الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وسن لصلاة جمعة و ) لصلاة ( عيد ) [ ص: 169 ] هو الصحيح كما في غرر الأذكار وغيره . وفي الخانية لو اغتسل بعد صلاة الجمعة لا يعتبر إجماعا ; ويكفي غسل واحد لعيد وجمعة اجتمعا مع جنابة كما لفرضي جنابة وحيض ( و ) لأجل ( إحرام و ) في جبل ( عرفة ) بعد الزوال .

التالي السابق


( قوله : وسن إلخ ) هو من سنن الزوائد ، فلا عتاب بتركه كما في القهستاني . وذهب بعض مشايخنا إلى أن هذه الاغتسالات الأربعة مستحبة أخذا من قول محمد في الأصل إن غسل الجمعة حسن ، وذكر في شرح المنية أنه الأصح وقواه في الفتح ، لكن استظهر تلميذه ابن أمير حاج في الحلية استنانه للجمعة لنقل المواظبة عليه ، وبسط ذلك [ ص: 169 ] مع بيان دلائل عدم الوجوب . والجواب عما يخالفها في البحر وغيره .

( قوله : هو الصحيح ) أي كونه للصلاة هو الصحيح ، وهو ظاهر الرواية . ابن كمال : وهو قول أبي يوسف . وقال الحسن بن زياد : إنه لليوم ، ونسب إلى محمد والخلاف المذكور جار في غسل العيد أيضا كما في القهستاني عن التحفة ، وأثر الخلاف فيمن لا جمعة عليه لو اغتسل وفيمن أحدث بعد الغسل وصلى بالوضوء نال الفضل عند الحسن لا عند الثاني . قال في الكافي : وكذا فيمن اغتسل قبل الفجر وصلى به ينال عند الثاني لا عند الحسن ; لأنه اشتراط إيقاعه فيه إظهارا لشرفه ومزيد اختصاصه عن غيره كما في النهر ، قيل وفيمن اغتسل قبل الغروب . واستظهر في البحر ما ذكره الشارح عن الخانية من أنه لا يعتبر إجماعا ; لأن سبب مشروعيته دفع حصول الأذى من الرائحة عند الاجتماع والحسن وإن قال هو لليوم ، لكن بشرط تقدمه على الصلاة ، ولا يضر تخلل الحدث بينه وبين الغسل عنده . وعند أبي يوسف يضر . ا هـ . ولسيدي عبد الغني النابلسي هنا بحث نفيس ذكره في شرح هداية ابن العماد . حاصله أنهم صرحوا بأن هذه الاغتسالات الأربعة للنظافة لا للطهارة مع أنه لو تخلل الحدث تزداد النظافة بالوضوء ثانيا ، ولئن كانت للطهارة أيضا فهي حاصلة بالوضوء ثانيا مع بقاء النظافة فالأولى عندي الإجزاء وإن تخلل الحدث ; لأن مقتضى الأحاديث الواردة في ذلك طلب حصول النظافة فقط . ا هـ . أقول : ويؤيده طلب التبكير للصلاة ، وهو في الساعة الأولى أفضل وهي إلى طلوع الشمس ، فربما يعسر مع ذلك بقاء الوضوء إلى وقت الصلاة ولا سيما في أطول الأيام ، وإعادة الغسل أعسر - { وما جعل عليكم في الدين من حرج } - وربما أداه ذلك إلى أن يصلي حاقنا وهو حرام ، ويؤيده أيضا ما في المعراج : لو اغتسل يوم الخميس أو ليلة الجمعة استن بالسنة لحصول المقصود وهو قطع الرائحة ا هـ .

( قوله : كما في غرر الأذكار ) هو شرح درر البحار المؤلف في مذاهب الأئمة الأربعة الكبار ومذاهب الصاحبين على طريقة مجمع البحرين مع غاية الإيجاز والاختصار للعلامة القونوي الحنفي ، وقد ذكر في آخره ، أنه ألفه في نحو شهر ونصف سنة ( 746 ) وعندي شرح عليه للعلامة محمد الشهير بالشيخ البخاري سماه غرر الأفكار ، وعليه شرح للعلامة قاسم قطلوبغا تلميذ ابن الهمام ولعله الذي نقل عنه الشارح .

( قوله : وغيره ) كالهداية وصدر الشريعة والدرر وشروح المجمع والزيلعي .

( قوله : اجتمعا مع جنابة ) أقول : وكما لو كان معهما كسوف واستسقاء ، وهذا كله إذا نوى ذلك ليحصل له ثواب الكل تأمل .

( قوله : ولأجل إحرام ) أي بحج أو عمرة أو بهما إمداد ، ولا أظن أحدا قال إنه لليوم فقط نهر .

( قوله : وفي جبل عرفة إلخ ) أراد بالجبل ما يشمل السهل من كل ما يصح الوقوف فيه ، وإنما أقحم لفظ جبل إشارة إلى أن الغسل للوقوف نفسه لا لدخول عرفات ولا لليوم . مطلب يوم عرفة أفضل من يوم الجمعة

وما في البدائع من أنه يجوز أن يكون على الاختلاف أيضا : أي أن يكون للوقوف أو لليوم كما في الجمعة ، رده في الحلية بأن الظاهر أنه للوقوف . قال : وما أظن أن أحدا ذهب إلى استنانه ليوم عرفة بلا حضور عرفات ا هـ [ ص: 170 ] وأقره في البحر والنهر ، لكن قال المقدسي في شرحه على نظم الكنز أقول : لا يستبعد أن يقول أحد بسنيته لليوم لفضيلته ، حتى لو حلف بطلاق امرأته في أفضل أيام العام تطلق يوم عرفة ، ذكره ابن مالك في شرح المشارق . وقد وقع السؤال عن ذلك في هذه الأيام ودار بين الأقوام ، وكتب بعضهم بأفضلية يوم الجمعة والنقل بخلافه . ا هـ .




الخدمات العلمية