الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وكذلك عدة المزني بها ) . يعني : أن عدتها كعدة المطلقة . وهذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في المغني ، والمحرر ، والشرح ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، ونظم المفردات ، وغيرهم . وهو من مفردات المذهب . وعنه : تستبرأ بحيضة . ذكرها ابن أبي موسى كالأمة المزني بها غير المزوجة . واختارها الحلواني ، وابن رزين ، والشيخ تقي الدين . واختاره أيضا في كل فسخ وطلاق ثلاث . وحكى في الرعايتين ، والحاوي رواية ثالثة : أن الموطوءة بشبهة والمزني بها ومن نكاحها فاسد : تعتد بثلاث حيض . فقالا : ومن وطئت بشبهة أو وزنا أو بعقد فاسد تعتد كمطلقة . وعنه : تستبرأ الزانية بحيضة كأمة غير مزوجة . وعنه بثلاث .

فائدة :

إذا وطئت امرأته أو سريته بشبهة أو زنا : حرمت عليه حتى تعتد . وفيما دون الفرج وجهان . وأطلقهما في المحرر ، والرعايتين ، والحاوي ، والنظم ، والزركشي ، والفروع .

أحدهما : لا تحرم عليه . اختاره ابن عبدوس في تذكرته . وهو الصواب . [ ص: 296 ]

والثاني : تحرم

قوله ( وإذا ) ( وطئت المعتدة بشبهة ، أو غيرها ) مثل النكاح الفاسد ( أتمت عدة الأول ) . لكن لا يحتسب منها مدة مقامها عند الواطئ الثاني . على الصحيح من المذهب . قال في الفروع : ولا يحسب منها مقامها عند الثاني في الأصح . وجزم به المصنف في كتبه ، والشارح . وقيل : يحسب منها . وجزم به القاضي ، والشريف ، وأبو الخطاب في خلافاتهم . وأطلقهما في النظم ، والزركشي ، والمحرر ، والرعاية الكبرى ، والحاوي ، وغيرهم . وقال في الرعاية الصغرى : ومنذ وطئ لا يحتسب من مدة الأول . وقيل : بلى . وقال في الكبرى بعد أن أطلق الوجهين قلت : منذ وطئ لا يحتسب من عدة الأول في الأصح . انتهى . وله رجعتها في مدة تتمة العدة . على الصحيح من المذهب . قال في الفروع : وله رجعة الرجعية في التتمة في الأصح . واختاره المصنف والشارح . وقيل : ليس له رجعتها فيها . وجزم به القاضي في خلافه . قاله في آخر الفائدة الرابعة عشر . قلت : فيعايى بها . قوله ( ثم استأنفت العدة من الوطء ) . [ ص: 297 ] هذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . لأن العدتين من رجلين لا يتداخلان . وذكر أبو بكر : إذا وطئت زوجة الطفل ، ثم مات عنها ، ثم وضعت قبل تمام عدة الوفاة : أنها لا تحل له ، حتى تكمل عدة الوفاة . قال المجد : وظاهر هذا تداخل العدتين . ذكره في القاعدة الخامسة والأربعين بعد المائة .

قوله ( وإن كانت بائنا فأصابها المطلق عمدا : فكذلك ) . يعني أنها كالموطوءة بشبهة من الأجنبي في عدتها . وهذا المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع ، وغيره . وجعلها في الترغيب كوطئه البائن منه بشبهة ، الآتية بعد هذه .

قوله ( وإن ) ( أصابها بشبهة ) . يعني المطلق طلاقا بائنا استأنفت العدة للوطء . ودخلت فيها بقية الأولى . هذا المذهب مطلقا . وعليه أكثر الأصحاب . وجزم به المصنف ، والشارح ، وصاحب الوجيز ، والفروع ، وغيرهم . وقال في القاعدة الخامسة والأربعين بعد المائة : وإن كان الواطئ بشبهة هو الزوج تداخلت العدتان . لأنهما من رجل واحد ، إلا أن تحمل من أحد الوطأين ، ففي التداخل وجهان . لكون العدتين من جنسين .

فائدتان

إحداهما : لو وطئت امرأته بشبهة ، ثم طلقها رجعيا : اعتدت له أولا . ثم اعتدت للشبهة . على الصحيح من المذهب . وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي ، والفروع ، وغيرهم . [ ص: 298 ] وقيل : تعتد للشبهة أولا ، ثم تعتد له ثانيا . وهو احتمال في المحرر . واختاره ابن عبدوس في تذكرته . قال في الرعاية الكبرى : وهو أقيس . وفي رجعته قبل عدته وجهان . وأطلقهما في الفروع .

أحدهما : ليس له ذلك . قدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير . وجزم به ابن عبدوس في تذكرته . وصححه ابن نصر الله في حواشيه .

والوجه الثاني : له ذلك . وفي وطء الزوج إن حملت منه وجهان . وهما احتمالان في الرعاية ، والحاوي . وأطلقهما في الفروع ، والرعايتين ، والحاوي الصغير . وقدم في الرعاية الكبرى : صحة تحريم الوطء . وصحح ابن نصر الله في حواشي الفروع عدم التحريم .

الثانية : كل معتدة من غير النكاح الصحيح كالزانية والموطوءة بشبهة ، أو في نكاح فاسد قياس المذهب : تحريم نكاحها على الواطئ وغيره في العدة . قاله الشارح . وقال قال المصنف : والأولى حل نكاحها لمن هي معتدة منه إن كان يلحقه نسب ولدها . لأن العدة لحفظ مائه وصيانة نسبه . ومن لا يلحقه نسب ولدها كالزانية لا يحل له نكاحها . لأنه يفضي إلى اشتباه النسب . وتقدم حكم ذلك في " باب المحرمات في النكاح " بعد قوله " وتحرم الزانية حتى تتوب " مستوفى فليعاود .

قوله ( وإن تزوجت في عدتها : لم تنقطع عدتها ، حتى يدخل بها [ ص: 299 ] فتنقطع حينئذ ، ثم إذا فارقها بنت عدتها من الأول ، واستأنفت العدة من الثاني ) . لا أعلم فيه خلافا .

وقوله ( وإن أتت بولد من أحدهما : انقضت عدتها به منه ، ثم اعتدت للآخر أيهما كان . وإن أمكن أن يكون منهما أري القافة معهما . فألحق بمن ألحقوه به منهما ، وانقضت عدتها به منهما ) . هذا المذهب . وعليه أكثر الأصحاب . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع ، وغيره . وفي الانتصار : احتمال تستأنف عدة الآخر كموطوءة لاثنين . وقيل : في الموطوءة لاثنين بزنى عليها عدة واحدة . فيتداخلان . وتقدم كلام المجد . وعند أبي بكر : إن أتت به لستة أشهر من نكاح الثاني فهو له . ذكره عنه القاضي ، وابن عقيل في المفقود . ونقل ابن منصور مثله . وزاد : فإن ادعياه فالقافة . ولها المهر بما أصابها . ويؤدبان .

قوله ( وللثاني أن ينكحها بعد انقضاء العدتين ) . هذا المذهب . جزم به في الوجيز . وصححه في النظم . ونصره المصنف . وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين . والحاوي ، وغيرهم . وقطع به الخرقي ، وغيره . قال الزركشي : هذا المذهب المشهور ، والمختار للأصحاب . وعنه : أنها تحرم عليه على التأبيد . وعنه : تحرم على التأبيد في النكاح الفاسد . [ ص: 300 ] وقال المصنف : له نكاحها بعد انقضاء عدة الأول . ولا يمنع من نكاحها في عدتها منه ، كالوطء في النكاح . وتقدم نظيرها في الفائدة قبل ذلك . وهي أعم . وتقدم في المحرمات في النكاح .

التالي السابق


الخدمات العلمية