الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
تنبيه : قوله ( فإن زالت الموانع رجعوا إلى حقوقهم ) بلا نزاع . وقد يقال : شمل كلامه ما لو طلقت من الأجنبي طلاقا رجعيا ولم تنقض العدة فيرجع إليها حقها من الحضانة بمجرد الطلاق . وهو الصحيح من المذهب . اختاره المصنف ، والشارح . وقدمه في المغني ، والشرح ، والفروع ، وغيرهم . وهو ظاهر كلام الخرقي وهو الذي نصه القاضي في تعليقه . وقطع به جمهور أصحابه . كالشريف ، وأبي الخطاب ، والشيرازي ، وابن البنا ، وابن عقيل في التذكرة ، وغيرهم . وعنه : لا يرجع إليها حقها حتى تنقضي عدتها . وهي تخريج في المغني ، والشرح ، ووجه في المحرر ، والرعاية الصغرى والحاوي ، وغيرهم . وقال في الرعاية الكبرى : وجهان . وقيل : روايتان . وصححها في الترغيب ، ومال إليه الناظم . قال القاضي : هو قياس المذهب . قلت : وهو قوي . [ ص: 426 ] وأطلقهما في المحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والقواعد ، وتجريد العناية ، وغيرهم .

فائدتان

إحداهما : نظير هذه المسألة : لو وقف على أولاده ، وشرط في وقفه أن من تزوج من البنات لا حق له فتزوجت ، ثم طلقت قاله القاضي ، واقتصر عليه في الفروع . وقال ابن نصر الله في حواشيه على الفروع : وهل مثله : إذا وقف على زوجته ما دامت عازبة . فإن تزوجت فلا حق لها ؟ يحتمل وجهين . لاحتمال أن يريد برها حيث ليس لها من تلزمه نفقتها كأولاده . ويحتمل أن يريد صلتها ما دامت حافظة لحرمة فراشه عن غيره ، بخلاف الحضانة والوقف على الأولاد . انتهى . قلت : يرجع في ذلك إلى حال الزوج عند الوقف . فإن دلت قرينة على أحدهما عمل به . وإلا فلا شيء لها .

الثانية : هل يسقط حقها بإسقاطها للحضانة ؟ فيه احتمالان . ذكرهما في الانتصار في مسألة الخيار ، هل يورث أم لا ؟ . قال في الفروع : ويتوجه أنه كإسقاط الأب الرجوع في الهبة وقال ابن القيم رحمه الله في الهدى : هل الحضانة حق للحاضن ، أو حق عليه ؟ فيه قولان في مذهب الإمامين أحمد ومالك رضي الله عنهما . وينبني عليهما : هل لمن له الحضانة أن يسقطها وينزل عنها ؟ على قولين . وأنه لا تجب عليه خدمة الولد أيام حضانته إلا بأجرة ، إن قلنا : الحق له ، وإلا وجبت عليه خدمته مجانا . وللفقير الأجرة . على القولين . [ ص: 427 ] قال : وإن وهبت الحضانة للأب وقلنا : الحق لها لزمت الهبة . ولم ترجع فيها . وإن قلنا : الحق عليها . فلها العود إلى طلبها . قال في الفروع : كذا قال . ثم قال في الهدى : هذا كله كلام أصحاب الإمام مالك رحمه الله . قال في الفروع : كذا قال . وتقدم كلام ابن نصر الله قريبا

التالي السابق


الخدمات العلمية