الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والنذر ) من اعتكاف أو حج أو صلاة أو صيام أو غيرها ( غير المعلق ) ولو معينا ( لا يختص بزمان ومكان ودرهم وفقير ) فلو نذر التصدق يوم الجمعة بمكة بهذا الدرهم على فلان فخالف جاز ، وكذا لو عجل قبله فلو عين شهرا للاعتكاف أو صوم فعجل قبله عنه صح وكذا لو نذر أن يحج سنة كذا فحج سنة قبلها صح [ ص: 437 ] أو صلاة يوم كذا فصلاها قبله لأنه تعجيل بعد وجوب السبب وهو النذر فيلغو التعيين شرنبلالية فليحفظ ( بخلاف ) النذر ( المعلق ) فإنه لا يجوز تعجيله قبل وجود الشرط كما سيجيء في الأيمان

التالي السابق


( قوله ولو معينا ) أي بواحد من الأربعة الآتية فغير المعين لا يختص بواحد منها بالأولى كما لو نذر التصدق بدرهم منكر وأطلق ( قوله فلو نذر إلخ ) مثال للتعيين في الكل على النشر المرتب ط ( قوله فخالف ) أي في بعضها أو كلها بأن تصدق في يوم الجمعة ببلد آخر بدرهم آخر على شخص آخر ، وإنما جاز لأن الداخل تحت النذر ما هو قربة ، وهو أصل التصدق دون التعيين فبطل التعيين ، ولزمته القربة كما في الدرر وفي المعراج ، ولو نذر صوم غد فأخره إلى ما بعد الغد جاز وينبغي أن لا يكون مسيئا كمن نذر أن يتصدق بدرهم الساعة فتصدق بعد ساعة . ا هـ .

[ تنبيه ]

ذكر العلامة ابن نجيم في رسالته في النذر بالصدقة أنه ذكر في الخانية أنه لو عين التصدق بدراهم فهلكت سقط النذر ، قال وهذا يدل على أن قولهم وألغينا تعيين الدينار والدرهم ليس على إطلاقه ، فيقال إلا في هذه فإنا لو ألغيناه مطلقا لكان الواجب في ذمته فإذا هلك المعين لم يسقط الواجب ، وكذا قولهم ألغينا تعيين الفقير ليس على إطلاقه لما في البدائع لو قال : لله علي أن أطعم هذا المسكين شيئا سماه ولم يعينه فلا بد أن يعطيه للذي سمى لأنه إذا لم يعين المنذور صار تعيين الفقير مقصودا فلا يجوز أن يعطي غيره . ا هـ .

هذا وفي الحموي عن العمادية لو أمر رجلا وقال تصدق بهذا المال على مساكين أهل الكوفة ، فتصدق على مساكين أهل البصرة لم يجز وكان ضامنا ، وفي المنتقى : لو أوصى لفقراء أهل الكوفة بكذا فأعطى الوصي فقراء أهل البصرة جاز عند أبي يوسف وقال محمد يضمن الوصي . ا هـ .

قلت : ووجهه أن الوكيل يضمن بمخالفة الآمر وأن الوصي هل هو بمنزلة الأصيل أو الوكيل تأمل . ( قوله وكذا لو عجل قبله ) هذا داخل تحت قوله فخالف ( قوله صح ) أي خلافا لمحمد وزفر غير أن محمدا لا يجيز التعجيل مطلقا وزفر إذا كان الزمان المعجل فيه أقل فضيلة كما في الفتح .

[ ص: 437 ] فرع ]

نذر صوم رجب فصام قبله تسعة وعشرين يوما وجاء رجب كذلك ينبغي أن لا يجب القضاء وهو الأصح كما في السراج أما لو جاء ثلاثين يقضي يوما ( قوله أو صلاة ) بالتنوين ويوم منصوب على الظرفية ح ولو أضافه لزمه مثل صلاة اليوم غير أنه يتم المغرب والوتر أربعا وقد تقدمت ط ( قوله لأنه تعجيل بعد وجوب السبب ) أي فيجوز كما يجوز في الزكاة خلافا لمحمد وزفر فتح ( قوله فيلغو التعيين ) بناء على لزوم المنذور بما هو قربة فقط فتح وقدمناه عن الدرر أي لأن التعيين ليس قربة مقصودة حتى يلزم بالنذر ( قوله بخلاف النذر المعلق ) أي سواء علقه على شرط يريده مثل إن قدم غائبي أو شفي مريضي ، أو لا يريده مثل إن زنيت فلله علي كذا لكن إذا وجد الشرط في الأول وجب أن يوفي بنذره وفي الثاني يخير بينه وبين كفارة يمين على المذهب لأنه نذر بظاهره يمين بمعناه كما سيأتي في الأيمان إن شاء الله تعالى ( قوله فإنه لا يجوز تعجيله إلخ ) لأن المعلق على شرط لا ينعقد سببا للحال بل عند وجود شرطه كما تقرر في الأصول ، فلو جاز تعجيله لزم وقوعه قبل وجود سببه فلا يصح ويظهر من هذا أن المعلق يتعين فيه الزمان بالنظر إلى التعجيل ، أما تأخيره فيصح لانعقاد السبب قبله ، وكذا يظهر منه أنه لا يتعين فيه المكان والدرهم والفقير لأن التعليق إنما أثر في تأخير السببية فقط فامتنع التعجيل ، أما المكان والدرهم والفقير فهي باقية على الأصل من عدم التعيين لعدم تأثير التعليق في شيء منها فلذا اقتصر كغيره في بيان وجه المخالفة بين المعلق وغيره على قوله فإنه لا يجوز تعجيله فأفاد صحة التأخير وتبديل المكان والدرهم والفقير كما في غير المعلق وكأنه لظهور ما قررناه لم ينصوا عليه وهذا مما لا شبهة فيه لمن وقف على التوجيه فافهم .




الخدمات العلمية