الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وشرطها ) ستة ( إسلام الميت وطهارته ) ما لم يهل عليه التراب فيصلى على قبره بلا غسل ، وإن صلى عليه أولا استحسانا [ ص: 208 ] وفي القنية الطهارة من النجاسة في ثوب وبدن ومكان ، وستر العورة شرط في حق الميت والإمام جميعا ; فلو أم بلا طهارة والقوم بها أعيدت وبعكسه لا كما لو أمت امرأة ولو أمة لسقوط فرضها بواحد وبقي من الشروط بلوغ الإمام تأمل وشرطها أيضا حضوره ( ووضعه ) وكونه هو أو أكثره ( أمام المصلي ) وكونه للقبلة [ ص: 209 ] فلا تصح على غائب ومحمول على نحو دابة وموضوع خلفه ، لأنه كالإمام من وجه دون وجه لصحتها على الصبي وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي لغوية أو خصوصية . وصحت لو وضعوا الرأس موضع الرجلين وأساءوا إن تعمدوا ، ولو أخطئوا القبلة صحت إن تحروا وإلا لا مفتاح السعادة .

التالي السابق


( قوله : وشرطها ) أي شرط صحتها وأما شروط وجوبها فهي شروط بقية الصلوات من القدرة والعقل والبلوغ والإسلام مع زيادة العلم بموته تأمل ( قوله ستة ) ثلاثة في المتن وثلاثة في الشرح ، وهي : ستر العورة ، وحضور الميت ، وكونه أو أكثره أمام المصلي ، وزاد أيضا سابعا : وهو بلوغ الإمام ، ثم هذه الشروط راجعة إلى الميت ، وأما الشروط التي ترجع إلى المصلي فهي شروط بقية الصلوات من الطهارة الحقيقية بدنا وثوبا ومكانا والحكمية وستر العورة والاستقبال والنية سوى الوقت ( قوله إسلام الميت ) أي ولو بطريق التبعية لأحد أبويه أو للدار أو للسابي كما سيأتي والمراد بالميت من مات بعد ولادته حيا لا لبغي أو قطع طريق أو مكابرة في مصر أو قتل لأحد أبويه أو قتل لنفسه كما يأتي بيان ذلك كله ( قوله : ما لم يهل عليه التراب ) أما لو دفن بلا غسل ولم يهل عليه التراب فإنه يخرج ويغسل ويصلى عليه جوهرة ( قوله فيصلى على قبره بلا غسل ) أي قبل أن يتفسخ كما سيأتي عند قول المصنف : وإن دفن بلا صلاة . هذا ، وذكر في البحر هناك أن الصلاة عليه إذا دفن بلا غسل رواية ابن سماعة عن محمد ، وأنه صحح في غاية البيان معزيا إلى القدوري وصاحب التحفة أنه لا يصلى على قبره لأنها بلا غسل غير مشروعة رملي ويأتي تمام الكلام عليه .

( قوله وإن صلي عليه أولا ) أي ثم تذكروا أنه دفن بلا غسل ( قوله استحسانا ) [ ص: 208 ] لأن تلك الصلاة لم يعتد بها لترك الطهارة مع الإمكان والآن زال الإمكان وسقطت فريضة الغسل جوهرة ( قوله وفي القنية إلخ ) مثله في المفتاح والمجتبى معزيا إلى التجريد إسماعيل ، لكن في التتارخانية سئل قاضي خان عن طهارة مكان الميت هل تشترط لجواز الصلاة عليه ؟ قال إن كان الميت على الجنازة لا شك أنه يجوز ، وإلا فلا رواية لهذا وينبغي الجواز ، وهكذا أجاب القاضي بدر الدين ا هـ . وفي ط عن الخزانة إذا تنجس الكفن بنجاسة الميت لا يضر دفعا للحرج بخلاف الكفن المتنجس ابتداء . ا هـ . وكذا لو تنجس بدنه بما خرج منه إن كان قبل أن يكفن غسل وبعده لا كما قدمناه في الغسل فيقيد ما في القنية بغير النجاسة الخارجة من الميت ( قوله أعيدت ) لأنه لا صحة لها بدون الطهارة وإذا لم تصح صلاة الإمام لم تصح صلاة القوم بحر ( قوله : وبعكسه لا ) أي لا تعاد لصحة صلاة الإمام وإن لم تصح صلاة من خلفه ( قوله كما لو أمت امرأة ) أي أمت رجلا فإن صلاتها تصح ، وإن لم يصح الاقتداء بها ( قوله : ولو أمة ) ساقط من بعض النسخ ( قوله لسقوط فرضها بواحد ) أي بشخص واحد رجلا كان أو امرأة ، فهو تعليل لمسألة العكس ومسألة المرأة . قال في البحر والحلية وبهذا تبين أنه لا تجب صلاة الجماعة فيها ا هـ ومثله في البدائع ( قوله وبقي من الشروط بلوغ الإمام ) الأولى ذكر ذلك بعد تمام الشروط لأنه شرط سابع زائد على الستة فافهم وإنما أمر بالتأمل لأنه مذكور بحثا لا نقلا

مطلب هل يسقط فرض الكفاية بفعل الصبي ؟

قال الإمام الأسروشني في كتاب أحكام الصغار : الصبي إذا غسل الميت جاز وإذا أم في صلاة الجنازة ينبغي أن لا يجوز ، وهو الظاهر لأنها من فروض الكفاية ، وهو ليس من أهل أداء الفرض ، ولكن يشكل برد السلام إذا سلم على قوم فرد صبي جواب السلام . ا هـ .

أقول : حاصله أنها لا تسقط عن البالغين بفعله لأن صلاتهم لم تصح لفقد شروط الاقتداء وهو بلوغ الإمام وصلاته ، وإن صحت لنفسه لا تقع فرضا لأنه ليس من أهله ، وعليه فلو صلى وحده لا يسقط الفرض عنهم بفعله ، بخلاف المرأة لو صلت إماما أو وحدها كما مر ، لكن يشكل على ذلك مسألة السلام ، وكذا جواز تغسيله للميت مع أنه فرض أيضا ، وقدمنا عن التحرير قريبا استشكال سقوط الصلاة بفعله . وعن شارحه أنه لم يره وأن ظاهر أصول المذهب عدم السقوط ، لكن نقل في الأحكام عن جامع الفتاوى سقوطها بفعلها كرد السلام ، ونقل بعده عن السراجية أنه يشترط بلوغه .

قلت : يمكن حمل الثاني على أن البلوغ شرط لكونه إماما ، فلا ينافي السقوط بفعله كما في التغسيل ورد السلام ، وكونه ليس من أهل أداء الفرض لا ينافي ذلك ، كما حققناه في باب الإمامة عند قوله : ولا يصح اقتداء رجل بامرأة فراجعه ( قوله حضوره ) أي كله أو أكثره كالنصف مع الرأس كما مر ( قوله ووضعه ) أي على الأرض ، أو على الأيدي قريبا منها ( قوله : وكونه هو أو أكثره أمام المصلي ) المناسب ذكر قوله هو أو أكثره بعد قوله حضوره لأنه احتراز عن كونه خلفه مع أنه يوهم اشتراط محاذاته للميت أو أكثره وليس كذلك ، فقد ذكر القهستاني عن التحفة أن ركنها القيام ومحاذاته إلى جزء من أجزاء الميت ا هـ لكن فيه نظر ، بل الأقرب كون المحاذاة [ ص: 209 ] شرطا فيزاد على السبعة المذكورة ، ثم هذا ظاهر إذا كان الميت واحدا ، وإلا فيحاذي واحدا منهم بدليل ما سيأتي من التخيير في وضعهم صفا طولا أو عرضا تأمل ثم رأيته في ط .

ثم قال : إن هذا ظاهر في الإمام لأن صف المؤتمين قد يخرج عن المحاذاة ( قوله فلا تصح ) بيان لمحترزات الشروط الثلاثة الأخيرة على اللف والنشر المرتب ( قوله على نحو دابة ) أي كمحمول على أيدي الناس ، فلا تجوز في المختار إلا من عذر إمداد عن الزيلعي ، وهذا لو حملت على الأيدي ابتداء ; أما لو سبق ببعض التكبيرات فإنه يأتي بعد سلام الإمام بما فاته ، وإن رفعت على الأيدي قبل أن توضع على الأكتاف كما سيأتي ( قوله : لأنه كالإمام من وجه ) لاشتراط هذه الشروط وعدم صحتها بفقدها أو فقد بعضها ( قوله : لصحتها على الصبي ) أي والمرأة ، وهذا علة لقوله دون وجه ; إذ لو كان إماما من كل وجه لما صحت على الصبي ونحوه ( قوله على النجاشي ) بتشديد الياء وبتخفيفها أفصح وتكسر نونها ، أو هو أفصح : ملك الحبشة اسمه أصحمة قاموس . وذكر في المغرب أنه بتخفيف الياء سماعا من الثقات ، وأن تشديد الجيم فيه خطأ ، وأن السين في أصحمة تصحيف ( قوله لغوية ) أي المراد بها مجرد الدعاء وهو بعيد ( قوله أو خصوصية ) أو لأنه رفع سريره حتى رآه عليه الصلاة والسلام بحضرته فتكون صلاة من خلفه على ميت يراه الإمام وبحضرته دون المأمومين ، وهذا غير مانع من الاقتداء فتح . واستدل لهذين الاحتمالين بما لا مزيد عليه فارجع إليه ، من جملة ذلك أنه توفي خلق كثير من أصحابه صلى الله عليه وسلم من أعزهم عليه القراء ، ولم ينقل عنه أنه صلى عليهم مع حرصه على ذلك حتى قال { لا يموتن أحد منكم إلا آذنتموني به فإن صلاتي عليه رحمة له } ( قوله وصحت لو وضعوا إلخ ) كذا في البدائع ، وفسره في شرح المنية معزيا للتتارخانية بأن وضعوا رأسه مما يلي يسار الإمام ا هـ فأفاد أن السنة وضع رأسه مما يلي يمين الإمام كما هو المعروف الآن ، ولهذا علل في البدائع للإساءة بقوله لتغييرهم السنة المتوارثة ، ويوافقه قول الحاوي القدسي : يوضع رأسه مما يلي المستقبل ، فما في حاشية الرحمتي من خلاف هذا فيه نظر فراجعه




الخدمات العلمية