الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو سها عن القعود الأخير ) كله أو بعضه ( عاد ) ويكفي كون كلا الجلستين قدر التشهد ( ما لم يقيدها بسجدة ) لأن ما دون الركعة محل الرفض وسجد للسهو لتأخير القعود ( وإن قيدها ) بسجدة عامدا أو ناسيا أو ساهيا أو مخطئا ( تحول فرضه نفلا برفعه ) الجبهة عند محمد ، [ ص: 86 ] وبه يفتى لأن تمام الشيء بآخره ، فلو سبقه الحدث قبل رفعه توضأ وبنى خلافا لأبي يوسف ، حتى قال : زه ، صلاة فسدت أصلحها الحدث ، والعبرة للإمام ، حتى لو عاد ولم يعلم به القوم حتى سجدوا لم تفسد صلاتهم ما لم يتعمدوا السجود .

وفيه يلغز : أي مصل ترك القعود الأخير وقيد الخامسة بسجدة ولم يبطل فرضه ؟ ( وضم سادسة ) ولو في العصر والفجر [ ص: 87 ] ( إن شاء ) لاختصاص الكراهة والإتمام بالقصد ( ولا يسجد للسهو على الأصح ) لأن النقصان بالفساد لا ينجبر

التالي السابق


( قوله ولو سها عن القعود الأخير ) أراد به القعود المفروض أو ما كان آخر الصلاة ، فيشمل نحو الفجر ، أفاده في البحر .

( قوله كله أو بعضه ) كما لو جلس جلسة خفيفة أقل من قدر التشهد وإذا عاد احتسبت له الجلسة الأولى ، حتى لو كانت كلتا الجلستين بقدر التشهد ثم تكلم جازت صلاته بحر .

( قوله ما لم يقيدها ) أي الركعة التي قام إليها ، واحترز به عما إذا سجد لها بلا ركوع فإنه يعود لعدم الاعتداد بهذا السجود كما في النهر ، ومقتضاه أنه لا بد من أن يكون قد قرأ فيها . وفي الخلاصة خلافه ، ولذا استشكله في البحر بأن الركعة في النفل بلا قراءة غير صحيحة ، فكانت زيادة ما دون ركعة وهو غير مفسد . قال في النهر : إلا أن يفرق بأنه قد عهد إتمام الركعة بلا قراءة كما في المقتدي ، بخلاف الخالية عن الركوع .

( قوله وسجد للسهو ) لم يفصل بين ما إذا كان إلى القعود أقرب أو لا ، وكان ينبغي أن لا يسجد فيما إذا كان إليه أقرب كما في الأولى لما سبق . قال في الحواشي السعدية : ويمكن أن يفرق بينهما بأن القريب من القعود وإن جاز أن يعطى له حكم القاعد إلا أنه ليس بقاعد حقيقة ، فاعتبر جانب الحقيقة فيما إذا سها عن القعدة الثانية وأعطي حكم القاعد في السهو عن الأولى إظهارا للتفاوت بين الواجب والفرض نهر .

( قوله لتأخير القعود ) علل في الهداية بأنه أخر واجبا فقالوا : أراد به القطعي وهو الفرض ، يعني القعود الأخير ، وهو أولى من حمله على معناه المشهور وكون المراد به السلام أو التشهد وإلا أشكل الفرق المار كما نبه عليه في النهر .

( قوله عامدا أو ناسيا ) أشار إلى ما في البحر من أنه لا فرق في عدم البطلان عند العود قبل السجود والبطلان إن قيد بالسجود بين العمد والسهو ، ولذا قال في الخلاصة : فإن قام إلى الخامسة عامدا أيضا لا تفسد ما لم يقيد الخامسة بالسجدة عندنا ( قوله عند محمد ) ظاهره أنه راجع لكل المتن ، فيكون محمد قائلا بتحولها نفلا ، وليس كذلك لبطلان الفريضة ، وكلما بطل الفرض عنده بطل الأصل ، فتعين أن يكون راجعا لقوله برفعه ، فيكون المتن اختار قول أبي حنيفة وأبي يوسف في عدم بطلان الأصل [ ص: 86 ] وقول محمد إن السجدة لا تتم إلا بالرفع . ا هـ . ح . وعليه فضم السادسة مبني على قولهما فقط كما نص عليه في الحلية والبدائع ، معللا ببطلان التحريمة عند محمد ، والإيهام الواقع في كلام الشارح واقع في كلام المصنف أيضا فالأحسن قول الكنز : بطل فرضه برفعه وصارت نفلا ; فقوله برفعه متعلق بقوله بطل .

( قوله لأن تمام الشيء بآخره ) أي والرفع آخر السجدة ، إذ الشيء إنما ينتهي بضده ، ولذا لو سجد قبل إمامه فأدركه إمامه فيه جاز ، ولو تمت بالوضع لما جاز لأن كل ركن أداه قبل الإمام لا يجوز بحر .

( قوله فلو سبقه الحدث ) أي في مسألة المتن وهذا بيان لثمرة الخلاف في أن السجدة هل تتم بالوضع أو بالرفع ( قوله توضأ وبنى ) لأنه بالحدث بطلت السجدة فكأنه لم يسجد فيتوضأ ويبني لإتمام فرضه إمداد .

( قوله حتى قال إلخ ) وذلك لما عرض قول محمد فيها على قول أبي يوسف قال : زه صلاة فسدت يصلحها الحدث ، وهي بكسر الزاي وسكون الهاء : كلمة تقولها الأعاجم عند استحسان الشيء ، وإنما قالها أبو يوسف على سبيل التهكم والتعجب شرح المنية ، وقيل الصواب بالضم والزاي ليست بخالصة بحر عن المغرب ، وقوله فسدت : أي قاربت الفساد ، أو سماها أبو يوسف فاسدة بناء على مذهبه ( قوله والعبرة للإمام ) أي في العود قبل التقييد وفي عدمه ط .

( قوله لم تفسد صلاتهم ) لأنه لما عاد الإمام إلى القعدة ارتفض ركوعه فيرتفض ركوع القوم أيضا تبعا له لأنه مبني عليه ، فبقي لهم زيادة سجدة وذلك لا يفسد الصلاة بحر عن المحيط ، وهذا إنما يظهر لو ركع الإمام ; فلو عاد قبل الركوع وركع القوم وسجدوا فسدت لزيادتهم ركعة على ما يظهر . وفي الفتح : ولا يتابعونه إذا قام ، وإذا عاد لا يعيدون التشهد ط ( قوله ما لم يتعمدوا السجود ) قيد به لما في المجتبى : لو عاد الإمام إلى القعود قبل السجود وسجد المقتدي عمدا تفسد ، وفي السهو خلاف والأحوط الإعادة ا هـ بحر .

أقول : مقتضى التعليل المار بارتفاض ركوع القوم بارتفاض ركوع الإمام أنه لا فرق بين العمد وغيره فليتأمل .

[ تتمة ] يتفرع أيضا على قوله والعبرة للإمام ما في البحر عن الخانية : لو تشهد المقتدي وسلم قبل أن يقيد الخامسة بالسجدة ثم قيدها بها فسدت صلاتهم جميعا ( قوله ولو في العصر والفجر ) بناء على أن المراد بالسادسة ركعة زائدة ، وإلا فهي في الفجر رابعة ; وأتى بالمبالغة للرد على ما في السراج من استثناء العصر ، وما في قاضي خان من استثناء الفجر لكراهة التنفل بعدهما . واعترضهما في البحر بأنه في المسألة الآتية إذا قعد على الرابعة وقيد الخامسة بسجدة يضم سادسة ولو في الأوقات المكروهة ، ولا فرق بينهما . ا هـ .

وأورد في النهر أيضا أنه إذا لم يقعد وبطل فرضه كيف لا يضم في العصر ولا كراهة في التنفل قبله ؟ ثم أجاب بأنه يمكن حمله على ما إذا كان يقضي عصرا أو ظهرا بعد العصر .

[ تنبيه ] لم يصرح بالمغرب كما صرح بالفجر والعصر مع أنه صرح به القهستاني ، ومقتضاه أنه يضم إلى الرابعة خامسة ، لكن في الحلية : لا يضم إليها أخرى لنصهم على كراهة التنفل قبلها ، وعلى كراهته بالوتر مطلقا . ا هـ .

قلت : ومقتضاه أنه إذا سجد للرابعة يسلم فورا ولا يقعد لها لئلا يصير متنفلا قبل المغرب . وقد يجاب بما يشير [ ص: 87 ] إليه الشارح بأن الكراهة مختصة بالتنفل المقصود ، فلا ضرورة إلى قطع الصلاة بالسلام ; وأما أنه لا يضم إليها خامسة ، فظاهر لئلا يكون تنفلا بالوتر فالأوجه عدم ذكر المغرب كما فعل الشارح . ثم رأيت في الإمداد قال : وسكت عن المغرب لأنها صارت أربعا فلا يضم فيها .

( قوله إن شاء ) أشار إلى أن الضم غير واجب بل هو مندوب كما في الكافي تبعا للمبسوط ، وفي الأصل ما يفيد الوجوب ، والأول أظهر كما في البحر ( قوله لاختصاص الكراهة إلخ ) جواب عما قد يقال إن التنفل بعد العصر والفجر مكروه وفي غيرهما وإن لم يكره ، لكن يجب إتمامه بعد الشروع فيه ، فكيف قلت : ولو بعد العصر والفجر ، وقلت إنه مخير إن شاء ضم وإلا فلا ؟ والجواب أنه لم يشرع في هذا النفل قصدا ، وما ذكرته من الكراهة ووجوب الإتمام خاص بالتنفل قصدا ، لكن الضم هنا خلاف الأولى كما يأتي ما يفيده ( قوله لأن النقصان ) أي الحاصل بترك القعدة لا ينجبر بسجود السهو .

فإن قلت : إنه وإن فسد فرضا فقد صح نفلا ومن ترك القعدة في النفل ساهيا وجب عليه سجود السهو فلماذا لم يجب عليه السجود نظرا لهذا الوجه . قلت : إنه في حال ترك القعدة لم يكن نفلا ، إنما تحققت النفلية بتقييد الركعة بسجدة والضم ; فالنفلية عارضة ط




الخدمات العلمية