الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) يكره تحريما ( صمت ) إن اعتقده قربة وإلا لا لحديث " من صمت نجا " ويجب أي الصمت كما في غرر الأذكار عن شر لحديث " { رحم الله امرأ تكلم فغنم أو سكت فسلم } " ( وتكلم إلا بخير ) وهو ما لا إثم فيه [ ص: 450 ] ومنه المباح عند الحاجة إليه لا عند عدمها وهو محمل ما في الفتح أنه مكروه في المسجد ، يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب كما حققه في النهر ( كقراءة قرآن وحديث وعلم ) وتدريس في سير الرسول عليه الصلاة والسلام وقصص الأنبياء عليهم السلام وحكايات الصالحين وكتابة أمور الدين .

التالي السابق


( قوله وصمت ) عدل عن السكوت للفرق بينهما وذلك أن السكوت ضم الشفتين ، فإن طال سمي صمتا نهر وإنما كره لأنه ليس في شريعتنا لقوله عليه الصلاة والسلام " { لا يتم بعد احتلام ولا صمات يوم إلى الليل } " رواه أبو داود وأسند أبو حنيفة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه " { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم الوصال وعن صوم الصمت } " فتح ( قوله ويجب ) لم يقل يفترض ليشمل الواجب ، فإن الكلام قد يكون حراما كالغيبة مثلا وقد يكره كإنشاد شعر قبيح وكذكر لترويج سلعة فالصمت عن الأول فرض وعن الثاني واجب فافهم ( قوله وتكلم إلا بخير ) فيه التفريغ في الإيجاب إلا أن يقال إنه نفي معنى ط عن الحموي أي لأن كره بمعنى لا يفعل كما قيل في قوله تعالى - { ويأبى الله إلا أن يتم نوره } - وقوله - { وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين } - لأنه بمعنى لا يريد ومعنى لا تسهل كما ذكره ابن هشام في آخر المغني ، ويحتمل كون إلا بمعنى غير كما في - { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } - ولم يدخل عليها حرف الجر ، بل تخطاها لما بعدها لأنها على صورة الحرفية والأولى [ ص: 450 ] جعل الجار متعلقا بمحذوف والاستثناء من تكلم المذكور .

والمعنى : وكره تكلم إلا تكلما بخير فحذف المتعلق الخاص للقرينة ، فيكون الاستثناء من كلام تام موجب تأمل ( قوله ومنه المباح إلخ ) أي مما لا إثم فيه وهذا ما استظهره في النهر أخذا من العناية وبه رد على ما في البحر من أن الأولى تفسير الخير بما فيه ثواب فيكره للمعتكف التكلم بالمباح بخلاف غيره أي غير المعتكف ا هـ بأنه لا شك في عدم استغنائه عن المباح عند الحاجة إليه فكيف يكره له مطلقا ا هـ والمراد ما يحتاج إليه من أمر الدنيا إذا لم يقصد به القربة وإلا ففيه ثواب ( قوله وهو ) أي المباح عند عدم الاحتياج إليه ط ( قوله إنه مكروه ) أي إذا جلس له كما قيده في الظهيرية ذكره في البحر قبيل الوتر .

وفي المعراج عن شرح الإرشاد : لا بأس بالحديث في المسجد إذا كان قليلا فأما أن يقصد المسجد للحديث فيه فلا ا هـ وظاهر الوعيد أن الكراهة فيه تحريمية .




الخدمات العلمية