الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( السنة أن يقف المأمومون خلف الإمام فإن وقفوا قدامه لم تصح ) هذا المذهب بلا ريب ، وعليه جماهير الأصحاب ، وقطع به كثير منهم ، وذكر الشيخ تقي الدين وجها قالوه : وتصح مطلقا قال في الفروع : والمراد وأمكن الاقتداء وهو متجه . انتهى . وقيل : تصح في الجمعة والعيد والجنازة ونحوها له لعذر . اختاره الشيخ تقي الدين ، وقال : من تأخر بلا عذر ، فلما أذن جاء فصلى ، قدامه عذر ، واختاره في الفائق ، وقال : قلت وهو مخرج من تأخر المرأة في الإمامة . انتهى .

قلت : وفيه نظر .

تنبيهان . أحدهما : ظاهر قوله " فإن وقفوا قدامه لم تصح " أن عدم الصحة متعلق بالمأموم فقط فلا تبطل صلاة الإمام ، وهو صحيح ، وهو المذهب قدمه في الرعايتين ، وقيل : تبطل أيضا ، وأطلقهما في الحاويين ، وابن تميم ، والفروع ، وقال في النكت : الأولى أن يقال : إن نوى الإمامة من يصلي قدامه ، مع علمه ، لم تنعقد صلاته ، أو لو نوت المرأة الإمامة بالرجال ; لأنه لا يشترط أن ينوي الإمامة بمن يصح اقتداؤه به ، وإن نوى الإمامة ظنا واعتقادا أنهم يصلون خلفه فصلوا قدامه ، انعقدت صلاته ، عملا بظاهر الحال . كما لو نوى الإمامة من عادته حضور جماعة عنده على ما تقدم . [ ص: 281 ] الثانية : أطلق المصنف هنا : عدم صحة الصلاة قدام الإمام ، ومراده غير حول الكعبة فإنه إذا استداروا حول الكعبة ، والإمام منها على ذراعين ، والمقابلون له على ذراع صحت صلاتهم نص عليه قال المجد في شرحه لا أعلم فيه خلافا قال أبو المعالي ، وابن منجا : صحت إجماعا قال القاضي في الخلاف : أومأ إليه في رواية أبي طالب . انتهى .

هذا إذا كان في جهات أما إن كان في جهة ، فلا يجوز تقدم المأموم عليه ، على الصحيح من المذهب ، وقيل : يجوز ، وهو من المفردات ، وقال أبو المعالي : إن كان خارج المسجد بينه وبين الكعبة مسافة فوق بقية جهات المأمومين فهل يمنع الصحة ، كالجهة الواحدة أم لا ؟ على وجهين ، ومراده أيضا : صلاة الخوف في شدة الخوف ، فإنها تنعقد مع إمكان المتابعة ، ويعفى عن التقدم على الإمام نص عليه الأصحاب منهم صاحب الفروع ، والرعايتين ، والحاويين ، والمصنف ، والشارح وغيرهم ، وقال في الفصول : يحتمل أن يعفى ، ولو لم يذكره غيره .

قال ابن حامد : لا تنعقد ورجحه المصنف ، وتقدم أول الباب ، وقال في صلاة الخوف ، ومراده : إذا لم يكن داخل الكعبة ، فلو كان داخلها فجعل ظهره إلى ظهر إمامه صحت إمامته به ، لأنه لم يعتقد خطأه ، وإن جعل ظهره إلى وجه إمامه لم تصح ، لأنه مقدم عليه ، وإن تقابلا منها صحت على الصحيح من المذهب قال في الفروع : صحت في الأصح وجزم به أبو المعالي وابن منجا ، وهو من المفردات ، وقيل : لا تصح . وأطلقهما في الفائق ، والرعايتين ، والحاويين ، وابن تميم ، ومجمع البحرين ، والتلخيص .

التالي السابق


الخدمات العلمية