الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) لا إلى ( بني هاشم ) إلا من أبطل النص قرابته وهم بنو لهب ، فتحل لمن أسلم منهم كما تحل لبني المطلب . ثم ظاهر المذهب إطلاق المنع ، وقول العيني والهاشمي : يجوز له دفع زكاته لمثله صوابه لا يجوز نهر ( و ) لا إلى ( مواليهم ) أي عتقائهم فأرقاؤهم أولى لحديث { مولى القوم منهم } [ ص: 351 ] وهل كانت تحل لسائر الأنبياء ؟ خلاف واعتمد في النهر حلها لأقربائهم لا لهم ( وجازت التطوعات من الصدقات و ) غلة ( الأوقاف لهم ) أي لبني هاشم ، سواء سماهم الواقف أو لا على ما هو الحق كما حققه في الفتح ، لكن في السراج وغيره إن سماهم جاز ، وإلا لا .

قلت : وجعله محشي الأشباه محمل القولين ، ثم نقل صاحب البحر عن المبسوط وهل تحل الصدقة لسائر الأنبياء ؟ قيل نعم ، وهذه خصوصية لنبينا صلى الله عليه وسلم وقيل لا بل تحل لقرابتهم فهي خصوصية لقرابة نبينا إكراما وإظهارا لفضيلته صلى الله عليه وسلم فليحفظ .

التالي السابق


( قوله : وبني هاشم إلخ ) اعلم أن عبد مناف وهو الأب الرابع للنبي صلى الله عليه وسلم أعقب أربعة وهم : هاشم والمطلب ونوفل وعبد شمس ، ثم هاشم أعقب أربعة انقطع نسل الكل إلا عبد المطلب فإنه أعقب اثني عشر تصرف الزكاة إلى أولاد كل إذا كانوا مسلمين فقراء إلا أولاد عباس وحارث وأولاد أبي طالب من علي وجعفر وعقيل قهستاني ، وبه علم أن إطلاق بني هاشم مما لا ينبغي إذ لا تحرم عليهم كلهم بل على بعضهم ولهذا قال في الحواشي السعدية : إن آل أبي لهب ينسبون أيضا إلى هاشم وتحل لهم الصدقة . ا هـ .

وأجاب في النهر بقوله وأقول قال في النافع بعد ذكر بني هاشم إلا من أبطل النص قرابته يعني به قوله صلى الله عليه وسلم { لا قرابة بيني وبين أبي لهب فإنه آثر علينا الأفجرين } وهذا صريح في انقطاع نسبته عن هاشم ، وبه ظهر أن في اقتصار المصنف على بني هاشم كفاية ، فإن من أسلم من أولاد أبي لهب غير داخل لعدم قرابته وهذا حسن جدا لم أر من نحا نحوه فتدبره . ا هـ . ( قوله : بنو لهب ) في بعض النسخ : بنو أبي لهب وهي أصوب ( قوله : فتحل لهم ) هذا ما جرى عليه جمهور الشارحين خلافا لما في غاية البيان كما في البحر والنهر ( قوله : لبني المطلب ) أي لمن أسلم منهم وهو أخو هاشم كما مر ( قوله : إطلاق المنع إلخ ) يعني سواء في ذلك كل الأزمان وسواء في ذلك دفع بعضهم لبعض ودفع غيرهم لهم . وروى أبو عصمة عن الإمام أنه يجوز الدفع إلى بني هاشم في زمانه ; لأن عوضها وهو خمس الخمس لم يصل إليهم لإهمال الناس أمر الغنائم وإيصالها إلى مستحقيها . وإذا لم يصل إليهم العوض عادوا إلى المعوض كذا في البحر .

وقال في النهر : وجوز أبو يوسف دفع بعضهم إلى بعض وهو رواية عن الإمام ، وقول العيني والهاشمي يجوز له أن يدفع زكاته إلى هاشمي مثله عند أبي حنيفة خلافا لأبي يوسف صوابه لا يجزئ ولا يصح حمله على اختيار الرواية السابقة عن الإمام لمن تأمل ا هـ ووجهه أنه لو اختار تلك الرواية ما صح قوله خلافا لأبي يوسف لما علمت من أنه موافق لها وفي اختصار الشارح بعض إيهام . ا هـ . ح ( قوله : فأرقاؤهم أولى ) أي بالمنع ; لأن تمليك الرقيق يقع لمولاه بخلاف العتيق . قال في النهر : قيد بمواليهم ; لأن مولى الغني يجوز الدفع إليه ( قوله : لحديث { مولى القوم منهم } ) رواه أبو داود والترمذي والنسائي بلفظ { مولى القوم من أنفسهم وإنا لا تحل لنا الصدقة } قال الترمذي حسن صحيح وكذا صححه الحاكم فتح وهذا [ ص: 351 ] في حق حل الصدقة وحرمتها لا في جميع الوجوه ، ألا ترى أنه ليس بكفء لهم وأن مولى المسلم إذا كان كافرا تؤخذ منه الجزية ومولى التغلبي لا تؤخذ منه المضاعفة بل الجزية نهر .

قلت : سيأتي في باب الكفاءة في النكاح أن معتق الوضيع ليس بكفء لمعتقة الشريف ( قوله لسائر الأنبياء ) أي لباقيهم ( قوله واعتمد في النهر إلخ ) هو اعتماد لثاني القولين الآتي نقلهما عن المبسوط في حواشي مسكين عن الحموي عن شرح البخاري لابن بطال : اتفق الفقهاء على أن أزواجه صلى الله عليه وسلم لا يدخلن في الذين حرمت عليهم الصدقة . ثم قال الحموي : وفي المغني عن عائشة رضي الله عنها { إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة } قال فهذا يدل على تحريمها عليهن تأمل ( قوله : وجازت التطوعات إلخ ) قيد بها ليخرج بقية الواجبات كالنذر والعشر والكفارات وجزاء الصيد إلا خمس الركاز فإنه يجوز صرفه إليهم كما في النهر عن السراج ( قوله : كما حققه في الفتح ) أقول : نقل في البحر عن عدة كتب أن النفل جائز لهم إجماعا وذكر أنه المذهب وأنه لا فرق بين التطوع والوقف كما في المحيط وكافي النسفي ، وأن الزيلعي أثبت الخلاف على وجه يشعر بحرمة التطوع عليهم ، وقواه في الفتح من جهة الدليل . ا هـ .

قلت : وذكر في الفتح أن الحق إجراء الوقف مجرى النافلة ; لأن الواقف متبرع ووجوب الدفع على الناظر لوجوب اتباعه لشرط الواقف لا يصير به واجبا على الواقف ونقل ح عبارته بطولها .

وحاصلها ترجيح منع الوقف عليهم كالنافلة وبه يظهر ما في كلام الشارح ، فإن مفاده أن كلام الفتح في الوقف فقط وأنه يحل لهم لكن وقع في نسخة كتب عليها ح بزيادة . وقيل لا مطلقا قبل قوله على ما هو الحق وبها يصح الكلام وسقطت هذه الزيادة وما بعدها في بعض النسخ إلى قوله : ولا تدفع إلى ذمي ( قوله : لكن في السراج وغيره ) عزاه في البحر إلى شرح الطحاوي وغيره ( قوله وجعله محشي الأشباه ) أي الشيخ صالح الغزي بن المصنف وكذا البيري شارح الأشباه ، والضمير إلى ما في السراج وغيره ط ( قوله : محمل القولين ) أي محمل القول بالجواز على ما إذا سماهم وبعدمه على ما إذا لم يسمهم كما إذا وقف على الفقراء ولعل وجهه أنه حينئذ يكون صدقة من كل وجه ، فلا يجوز الدفع إلى فقرائهم ، بخلاف ما إذا سماهم ; لأنه يكون تبرعا وصلة لا صدقة فهو كما لو وقف على جماعة أغنياء ثم على الفقراء ، ويؤيده ما في خزانة المفتين : لو قال مالي لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وهم يحصون جاز ; لأن هذه وصية وليست بصدقة ويصرف إلى أولاد فاطمة رضي الله عنها . ا هـ . ( قوله : ثم نقل عن صاحب البحر إلخ ) هذا موجود في بعض النسخ والأصوب إسقاطه لتكرره بقوله المار وهل كانت تحل إلخ .




الخدمات العلمية