الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 390 ] ( شهدوا أنه شهد عند قاضي مصر كذا شاهدان برؤية الهلال ) في ليلة كذا ( وقضى ) القاضي ( به ووجد استجماع شرائط الدعوى قضى ) أي جاز لهذا ( القاضي ) أن يحكم ( بشهادتهما ) لأن قضاء القاضي حجة وقد شهدوا به لا لو شهدوا برؤية غيرهم لأنه حكاية ، نعم لو استفاض الخير في البلدة الأخرى لزمهم على الصحيح من المذهب مجتبى وغيره ( وبعد صوم ثلاثين بقول عدلين حل الفطر ) الباء متعلقة بصوم وبعد متعلقة بحل لوجود - [ ص: 391 ] نصاب الشهادة

التالي السابق


( قوله شهدوا ) من إطلاق الجمع على ما فوق الواحد وفي بعض النسخ : شهدا بضمير التثنية وهو أولى ( قوله : شاهدان ) أي بناء على أنه كان بالسماء علة أو كان القاضي يرى ذلك فارتفع بحكمه الخلاف أو على الرواية التي اختارها في البحر كما مر ( قوله : في ليلة كذا ) لا بد منه ليتأتى الإلزام بصوم يومها ط ( قوله : وقضى ) أي وأنه قضى فهو عطف على شهد ( قوله : ووجد استجماع شرائط الدعوى ) هكذا في الذخيرة عن مجموع النوازل وكأنه مبني على ما قدمناه عن الخانية من بحث اشتراط الدعوى على قياس قول الإمام ، أو ليكون شهادة على القضاء بدليل التعليل بقوله ; لأن قضاء القاضي حجة ; لأنه لا يكون قضاء إلا عند ذلك .

والظاهر أن المراد من القضاء به القضاء ضمنا كما تقدم طريقه وإلا فقد علمت أن الشهر لا يدخل تحت الحكم ( قوله : أي جاز ) الظاهر أن المراد بالجواز الصحة فلا ينافي الوجوب تأمل ( قوله ; لأنه حكاية ) فإنه لم يشهدوا بالرؤية ولا على شهادة غيرهم وإنما حكوا رؤية غيرهم كذا في فتح القدير .

قلت : وكذا لو شهدوا برؤية غيرهم وأن قاضي تلك المصر أمر الناس بصوم رمضان ; لأنه حكاية لفعل القاضي أيضا وليس بحجة بخلاف قضائه ولذا قيد بقوله ووجد استجماع شرائط الدعوى كما قلنا فتأمل ( قوله : نعم إلخ ) في الذخيرة قال شمس الأئمة الحلواني : الصحيح من مذهب أصحابنا أن الخبر إذا استفاض وتحقق فيما بين أهل البلدة الأخرى يلزمهم حكم هذه البلدة ا هـ ومثله في الشرنبلالية عن المغني .

قلت : ووجه الاستدراك أن هذه الاستفاضة ليس فيها شهادة على قضاء قاض ولا على شهادة لكن لما كانت بمنزلة الخبر المتواتر ، وقد ثبت بها أن أهل تلك البلدة صاموا يوم كذا لزم العمل بها ; لأن البلدة لا تخلو عن حاكم شرعي عادة فلا بد من أن يكون صومهم مبنيا على حكم حاكمهم الشرعي فكانت تلك الاستفاضة بمعنى نقل الحكم المذكور ، وهي أقوى من الشهادة بأن أهل تلك البلدة رأوا الهلال وصاموا ; لأنها لا تفيد اليقين فلذا لم تقبل إلا إذا كانت على الحكم أو على شهادة غيرهم لتكون شهادة معتبرة ، وإلا فهي مجرد إخبار بخلاف الاستفاضة فإنها تفيد اليقين فلا ينافي ما قبله هذا ما ظهر لي تأمل .

[ تنبيه ] قال الرحمتي : معنى الاستفاضة أن تأتي من تلك البلدة جماعات متعددون كل منهم يخبر عن أهل تلك البلدة أنهم صاموا عن رؤية لا مجرد الشيوع من غير علم بمن أشاعه كما قد تشيع أخبار يتحدث سائر أهل البلدة ولا يعلم من أشاعها كما ورد : أن في آخر الزمان يجلس الشيطان بين الجماعة فيتكلم بالكلمة فيتحدثون بها ويقولون لا ندري من قالها فمثل هذا لا ينبغي أن يسمع فضلا عن أن يثبت به حكم . ا هـ .

قلت : وهو كلام حسن ويشير إليه قول الذخيرة إذا استفاض وتحقق فإن التحقق لا يوجد بمجرد الشيوع ( قوله : حل الفطر ) أي اتفاقا إن كانت ليلة الحادي والثلاثين متغيمة ، وكذا لو مصحية على ما صححه في الدراية والخلاصة والبزازية وصحح عدمه في مجموع النوازل والسيد الإمام الأجل ناصر الدين كما في الإمداد ، ونقل العلامة [ ص: 391 ] نوح الاتفاق على حل الفطر في الثانية أيضا عن البدائع والسراج والجوهرة قال : والمراد اتفاق أئمتنا الثلاثة وما حكي فيها من الخلاف إنما هو لبعض المشايخ .

قلت : وفي الفيض الفتوى على حل الفطر . ووفق المحقق ابن الهمام كما نقله عنه في الإمداد بأنه لا يبعد لو قال قائل إن قبلهما في الصحو أي في هلال رمضان وتم العدد لا يفطرون وإن قبلهما في غيم أفطروا لتحقق زيادة القوة في الثبوت في الثاني والاشتراك في عدم الثبوت أصلا في الأول فصار كشهادة الواحد . ا هـ .

قال ح : والحاصل : أنه إذا غم شوال أفطروا اتفاقا إذا ثبت رمضان بشهادة عدلين في الغيم أو الصحو وإن لم يغم فقيل يفطرون مطلقا وقيل لا مطلقا وقيل يفطرون إن غم رمضان أيضا وإلا لا .




الخدمات العلمية