الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا ) يحل أن ( يسأل ) من القوت ( من له قوت يومه ) بالفعل أو بالقوة [ ص: 355 ] كالصحيح المكتسب ويأثم معطيه إن علم بحاله لإعانته على المحرم ( ولو سأل للكسوة ) أو لاشتغاله عن الكسب بالجهاد أو طلب العلم ( جاز ) لو محتاجا . .

التالي السابق


( قوله : ولا يحل أن يسأل إلخ ) [ ص: 355 ] قيد بالسؤال ; لأن الأخذ بدونه لا يحرم بحر ، وقيد بقوله شيئا من القوت ; لأن له سؤال ما هو محتاج إليه غير القوت كثوب شرنبلالية .

وإذا كان له دار يسكنها ولا يقدر على الكسب قال ظهير الدين : لا يحل له السؤال إذا كان يكفيه ما دونها معراج ، ثم نقل ما يدل على الجواز وقال وهو أوسع وبه يفتى ( قوله : كالصحيح المكتسب ) ; لأنه قادر بصحته واكتسابه على قوت اليوم بحر ( قوله ويأثم معطيه إلخ ) قال الأكمل في شرح المشارق .

وأما الدفع إلى مثل هذا السائل عالما بحاله فحكمه في القياس الإثم به ; لأنه إعانة على الحرام ، لكنه يجعل هبة وبالهبة للغني أو لمن لا يكون محتاجا إليه لا يكون آثما ا هـ .

أي ; لأن الصدقة على الغني هبة كما أن الهبة للفقير صدقة لكن فيه أن المراد بالغني من يملك نصابا أما الغني بقوت يومه فلا تكون الصدقة عليه هبة بل صدقة فما فر منه وقع فيه أفاده في النهر . وقال في البحر : لكن يمكن دفع القياس المذكور بأن الدفع ليس إعانة على المحرم ; لأن المحرمة في الابتداء إنما هي بالسؤال وهو متقدم على الدفع ولا يكون الدفع إعانة إلا لو كان الأخذ هو المحرم فقط فليتأمل ا هـ .

قال المقدسي في شرحه وأنت خبير بأن الظاهر أن مرادهم أن الدفع إلى مثل هذا يدعو إلى السؤال على الوجه المذكور وبالمنع ربما يتوب عن مثل ذلك فليتأمل ا هـ ( قوله : للكسوة ) ومثلها أجرة المسكن ومرمة البيت الضرورية لا ما يشتري به بيتا فيما يظهر ( قوله : أو لاشتغاله عن الكسب بالجهاد ) أشار إلى أن له السؤال وإن كان قويا مكتسبا كما صرح به في البحر عن غاية البيان ( قوله : أو طلب العلم ) ذكره في البحر بحثا بقوله وينبغي أن يلحق به أي بالغازي طالب العلم لاشتغاله عن الكسب بالعلم ، ولهذا قالوا : إن نفقته على أبيه وإن كان صحيحا مكتسبا كما لو كان زمنا .




الخدمات العلمية