الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وهل يجب عليه الدفع عن نفسه ؟ على روايتين ) . وأطلقهما في المحرر ، والهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والنظم . الدفع عن نفسه لا يخلو إما أن يكون في فتنة ، أو في غيرها . فإن كان في غير فتنة ففيه روايتان .

إحداهما : يلزمه الدفع عن نفسه . وهو المذهب . قال في الفروع : ويلزمه الدفع عن نفسه على الأصح . قال في التبصرة : يلزمه في الأصح ، وجزم به في الوجيز . والرواية الثانية : لا يلزمه الدفع . قدمه في الشرح ، ونهاية المبتدئ ، والرعايتين ، والحاوي الصغير . وإن كان في فتنة : فالصحيح من المذهب : أنه لا يلزمه الدفع عنها ، اختاره المصنف والشارح . وقدمه في الفروع . وعنه : يلزمه . وعنه : يلزمه إن دخل عليه منزله . وعنه : يحرم والحالة هذه . فوائد منها : يلزمه الدفع عن حرمته على الصحيح من المذهب ، نص عليه ، واختاره المصنف والشارح ، وجزم به في الوجيز ، والنظم . [ ص: 305 ] وقدمه في الفروع . وقيل : لا يلزمه ، قدمه في نهاية المبتدئ ، والرعايتين ، والحاوي الصغير . ومنها : لا يلزمه الدفع عن ماله على الصحيح من المذهب . قال في الفروع : ولا يلزمه عن ماله في الأصح ، واختاره المصنف ، والشارح ، وجزم به في الوجيز ، والنظم ، وقدمه في نهاية المبتدئ ، والرعايتين ، والحاوي الصغير . وعنه : يلزمه .

قال في التبصرة : يلزمه في الأصح : ومنها : لا يلزمه حفظ ماله عن الضياع والهلاك على الصحيح من المذهب . ذكره القاضي وغيره ، وقدمه في الفروع ، وغيره . وقال في التبصرة : يلزمه على الأصح : وقال في نهاية المبتدئ : يجوز دفعه عن نفسه ، وحرمته ، وماله ، وعرضه . وقيل : يجب . ومنها : له بذل المال . وذكر القاضي : أنه أفضل ، وأن حنبلا نقله . وقال في الترغيب : المنصوص عنه : أن ترك قتاله عنه أفضل . وأطلق روايتي الوجوب في الكل ، ثم قال : عندي ينتقض عهد الذمي . قال في الفروع : وما قاله في الذمي مراد غيره . ونقل حنبل فيمن يريد المال أرى دفعه إليه ، ولا يأتي على نفسه ; لأنها لا عوض لها . [ ص: 306 ] ونقل أبو الحارث لا بأس . ومنها : أنه يلزمه الدفع عن نفس غيره على الصحيح من المذهب . ذكره القاضي ، وغيره ، وقدمه في الفروع ، وغيره . وكإحيائه ببذل طعامه . ذكره القاضي ، وغيره أيضا ، واختار صاحب الرعاية : يلزمه مع ظن سلامة الدافع . كذا ماله مع ظن سلامتهما . وذكر جماعة : يجوز مع ظن سلامتهما ، وإلا حرم . وقيل في جوازه عنهما وعن حرمته : روايتان . نقل حرب الوقف في مال غيره . ونقل أحمد الترمذي ، وغيره : لا يقاتله ; لأنه لم يبح له قتله لمال غيره . وأطلق صاحب التبصرة ، والشيخ تقي الدين : لزومه عن مال غيره .

قال في التبصرة : فإن أبي أعلم مالكه . فإن عجز : لزمته إعانته . وتقدم كلامه في الفصول ، وجزم أبو المعالي بلزوم دفع حربي وذمي عن نفسه ، وبإباحته عن ماله وحرمته وعبد غيره وحرمته وأن في إباحته عن مال غيره وصلاة خوف لأجله : روايتين . ذكرهما ابن عقيل . وقال في المذهب : وهل يجوز لغير المطلوب أن يدفع عنه من أراد نفسه ، أو يجب ؟ على وجهين . أما دفع الإنسان عن مال غيره : فيجوز ، ما لم يفض إلى الجناية على نفس الطالب أو شيء من أعضائه ، انتهى . [ ص: 307 ] ومنها : لو ظلم ظالم ، فنقل ابن أبي حرب : لا يعينه حتى يرجع عن ظلمه . ونقل الأثرم : لا يعجبني أن يعينوه ، أخشى أن يجترئ يدعوه حتى ينكسر . واقتصر عليهما الخلال وصاحبه وسأله صالح فيمن يستغيث به جاره ؟ قال : يكره أن يخرج إلى صيحة بالليل ، لأنه لا يدري ما يكون . قال في الفروع : وظاهر كلام الأصحاب فيهما خلافه . وهو أظهر في الثانية . انتهى .

قوله ( وسواء كان الصائل آدميا أو بهيمة ) وهذا المذهب . قال المصنف والشارح : الأولى من الروايتين في البهيمة : وجوب الدفع إذا أمكنه ، كما لو خاف من سيل أو نار ، وأمكنه أن يتنحى عن ذلك . وإن أمكنه الهرب : فالأولى يلزمه . وقال في الترغيب : البهيمة لا حرمة لها فيجب . قال في الفروع : وما قاله في البهيمة متجه .

فائدة : لو قتل البهيمة حيث قلنا له قتلها فلا ضمان عليه على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب . وتقدم ذلك في أواخر " الغصب " في كلام المصنف قال في القواعد الأصولية : هكذا جزم به الأصحاب في " باب الصائل " فيما وقفت عليه من كتبهم . وقال أبو بكر عبد العزيز في التنبيه : إذا قتل صيدا صائلا عليه ، فعليه الجزاء .

التالي السابق


الخدمات العلمية