الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ومن اضطر إلى طعام إنسان ، أو شرابه ، وليس به مثل ضرورته ، فمنعه حتى مات : ضمنه ، نص عليه ) وهو المذهب ، جزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والوجيز ، ومنتخب الأدمي ، والمنور ، والفروع ، وغيرهم ، وقدمه في المغني ، والمحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والشرح ، وشرح ابن منجا ، والفروع ، وغيرهم . وهو من مفردات المذهب . وعند القاضي : على عاقلته . ويأتي في أواخر الأطعمة " إذا اضطر إلى طعام غيره " .

فائدة : مثل المسألة في الحكم : لو أخذ منه ترسا كان يدفع به عن نفسه ضربا . ذكره في الانتصار .

قوله ( وخرج عليه أبو الخطاب كل من أمكنه إنجاء إنسان من هلكة فلم يفعل ) . ووافق أبو الخطاب ، وجمهور الأصحاب على هذا التخريج . قال في الفروع : وخرج الأصحاب ضمانه على المسألة التي قبلها . فدل على أنه مع الطلب . انتهى . قال في المحرر : وألحق القاضي ، وأبو الخطاب كل من أمكنه إنجاء شخص من هلكة فلم يفعل . وفرق غيرهما بينهما . انتهى . قال المصنف هنا ، وتبعه الشارح وغيره " وليس ذلك مثله " . [ ص: 51 ] وفرقوا بأن الهلاك فيمن أمكنه إنجاء إنسان من هلكة فلم يفعل : لم يكن بسبب منه . فلم يضمنه كما لو لم يعلم بحاله . وأما مسألة الطعام : فإنه منعه منه منعا كان سببا في هلاكه ، فافترقا . قال في الفروع : فدل أن كلام الأصحاب عند المصنف " لو لم يطلبه " فإن كان ذلك مرادهم : فالفرق ظاهر . ونقل محمد بن يحيى فيمن مات فرسه في غزاة لم يلزم من معه فضل حمله . ونقل أبو طالب : يذكر الناس . فإن حملوه ، وإلا مضى معهم .

فائدة : من أمكنه إنجاء شخص من هلكة فلم يفعل . ففي ضمانه وجهان وأطلقهما في الفروع ، والقواعد الأصولية .

أحدهما : يضمنه . قدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير . وجزم به في الخلاصة ، والمنور . والوجه الثاني : لا يضمنه ، اختاره المصنف في المغني ، والشارح . وقيل : الوجهان أيضا في وجوب إنجائه . قلت : جزم ابن الزاغوني في فتاويه باللزوم . وتقدم ما يتعلق بذلك في " كتاب الصيام " .

تنبيه : قال في القواعد الأصولية لما حكى الخلاف : هكذا ذكره فيمن وقفت على كلامه . وخصوا الحكم بالإنسان . ويحتمل أن يتعدى إلى كل مضمون إذا أمكنه تخليصه فلم يفعل حتى تلف . ويحتمل أن يختص الخلاف بالإنسان دون غيره ; لأنه أعظم حرمة من غيره . ويحتمل أن يتعدى إلى كل ذي روح . كما اتفق الأصحاب على بذل فضل الماء للبهائم . وحكوا في الزرع روايتين .

التالي السابق


الخدمات العلمية