الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وغسل رأسه ولحيته بخطمي ) لأنه طيب أو يقتل الهوام ، [ ص: 489 ] بخلاف صابون ودلوك وأشنان اتفاقا زاد في الجوهرة وسدر وهو مشكل ( وقصها ) أي اللحية ( وحلق رأسه و ) إزالة ( شعر بدنه ) إلا الشعر النابت في العين فلا شيء فيه عندنا ( ولبس قميص وسراويل ) أي كل معمول على قدر بدن أو بعضه كزردية وبرنس ( وقباء ) ولو لم يدخل يديه في كميه جاز عندنا إلا أن يزرره أو يخلله ويجوز أن يرتدي بقميص وجبة ويلتحف به في نوم أو غيره اتفاقا [ ص: 490 ] ( وعمامة ) وقلنسوة ( وخفين إلا أن لا يجد نعلين فيقطعهما أسفل من الكعبين ) عند معقد الشراك

التالي السابق


( قوله بالخطمي ) بكسر الخاء نبت نهر ، والمراد الغسل بماء مزج فيه كما في القهستاني ( قوله لأنه طيب إلخ ) أشار إلى الخلاف في علة وجوب اتقائه فالوجوب متفق عليه ، وإنما الخلاف في علته وفي موجبه فيتقيه عند الإمام لأن له رائحة طيبة وإن لم تكن [ ص: 489 ] زكية وموجبه دم وعندهما لأنه يقتل الهوام ويلين الشعر وموجبه صدقة ومنشأ الخلاف الاشتباه فيه ولذا قال بعضهم : لا خلاف في خطمي العراق لأن له رائحة طيبة أفاده في النهر ( قوله بخلاف صابون ) في جنايات الفتح لو غسل بالصابون والحرض لا رواية فيه وقالوا لا شيء فيه لأنه ليس بطيب ولا يقتل ا هـ ومقتضى التعليل عدم وجوب الدم والصدقة اتفاقا ، ولذا قال في الظهيرية : وأجمعوا أنه لا شيء عليه ا هـ ومثله في البحر ، وكذا في القهستاني عن شرح الطحاوي فافهم ( قوله ودلوك ) بفتح الدال ، قيل هو نبت بأرض الحجاز معروف كالأشنان غير أنه أسود والأشنان أبيض يرطب البدن ويزيل الحكة والجرب ( قوله وأشنان ) قيل هو بضم الهمزة وكسرها كما في القاموس ، ويسمى حرضا أيضا ( قوله وسدر ) هو ورق النبق ح ( قوله وهو مشكل ) فإن السدر كالخطمي يقتل الهوام ، ويلين الشعر فكان ينبغي وجوب الصدقة عندهما كما في المنح والصابون والأشنان فيهما ذلك أيضا رحمتي زاد غيره أن للصابون طيب رائحة .

قلت : وفيه نظر فقد علمت الاتفاق على أن لا شيء فيه من دم ولا صدقة لأنه ليس بطيب ولا يقتل فافهم ( قوله وحلق رأسه ) وكذا رأس غيره ولو حلالا لباب ( قوله وإزالة شعر بدنه ) أي بقية بدنه كالشارب والإبط والعانة والرقبة والمحاجم كما في اللباب قال في البحر : والمراد إزالة شعره كيفما كان حلقا وقصا ونتفا وتنورا وإحراقا من أي مكان كان من الرأس والبدن مباشرة أو تمكينا ( قوله أي كل معمول إلخ ) أشار به إلى أن المراد المنع عن لبس المخيط وإنما خص المذكورات لذكرها في الحديث وفي البحر عن مناسك ابن أمير حاج الحلبي أن ضابطه لبس كل شيء معمول على قدر البدن أو بعضه بحيث يحيط به بخياطة أو تلزيق بعضه ببعض أو غيرهما ويستمسك عليه بنفس لبس مثله إلا المكعب . ا هـ . قلت : فخرج ما خيط بعضه ببعض لا بحيث يحيط بالبدن مثل المرقعة فلا بأس بلبسه كما قدمناه ، وأفاد قوله أو بعضه حرمة لبس القفازين في يدي الرجل ، وبه صرح السندي في منسكه الكبير ، وتبعه القاري في شرح اللباب ، وأما المرأة فيندب لها عدمه كما في البدائع وتمامه فيما علقناه على البحر ( قوله كزردية ) هي الدرع الحديد كما يفهم من القاموس ، وفيه البرنس بالضم قلنسوة طويلة أو كل ثوب رأسه منه أي كالذي يلبسه المغاربة يستر من الرأس إلى القدم ( قوله وقباء ) بالمد المنفرج من أمام ط ( قوله ولو لم يدخل إلخ ) في اللباب من المكروهات إلقاء القباء والعباء ونحوهما على منكبه من غير إدخال يديه في كميه وفيه من فصل الجنايات : ولو ألقى القباء على منكبيه وزره يوما فعليه دم وإن لم يدخل يديه في كميه وكذا لو لم يزرره ولكن أدخل يديه في كميه ، ولو ألقاه ولم يزرره ولم يدخل يديه في كميه فلا شيء عليه سوى الكراهة ا هـ وفي شرحه أن إدخال إحدى اليدين في الحكم كاليدين فقوله جاز المراد به نفي الجزاء لما علمت من كراهته ويؤيده قوله عندنا أي عند أئمتنا الثلاثة خلافا لزفر حيث قال عليه دم كما في شرح اللباب . واعترض على اللباب حيث ذكره في مباحات الإحرام بعد ما ذكره في مكروهاته وقال فالصواب أن يقول وإلقاء القباء ونحوه على نفسه وهو مضطجع كما ذكره في الكبير . ا هـ .

والحاصل أن الممنوع عنه لبس المخيط اللبس المعتاد ولعل وجه كراهة إلقاء نحو القباء والعباء على الكتفين [ ص: 490 ] أنه كثيرا ما يلبس كذلك تأمل ( قوله وعمامة ) بالكسر وقلنسوة ما يلبس في الرأس كالعرقية والتاج والطربوش ونحو ذلك ( قوله وخفين ) أي للرجال فإن المرأة تلبس المخيط والخفين كما في قاضي خان قهستاني ( قوله إلا أن لا يجد نعلين إلخ ) أفاد أنه لو وجدهما لا يقطعه لما فيه من إتلاف المال بغير حاجة ، أفاده في البحر وما عزي إلى الإمام من وجوب الفدية إذا قطعهما مع وجود النعلين خلاف المذهب كما في شرح اللباب ( قوله فيقطعهما ) أما لو لبسهما قبل القطع يوما فعليه دم وفي أقل صدقة لباب ( قوله أسفل من الكعبين ) الذي في الحديث وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين ، وهو أفصح مما هنا ابن كمال والمراد قطعهما بحيث يصير الكعبان وما فوقهما من الساق مكشوفا لا قطع موضع الكعبين فقط كما لا يخفى والنعل هو المداس بكسر الميم وهو ما يلبسه أهل الحرمين ممن له شراك ( قوله عند معقد الشراك ) وهو المفصل الذي في وسط القدم كذا روى هشام عن محمد ، بخلافه في الوضوء فإنه العظم الناتئ أي المرتفع ولم يعين في الحديث أحدهما لكن لما كان الكعب يطلق عليهما حمل على الأول احتياطا لأن الأحوط فيما كان أكثر كشفا بحر




الخدمات العلمية