الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وكل ما وجد فيه سبب الموت كالمنخنقة ، والمتردية ، والنطيحة ، وأكيلة السبع إذا أدرك ذكاتها ، وفيها حياة مستقرة أكثر من حركة المذبوح : حلت . وإن صارت حركتها كحركة المذبوح : لم تحل ) . هكذا قال في الرعاية الكبرى ، وتذكرة ابن عبدوس . [ ص: 397 ] قال الشيخ تقي الدين رحمه الله ، وقيل : تزيد على حركة المذبوح . وقال في الفروع : وما أصابه سبب الموت من منخنقة ، وموقوذة ، ومتردية ونطيحة ، وأكيلة سبع فذكاه ، وحياته يمكن زيادتها : حل . وقيل : بشرط تحركه بيد أو طرف عين ، ونحوه . وقيل : أو لا . انتهى . وقال في المحرر ، والنظم ، والوجيز ، والمنور ، وغيرهم : إذا أدرك ذكاة ذلك وفيه حياة يمكن أن تزيد على حركة المذبوح : حل ، بشرط أن يتحرك عند الذبح ولو بيد ، أو رجل ، أو طرف عين ، أو مصع ذنب ونحوه . فهذا موافق للقول الأول الذي ذكره في الفروع .

وقيل : لا يشترط تحركه إذا كانت فيه حياة مستقرة أكثر من حركة المذبوح وهو ظاهر كلام المصنف ، وكثير من الأصحاب ، وقدمه في الرعاية . وقال في المغني : والصحيح أنها إذا كانت تعيش زمنا يكون الموت بالذبح أسرع منه : حلت بالذبح . وأنها متى كانت مما لا يتيقن موتها كالمريضة أنها متى تحركت وسال دمها : حلت . انتهى . ونقل الأثرم ، وجماعة : ما علم موته بالسبب : لم يحل . وعنه : ما يمكن أن يبقى معظم اليوم : يحل . وما يعلم موته لأقل منه : فهو في حكم الميت ، وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، وقدمه في الرعاية الصغرى ، والحاوي الكبير . ذكروه في " باب الصيد " . وعنه : يحل إذا ذكي قبل موته . ذكره أبو الحسين ، واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله . [ ص: 398 ] وفي كتاب الأدمي البغدادي : يشترط حياة يذهبها الذبح ، جزم به في منتخبه واختاره أبو محمد الجوزي . وعنه : إن تحرك . ذكرها في المبهج .

ونقله عبد الله ، والمروذي ، وأبو طالب . وعنه : ما يتيقن أنه يموت من السبب : حكمه حكم الميتة مطلقا ، اختاره ابن أبي موسى . قاله الزركشي . وقال في الترغيب : لو ذبح وشك في الحياة المستقرة ، ووجد ما يقارب الحركة المعهودة في التذكية المعتادة : حل في المنصوص . قال : وأصحابنا قالوا : الحياة المستقرة ما جاز بقاؤها أكثر اليوم . وقالوا : إذا لم يبق فيه إلا حركة المذبوح : لم يحل . فإن كان التقييد بأكثر اليوم صحيحا : فلا معنى للتقييد بحركة المذبوح للحظر . وكذا بعكسه . فإن بينهما أمدا بعيدا . قال : وعندي أن الحياة المستقرة : ما ظن بقاؤها زيادة على أمد حركة المذبوح لمثله سوى أمد الذبح . قال : وما هو في حكم الميت كمقطوع الحلقوم ومبان الحشوة : فوجودها كعدم على الأصح . انتهى . وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله : الأظهر أنه لا يشترط شيء من هذه الأقوال المتقدمة ، بل متى ذبح ، فخرج منه الدم الأحمر الذي يخرج من المذكى المذبوح في العادة ، ليس هو دم الميت : فإنه يحل أكله ، وإن لم يتحرك . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية