الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وجازت في كل السنة ) وندبت في رمضان ( وكرهت ) تحريما ( يوم عرفة وأربعة بعدها ) أي كره إنشاؤها بالإحرام حتى يلزمه دم وإن رفضها لا أداؤها فيها بالإحرام السابق [ ص: 474 ] كقارن فاته الحج فاعتمر فيها لم يكره سراج ، وعليه فاستثناء الخانية القارن منقطع فلا يختص بيوم عرفة كما توهمه في البحر .

التالي السابق


( قوله وجازت ) أي صحت ( قوله وندبت في رمضان ) أي إذا أفردها كما مر عن الفتح ثم الندب باعتبار الزمان لأنها باعتبار ذاتها سنة مؤكدة أو واجبة كما مر أي أنها فيه أفضل منها في غيره واستدل له في الفتح بما عن ابن عباس عمرة في رمضان تعدل حجة وفي طريق لمسلم تقتضي حجة أو حجة معي قال وكان السلف رحمنا الله تعالى بهم يسمونها الحج الأصغر وقد اعتمر صلى الله عليه وسلم أربع عمرات كلهن بعد الهجرة في ذي القعدة على ما هو الحق وتمامه فيه . [ تنبيه ]

نقل بعضهم عن المنلا علي في رسالته المسماة الأدب في رجب أن كون العمرة في رجب سنة بأن فعلها عليه الصلاة والسلام أو أمر بها لم يثبت نعم روي أن ابن الزبير لما فرغ من تجديد بناء الكعبة قبيل سبعة وعشرين من رجب نحر إبلا وذبح قرابين وأمر أهل مكة أن يعتمروا حينئذ شكرا لله تعالى على ذلك ، ولا شك أن فعل الصحابة حجة وما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن فهذا وجه تخصيص أهل مكة العمرة بشهر رجب ا هـ ملخصا ( قوله تحريما ) صرح به في الفتح واللباب ( قوله ويوم عرفة ) أي قبل الزوال وبعده وهو المذهب خلافا لما عن أبي يوسف أنها لا تكره فيه قبل الزوال بحر ( قوله وأربعة ) بالنصب والتنوين والأصل أربعة أيام بعدها أي بعد عرفة أي بعد يومها .

[ تنبيه ]

يزاد على الأيام الخمسة ما في اللباب وغيره من كراهة فعلها في أشهر الحج لأهل مكة ، ومن بمعناهم أي من المقيمين ، ومن في داخل الميقات لأن الغالب عليهم أن يحجوا في سنتهم ، فيكونوا متمتعين ، وهم عن التمتع ممنوعون ، وإلا فلا منع للمكي عن العمرة المفردة في أشهر الحج ، إذا لم يحج في تلك السنة ، ومن خالف فعليه البيان شرح اللباب ، ومثله في البحر ، وهو رد على ما اختاره في الفتح من كراهتها للمكي ، وإن لم يحج ونقل عن القاضي عيد في شرح المنسك أن ما في الفتح قال العلامة قاسم إنه ليس بمذهب لعلمائنا ولا للأئمة الأربعة ، ولا خلاف في عدم كراهتها لأهل مكة . ا هـ .

قلت : وسيأتي تمام الكلام عليه في باب التمتع إن شاء الله تعالى هذا وما نقله ح عن الشرنبلالية من تقييده كراهة العمرة في الأيام الخمسة بقوله : أي في حق المحرم أو مريد الحج يقتضي أنه لا يكره في حق غيرهما ولم أر من صرح به فليراجع ( قوله أي كره إنشاؤها بالإحرام ) أي كره إنشاء الإحرام لها في هذه الأيام ح ( قوله حتى يلزمه دم وإن كان رفضها ) سيأتي الكلام عليه إن شاء الله في آخر باب الجنايات ( قوله لا أداؤها ) عطف على إنشاؤها ح [ ص: 474 ] قوله كقارن فاته الحج ) لو قال كما في المعراج كفائت الحج لشمل المتمتع ( قوله وعليه ) أي على ما ذكر من أن المكروه الإنشاء لا الأداء بإحرام سابق ( قوله فاستثناء الخانية إلخ ) حيث قال تكره العمرة في خمسة أيام لغير القارن ا هـ ووجه الانقطاع ما علمته من أن المكروه إنشاء العمرة في هذه الأيام ، والقارن أحرم بها بإحرام سابق على هذه الأيام فهو غير داخل فيما قبله فاستثناؤه منقطع فافهم ( قوله فلا يختص إلخ ) تفريع على قوله منقطع لأن حاصله أنه لما لم يكن منشئا للإحرام فيها لم يكن داخلا فيما تكره عمرته فيها وحينئذ فلا يختص جواز عمرته بيوم عرفة فافهم ( قوله كما توهمه في البحر ) حيث قال بعد قول الخانية لغير القارن ما نصه وهو تقييد حسن ، وينبغي أن يكون راجعا إلى يوم عرفة لا إلى الخمسة كما لا يخفى وأن يلحق المتمتع بالقارن ا هـ قال في النهر هذا ظاهر في أنه فهم أن معنى ما في الخانية من استثناء القارن أنه لا بد له من العمرة ليبني عليها أفعال الحج ، ومن ثم خصه بيوم عرفة وهو غفلة عن كلامهم فقد قال في السراج : وتكره العمرة في هذه الأيام أي يكره إنشاؤها بالإحرام أما إذا أداها بإحرام سابق ، كما إذا كان قارنا ففاته الحج وأدى العمرة في هذه الأيام لا يكره وعلى هذا فالاستثناء الواقع في الخانية منقطع ولا اختصاص ليوم عرفة . ا هـ .

أقول : لا يخفى عليك أن المتبادر من القارن في كلام الخانية المدرك لا فائت الحج ، بخلاف ما في السراج ، وحينئذ فلا شك أن عمرته لا تكون بعد يوم عرفة لأنها تبطل بالوقوف كما سيأتي في بابه وليس في كلام البحر تعرض لما فاته الحج ولا لأن الاستثناء متصل أو منقطع فمن أين جاءت الغفلة فتنبه وافهم .




الخدمات العلمية