الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( أو أصبح جنبا و ) إن بقي كل اليوم ( أو اغتاب ) من الغيبة ( أو دخل أنفه مخاط فاستشمه فدخل حلقه ) وإن نزل لرأس أنفه كما لو ترطب شفتاه بالبزاق عند الكلام ونحوه فابتلعه أو سال ريقه إلى ذقنه كالخيط ولم ينقطع فاستنشقه ( ولو عمدا ) خلافا للشافعي في القادر على مج النخامة فينبغي الاحتياط ( أو ذاق شيئا بفمه ) وإن كره ( لم يفطر ) جواب الشرط وكذا لو فتل الخيط ببزاقه مرارا وإن بقي فيه عقد البزاق إلا أن يكون مصبوغا وظهر لونه في ريقه وابتلعه ذاكرا ونظمه ابن الشحنة فقال : مكرر بل الخيط بالريق فاتلا بإدخاله في فيه لا يتضرر [ ص: 401 ] وعن بعضهم :     إن يبلع الريق بعد ذا يضر
كصبغ لونه فيه يظهر .

التالي السابق


( قوله : أو دخل أنفه ) الأولى أو نزل إلى أنفه ( قوله : وإن نزل لرأس أنفه ) ذكره في الشرنبلالية أخذا من إطلاقهم ، ومن قولهم بعدم الفطر ببزاق امتد ولم ينقطع من فمه إلى ذقنه ثم ابتلعه بجذبه ومن قول الظهيرية وكذا المخاط والبزاق يخرج من فيه وأنفه فاستشمه واستنشقه لا يفسد صومه . ا هـ .

ثم قال : لكن يخالفه ما في القنية نزل المخاط إلى رأس أنفه لكن لم يظهر ثم جذبه فوصل إلى جوفه لم يفسد ا هـ حيث قيد بعدم الظهور ( قوله : فاستنشقه ) الأولى فجذبه ; لأن الاستنشاق بالأنف وفي نسخ فاستشفه بتاء فوقية وفاء أي جذبه بشفتيه وهو ظاهر ط ( قوله : فينبغي الاحتياط ) ; لأن مراعاة الخلاف مندوبة وهذه الفائدة نبه عليها ابن الشحنة ومفاده أنه لو ابتلع البلغم بعدما تخلص بالتنحنح من حلقه إلى فمه لا يفطر عندنا قال في الشرنبلالية ولم أره ولعله كالمخاط قال : ثم وجدتها في التتارخانية سئل إبراهيم عمن ابتلع بلغما قال إن كان أقل من ملء فيه لا ينقض إجماعا وإن كان ملء فيه ينقض صومه عند أبي يوسف وعند أبي حنيفة لا ينقض . ا هـ .

وسيذكر الشارح ذلك أيضا في بحث القيء ( قوله : وإن كره ) أي إلا لعذر كما يأتي ط ( قوله : وكذا لو فتل الخيط ببزاقه مرارا إلخ ) يعني إذا أراد فتل الخيط وبله ببزاقه وأدخله في فمه مرارا لا يفسد صومه وإن بقي في الخيط عقد البزاق وفي النظم للزندوستي أنه يفسد كذا في القنية .

وحكى الأول في الظهيرية عن شمس الأئمة الحلواني ثم قال : وذكر الزندوستي إذا فتل السلكة وبلها بريقه ثم أمرها ثانيا في فمه ثم ابتلع ذلك البزاق فسد صومه . ا هـ .

ثم لا يخفى أن المحكي عن شمس الأئمة مقيد بما إذا ابتلع البزاق وإلا فلا فائدة في التنبيه على أنه لا يفسد صومه فهو محمول على ما صرح به في النظم فكان مرد صاحب الظهيرية أن ذلك المطلق محمول على هذا المقيد فهما مسألة واحدة خلافا لما استظهره في شرح الوهبانية من أنهما مسألتان بحمل الأولى على ما إذا لم يبتلع البزاق والثانية على ما إذا ابتلعه إذ لا يبقى خلاف حينئذ أصلا كما لا يخفى وهو خلاف المفهوم من القنية والظهيرية ( قوله : مكرر ) مبتدأ وقوله بالريق متعلق ببل وقوله بإدخاله متعلق بخبر المبتدأ الذي هو قوله لا يتضرر ووجهه أنه بمنزلة الريق [ ص: 401 ] على فمه إذا لم يتقطع كما في شرح الشرنبلالي ط ( قوله : بعد ذا ) أي بعد تكرار إدخاله في فيه ( قوله : يضر ) أي الصوم ويفسده ; لأن إخراجه بمنزله انقطاع البزاق المتدلي كذا في شرح الشرنبلالي ط ( قوله : كصبغ ) أي كما يضر ابتلاع الصبغ وهذا مما لا خلاف فيه ( وقوله لونه ) أي الصبغ ( وفيه ) أي الريق متعلق بيظهر ط .




الخدمات العلمية