الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ويمنع زوجها من غسلها ومسها لا من النظر إليها على الأصح ) منية .

وقالت الأئمة الثلاثة : يجوز لأن عليا غسل فاطمة رضي الله عنها .

قلنا : هذا محمول على بقاء الزوجية لقوله عليه الصلاة والسلام { كل سبب ونسب ينقطع بالموت إلا سببي ونسبي } مع أن بعض الصحابة أنكر عليه شرح المجمع للعيني ( وهي لا تمنع من ذلك ) [ ص: 199 ] ولو ذمية بشرط بقاء الزوجية ( بخلاف أم الولد ) والمدبرة والمكاتبة فلا يغسلونه ولا يغسلهن على المشهور مجتبى .

( والمعتبر ) في الزوجية ( صلاحيتها لغسله حالة الغسل لا ) حالة ( الموت فتمنع من غسله لو ) بانت قبل موته أو ( ارتدت بعده ) ثم أسلمت ( أو مست ابنه بشهوة ) لزوال النكاح ( وجاز لها ) غسله ( لو أسلم ) زوج المجوسية ( فمات فأسلمت ) بعده لحل مسها حينئذ اعتبارا بحالة الحياة .

التالي السابق


( قوله ويمنع زوجها إلخ ) أشار إلى ما في البحر من أن من شرط الغاسل أن يحل له النظر إلى المغسول فلا يغسل الرجل المرأة وبالعكس . ا هـ . وسيأتي ما إذا ماتت المرأة بين رجال أو بالعكس والظاهر أن هذا شرط لوجوب الغسل أو لجوازه لا لصحته ( قوله لا من النظر إليهما على الأصح ) عزاه في المنح إلى القنية ، ونقل عن الخانية أنه إذا كان للمرأة محرم يممها بيده وأما الأجنبي فبخرقة على يده ويغض بصره عن ذراعها وكذا الرجل في امرأته إلا في غض البصر ا هـ ولعل وجهه أن النظر أخف من المس فجاز لشبهة الاختلاف والله أعلم ( قوله قلنا إلخ ) قال في شرح المجمع لمصنفه فاطمة رضي الله تعالى عنها غسلتها أم أيمن حاضنته صلى الله عليه وسلم ورضي عنها فتحمل رواية الغسل لعلي رضي الله تعالى عنه على معنى التهيئة والقيام التام بأسبابه ، ولئن ثبتت الرواية فهو مختص به ، ألا ترى { أن ابن مسعود رضي الله عنه لما اعترض عليه بذلك أجابه بقوله : أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن فاطمة زوجتك في الدنيا والآخرة } فادعاؤه الخصوصية دليل على أن المذهب عندهم عدم الجواز ا هـ . مطلب في حديث { كل سبب ونسب منقطع إلا سببي ونسبي }

قلت : ويدل على الخصوصية أيضا الحديث الذي ذكره الشارح وفسر بعضهم السبب فيه بالإسلام والتقوى ، والنسب بالانتساب ولو بالمصاهرة والرضاع ، ويظهر لي أن الأولى كون المراد بالسبب القرابة السببية كالزوجية والمصاهرة وبالنسب القرابة النسبية لأن سببية الإسلام والتقوى لا تنقطع عن أحد فبقيت الخصوصية في سببه ونسبه صلى الله عليه وسلم ولهذا قال عمر رضي الله تعالى عنه : فتزوجت أم كلثوم بنت علي لذلك .

وأما قوله تعالى { فلا أنساب بينهم } فهو مخصوص بغير نسبه صلى الله عليه وسلم النافع في الدنيا والآخرة ، وأما حديث { لا أغني عنكم من الله شيئا } أي أنه لا يملك ذلك إلا إن ملكه الله تعالى فإنه ينفع الأجانب بشفاعته لهم بإذن الله تعالى فكذا الأقارب وتمام الكلام على ذلك في رسالتنا [ العلم الظاهر في نفع النسب الطاهر ] ( قوله وهي لا تمنع من ذلك ) أي من تغسيل زوجها دخل بها أو لا كما في المعراج ومثله في البحر عن المجتبى .

[ ص: 199 ] قلت : أي لأنها تلزمها عدة الوفاة ، ولو لم يدخل بها ، وفي البدائع : المرأة تغسل زوجها ; لأن إباحة الغسل مستفادة بالنكاح ، فتبقى ما بقي النكاح ، والنكاح بعد الموت باق إلى أن تنقضي العدة بخلاف ما إذا ماتت فلا يغسلها لانتهاء ملك النكاح لعدم المحل فصار أجنبيا ، وهذا إذا لم تثبت البينونة بينهما في حال حياة الزوج ، فإن ثبتت بأن طلقها بائنا ، أو ثلاثا ثم مات لا تغسله لارتفاع الملك بالإبانة إلخ .

( قوله ولو ذمية ) الأولى ، ولو كتابية للاحتراز عن المجوسية إذا أسلم زوجها فمات لا تغسله كما في البحر إلا إذا أسلمت كما يأتي ( قوله : بشرط بقاء الزوجية ) أي إلى وقت الغسل ، ويأتي محترزه ( قوله فلا يغسلونه ) تبع فيه النهر والصواب يغسلنه ط ، وهو كذلك في بعض النسخ ، ووجه ذلك أن أم الولد لا يبقى فيها الملك ببقاء العدة لأن الملك فيها يمين ، وهي تعتق بموته ، والحرية تنافي ملك اليمين ، بخلاف المنكوحة المعتدة فإن حريتها لا تنافي ملك النكاح حال الحياة ، وأما المدبرة فلأنها تعتق ولا عدة عليها فلا تغسله بالأولى وكذا الأمة لأنها زالت عن ملكه بالموت إلى الورثة ولا يباح لأمة الغير مس عورته بدائع ملخصا ، وأما المكاتبة فلأنها صارت بعقد الكتابة حرة يدا حالا ، ورقبة مآلا أي عند الأداء ولذا حرم عليه وطؤها في حياته وغرم عقرها كما يأتي في بابه إن شاء الله - تعالى ( قوله : ولا يغسلهن ) لأن الملك يبطل بموت محله ( قوله في الزوجية ) لم يظهر وجه في تقدير الشارح الزوجية كما قال ح : وقال ط : صوابه في الزوجة لأن الصلاحية للزوجة لا للزوجية ا هـ والأحسن التعبير بما في المعراج والبحر وغيرهما ، وهو أنه يشترط بقاء الزوجية عند الغسل ، وبه يظهر التفريع بما زاده الشارح ( قوله : ولو بانت قبل موته ) أي بأي سبب من الأسباب بردتها أو بتمكينها ابنه أو طلاق فإنها لا تغسله وإن كانت في العدة فتح أي لعدم بقاء الزوجية عند الغسل ، ولا عند الموت . واحترز عما لو طلقها رجعيا ثم مات في عدتها فإنها تغسله لأنه لا يزيل ملك النكاح بدائع ( قوله بعده ) أي بعد موته ( قوله لزوال النكاح ) لأن النكاح كان قائما بعد الموت فارتفع بالردة وبالمس بشهوة الموجب تحريم الممسوسة على أصول الماس وفروعه ، ولو كان المعتبر بقاء الزوجية حالة الموت كما قال به زفر لجاز لها تغسيله ( قوله وجاز لها إلخ ) الأولى في حل التركيب أن يقول : وجاز لامرأة المجوسي تغسيله لو أسلم إلخ ح ( قوله اعتبارا بحالة الحياة ) فإنه لو أسلمت بعده وكان حيا يبقى النكاح ويحل المس فكذا إذا أسلمت بعد موته




الخدمات العلمية