الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( من قتل نفسه ) ولو ( عمدا يغسل ويصلى عليه ) به يفتى وإن كان أعظم وزرا من قاتل غيره . ورجح الكمال قول الثاني بما في مسلم { أنه عليه الصلاة والسلام أتي برجل قتل نفسه فلم يصل عليه } .

التالي السابق


( قوله به يفتى ) لأنه فاسق غير ساع في الأرض بالفساد ، وإن كان باغيا على نفسه كسائر فساق المسلمين زيلعي ( قوله : ورجح الكمال قول الثاني إلخ ) أي قول أبي يوسف : إنه يغسل ، ولا يصلى عليه إسماعيل عن خزانة الفتاوى . وفي القهستاني والكفاية وغيرهما عن الإمام السعدي : الأصح عندي أنه لا يصلى عليه لأنه لا توبة له . قال في البحر : فقد اختلف التصحيح ، لكن تأيد الثاني بالحديث . ا هـ .

أقول : قد يقال : لا دلالة في الحديث على ذلك لأنه ليس فيه سوى { أنه عليه الصلاة والسلام لم يصل عليه } فالظاهر أنه امتنع زجرا لغيره عن مثل هذا الفعل كما امتنع عن الصلاة على المديون ، ولا يلزم من ذلك عدم [ ص: 212 ] صلاة أحد عليه من الصحابة ; إذ لا مساواة بين صلاته وصلاة غيره . قال تعالى { إن صلاتك سكن لهم } ثم رأيت في شرح المنية بحثا كذلك ، وأيضا فالتعليل بأنه لا توبة له مشكل على قواعد أهل السنة والجماعة لإطلاق النصوص في قبول توبة العاصي ، بل التوبة من الكفر مقبولة قطعا وهو أعظم وزرا ، ولعل المراد ما إذا تاب حالة اليأس كما إذا فعل بنفسه ما لا يعيش معه عادة كجرح مزهق في ساعته وإلقاء في بحر أو نار فتاب ، أما لو جرح نفسه ، وبقي حيا أياما مثلا ثم تاب ومات فينبغي الجزم بقبول توبته ولو كان مستحلا لذلك الفعل ; إذ التوبة من الكفر حينئذ مقبولة فضلا عن المعصية ، بل تقدم الخلاف في قبول توبة العاصي حالة اليأس .

ثم اعلم أن هذا كله فيمن قتل نفسه عمدا ، أما لو كان خطأ فإنه يصلى عليه بلا خلاف كما صرح به في الكفاية وغيرها وسيأتي عده مع الشهداء




الخدمات العلمية