، وابن عقيل . وأفتى به النجاد . حكاه عنه أبو الحسن الخرزي . وحكاه رواية في الفروع وغيره . ونقل مهنا : لها نصف الصداق يقترعان عليه . وهو المذهب . نص عليه . [ ص: 94 ] وقدمه في الفروع ، فقال : ونصه لها نصف المهر يقترعان عليه . وعنه : لا . انتهى .

وظاهر المغني ، والشرح : إطلاق الروايتين . وحكى في القواعد في وجوب نصف المهر على من خرجت له القرعة وجهين .

الرابعة : لو ماتت المرأة قبل الفسخ والطلاق ، فلأحدهما نصف ميراثها . فيوقف الأمر حتى يصطلحا . قدمه في الشرح . وقيل : يقرع بينهما . فمن قرع : حلف وورث . قلت : هذا أقرب . وهما احتمالان في المغني . لكن ذكر على الثاني : أنه يحلف . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى : وكلا الوجهين لا يخرج على المذهب . أما الأول : فلأنا لا نقف الخصومات قط . وأما الثاني : فكيف يحلف من قال " لا أعرف الحال " ؟ وإنما المذهب على رواية القرعة أيهما قرع : فله الميراث بلا يمين . وأما على قولنا " لا يقرع " فإذا قلنا : إنها تأخذ من أحدهما نصف المهر بالقرعة فكذلك يرثها أحدهما بالقرعة . بطريق الأولى . وأما إن قلنا " لا مهر لها " فهنا قد يقال بالقرعة أيضا . انتهى .

الخامسة : لو مات الزوجان : كان لها ربع ميراث أحدهما . فإن كانت قد أقرت بسبق أحدهما : فلا ميراث لها من الآخر . وهي تدعي ربع ميراث من أقرت له . فإن كان قد ادعى ذلك أيضا : دفع إليها ربع ميراثها . وإن لم يكن ادعى ذلك ، وأنكر الورثة : فالقول قولهم مع أيمانهم . فإن نكلوا ، قضي عليهم . وإن لم تكن أقرت بسبق أحدهما : احتمل أن يحلف ورثة كل واحد منهما [ ص: 95 ] وتبرأ . واحتمل أن يقرع بينهما . فمن خرجت قرعته : فلها ربع ميراثه . وأطلقهما في المغني ، والشرح . ونقل حنبل : في رجل له ثلاث بنات . زوج إحداهن من رجل . ثم مات الأب ، ولم يعلم أيتهن زوج ؟ يقرع بينهن . فأيتهن أصابتها القرعة فهي زوجته . وإن مات الزوج : كانت هي الوارثة . قال في القواعد عن الوجه بالقرعة : يتعين القول به ، فيما إذا أنكر الورثة العلم بالحال . ويشهد له نص الإمام أحمد في رواية حنبل ، وغيره وذكره .

السادسة : لو ادعى كل واحد منهما : أنه السابق . فأقرت لأحدهما ، ثم فرق بينهما وقلنا بوجوب المهر وجب على المقر له دون صاحبه ; لإقراره لها به . وإقرارها ببراءة صاحبه . وإن ماتا : ورثت المقر له دون صاحبه لذلك . وإن ماتت هي قبلهما : احتمل أن يرثها المقر له كما ترثه . واحتمل أن لا يقبل إقرارها له كما لم تقبله في نفسها . وأطلقهما في المغني ، والشرح . وإن لم تقر لأحدهما إلا بعد موته : فهو كما لو أقرت له في حياته . ليس لورثة واحد منهما الإنكار لاستحقاقها . وإن لم تقر لواحد منهما : أقرع بينهما . وكان لها ميراث من تقع القرعة عليه . وإن كان أحدهما قد أصابها ، وكان هو المقر له ، أو كانت لم تقر لواحد منهما : فلها المسمى ; لأنه مقر لها به . وهي لا تدعي سواه . وإن كانت مقرة لآخر : فهي تدعي مهر المثل ، وهو يقر لها بالمسمى . فإن استويا ، أو اصطلحا : فلا كلام . وإن كان مهر المثل أكثر : حلف على الزائد وسقط . وإن كان المسمى لها أكثر : فهو مقر لها بالزيادة ، وهي تنكرها . فلا تستحقها .

التالي السابق


الخدمات العلمية