الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وإن تزوج حرة ، أو أمة فلم تعفه ، ولم يجد طولا لحرة أخرى ، فهل له نكاح أمة أخرى ؟ على روايتين ) . إذا تزوج حرة فلم تعفه ، فأطلق المصنف في جواز نكاح أمة عليها الروايتين . وأطلقهما في المذهب ، ومسبوك الذهب .

إحداهما : يجوز له ذلك . إذا كان فيه الشرطان قائمين . وهو الصحيح من المذهب . صححه في التصحيح ، والنظم وغيرهما . واختاره ابن عبدوس ، وغيره . وجزم به في الوجيز ، والمنور ، والمنتخب ، وغيرهم . وقدمه في الهداية ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم .

والرواية الثانية : لا يجوز . قطع به ابن أبي موسى ، وغيره . فعلى المذهب : لو جمع بينهما في عقد واحد : صح . [ ص: 144 ] وعلى الثانية : لا يصح . ونقل ابن منصور : يصح نكاح الحرة عليها . وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : تحرر لأصحابنا في تزويج الأمة على الحرة : ثلاث طرق .

أحدها : المنع . رواية واحدة . ذكرها ابن أبي موسى ، والقاضي ، وابن عقيل وغيرهم . قال القاضي : هذا إذا كان يمكنه وطء الحرة . فإن لم يمكنه : جاز . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : وهذه الطريق هي عندي مذهب الإمام أحمد رحمه الله . وعليها يدل كلامه .

الطريق الثاني : إذا لم تعفه . فيه روايتان . وهي طريقة أبي الخطاب ، ومن حذا حذوه .

الطريق الثالث : في الجمع روايتان . كما ذكر المجد . انتهى .

وقال في الفائدة الأخيرة من القواعد : لو تزوج حر خائف العنت غير واجد للطول حرة تعفه بانفرادها ، وأمة في عقد واحد : صح نكاح الحرة وحدها . وهو ظاهر كلام القاضي في المجرد . وهو أصح . وقيل : يصح جمعهما . قاله القاضي ، وأبو الخطاب في خلافيهما . انتهى .

وإذا تزوج أمة فلم تعفه . فالصحيح من المذهب : جواز نكاح ثانية بشرطه ثم ثالثة كذلك ، ثم رابعة كذلك . وعليه أكثر الأصحاب . اختاره ابن عقيل في التذكرة ، والمصنف ، والشارح ، وابن عبدوس في تذكرته ، وغيرهم . قال الزركشي : هذا أنص الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله . وقطع به الخرقي ، وصاحب العمدة ، والوجيز ، ومنتخب الأزجي ، وغيرهم . [ ص: 145 ] وقدمه في الهداية ، والمستوعب ، والخلاصة ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاوي والفروع ، وغيرهم .

والرواية الثانية : لا يجوز له ذلك . اختاره أبو بكر ، والقاضي في المجرد .

فائدتان

إحداهما : إذا قلنا : له نكاح أربع : جاز له أن ينكحهن دفعة واحدة . إذا علم أنه لا يعفه إلا ذلك . صرح به القاضي . قال الزركشي ، وقد يقال : إن كلام الخرقي يقتضيه . وقال في الفروع ، والمحرر ، وغيرهما : فإن لم تعفه واحدة ، فثانية . ثم ثالثة ثم رابعة . قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : تلخص لأصحابنا في تزوج الإماء ثلاث طرق

أحدها : طريقة القاضي في الجامع والخلاف ، وهي : أنه لا يتزوج أكثر من واحدة إلا إذا خشي العنت ، بأن لا يمكنه وطء التي تحته . ومتى أمكنه وطؤها لم يجز . قال ابن خطيب السلامية : فهل يجعل وجود زوجة يمكن وطؤها أمنا من العنت ؟ والمسألة عنده رواية واحدة . وكذلك عنده إذا كان تحته حرة سواء .

الطريق الثاني : إذا كان فيه الشرطان : فله أن يتزوج أربعا ، وإن كان متمكنا من وطء الأولى . وهذا معنى خوف العنت . وهي طريقة أبي محمد . ولم يذكر الخرقي إلا ذلك . وكلام الإمام أحمد رحمه الله يقتضي الحل ، وإن كان قادرا على الوطء . [ ص: 146 ]

الطريق الثالث : المسألة في مثل هذا على روايتين . وهي طريقة ابن أبي موسى . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية