الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( دفع بتحر ) لمن يظنه مصرفا ( فبان أنه عبده أو مكاتبه أو حربي ولو مستأمنا أعادها ) [ ص: 353 ] لما مر ( وإن بان غناه أو كونه ذميا أو أنه أبوه أو ابنه أو امرأته أو هاشمي لا ) يعيد لأنه أتى بما في وسعه ، حتى لو دفع بلا تحر لم يجز إن أخطأ .

التالي السابق


( قوله : دفع بتحر ) أي اجتهاد وهو لغة الطلب والابتغاء ، ويرادفه التوخي إلا أن الأول يستعمل في المعاملات ، والثاني في العبادات . وعرفا طلب الشيء بغالب الظن عند عدم الوقوف على حقيقته نهر ( قوله : لمن يظنه مصرفا ) أما لو تحرى فدفع لمن ظنه غير مصرف أو شك ولم يتحر لم يجز حتى يظهر أنه مصرف فيجزيه في الصحيح خلافا لمن ظن عدمه ، وتمامه في النهر .

وفيه : واعلم أن المدفوع إليه لو كان جالسا في صف الفقراء يصنع صنعهم أو كان عليه زيهم أو سأله فأعطاه كانت هذه الأسباب بمنزلة التحري كذا في المبسوط حتى لو ظهر غناه لم يعد ( قوله فبان أنه عبده ) أي ولو مدبرا أو أم ولد نهر وجوهرة وهو مفاد من مقابلته بالمكاتب وإنما لم يجز ; لأنه لم يخرج المدفوع عن ملكه والتمليك ركن ( قوله : أو مكاتبه ) ; لأن له في كسبه حقا فلم يتم التمليك زيلعي . والمستسعي كالمكاتب عنده وعندهما حر مديون بحر عن البدائع ( قوله : أو حربي ) قال في البحر : وأطلق أي في الكنز الكافر فشمل الذمي والحربي ، وقد صرح بهما في المبتغى . وفي المحيط في الحربي روايتان ، والفرق على إحداهما أنه لم توجد صفة القربة أصلا والحق المنع . ففي غاية البيان عن التحفة أجمعوا أنه إذا ظهر أنه حربي ولو مستأمنا لا يجوز وكذا في المعراج معللا بأن صلته لا تكون برا شرعا ولذا لم يجز التطوع إليه فلم يقع قربة . ا هـ .

أقول : ينافيه ما قدمناه قريبا عن المحيط عن السير الكبير من أنه لا بأس أن يعطي حربيا إلا أن يقال إن معناه لا يحرم بل تركه أولى فلا يكون قربة فتأمل .

وفي شرح الكنز لابن الشلبي قال في كفاية البيهقي : دفع إلى حربي خطأ ثم تبين جاز على رواية الأصل . وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة أنه لا يجوز وهو قوله ا هـ قال الأقطع وقال أبو يوسف : لا يجوز وهو أحد قولي الشافعي وقوله الآخر مثل قول أبي حنيفة قال في مشكلات خواهر زاده الإجماع منعقد أنه لو كان مستأمنا أو حربيا تجب الإعادة ا هـ ونص في المختار على الجواز وإطلاق الكنز يدل عليه ا هـ كلام ابن الشلبي . [ ص: 353 ] قلت : وكذا إطلاق الهداية والملتقى الكافر يدل على الجواز وما نقله عن الأقطع بدل على أنه قول إمام المذهب فحكاية الإجماع على خلافه في غير محلها ( قوله : لما مر ) أي في قوله فجميع الصدقات لا تجوز له اتفاقا ( قوله : أو كونه ذميا ) عدل عن تعبير الهداية وغيرها بالكافر بناء على ما مر ( قوله : لا يعيد ) أي خلافا لأبي يوسف ( قوله : لأنه أتى بما في وسعه ) أي أتى بالتمليك الذي هو الركن على قدر وسعه إذ ليس مكلفا إذا دفع في ظلمة مثلا بأن يسأل عن القابض من أنت ، وبقولنا أتى بالتمليك يندفع ما قد يقال إنه لو دفع إلى عبده أو مكاتبه يكون آتيا بما في وسعه لكن يرد عليه الحربي لحصول التمليك وهذا يؤيد ما مر من عدم وجوب الإعادة فيه ، والتعليل بعدم وجود صفة القربة محل نظر فتدبر ( قوله : ولو دفع بلا تحر ) أي ولا شك كما في الفتح . وفي القهستاني بأن لم يخطر بباله أنه مصرف أو لا ، وقوله لم يجز إن أخطأ أي إن تبين له أنه غير مصرف فلو لم يظهر له شيء فهو على الجواز وقدمنا ما لو شك فلم يتحر أو تحرى وغلب على ظنه أنه غير مصرف .

[ تنبيه ] في القهستاني عن الزاهدي : ولا يسترد منه لو ظهر أنه عبد أو حربي وفي الهاشمي روايتان ولا يسترد في الولد والغني وهل يطيب له ؟ فيه خلاف ، وإذا لم يطب قيل يتصدق وقيل يرد على المعطي . ا هـ . .




الخدمات العلمية