الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 627 ] ويبدأ بالحج لو فرضا ، ويخير لو نفلا ما لم يمر به فيبدأ بزيارته لا محالة ولينو معه زيارة مسجده ، فقد أخبر " { أن صلاة فيه خير من ألف في غيره إلا المسجد الحرام } " وكذا بقية القرب ;

التالي السابق


( قوله ويبدأ إلخ ) قال في شرح اللباب : وقد روى الحسن عن أبي حنيفة أنه إذا كان الحج فرضا فالأحسن للحاج أن يبدأ بالحج ثم يثني بالزيارة ، وإن بدأ بالزيارة جاز ا هـ وهو ظاهر إذ يجوز تقديم النفل على الفرض إذا لم يخش الفوت بالإجماع . ا هـ . ( قوله ما لم يمر به ) أي بالقبر المكرم أي ببلده ، فإن مر بالمدينة كأهل الشام بدأ بالزيارة لا محالة لأن تركها مع قربها يعد من القساوة والشقاوة ، وتكون الزيارة حينئذ بمنزلة الوسيلة وفي مرتبة السنة القبلية للصلاة شرح اللباب ( قوله ولينو معه إلخ ) قال ابن الهمام : والأولى فيما يقع عند العبد الضعيف تجريد النية لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام ، ثم يحصل له إذا قدم زيارة المسجد أو يستمنح فضل الله تعالى في مرة أخرى ينويها فيها لأن في ذلك زيادة تعظيمه صلى الله عليه وسلم وإجلاله ، ويوافقه ظاهر ما ذكرناه من قوله صلى الله عليه وسلم " { من جاءني زائرا لا تحمله حاجة إلا زيارتي كان حقا علي أن أكون شفيعا له يوم القيامة } " . ا هـ . ح . ونقل الرحمتي عن العارف المنلا جامي أنه أفرز الزيارة عن الحج حتى لا يكون له مقصد غيرها في سفره ( قوله فقد أخبر إلخ ) أي بقوله صلى الله عليه وسلم " { صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي } " رواه أحمد وابن حبان في صحيحه ، وصححه ابن عبد البر وقال إنه مذهب عامة أهل الأثر شرح اللباب ، وقدمنا الكلام على المضاعفة المذكورة قبيل باب القران وفي الحديث المتفق عليه " { لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى } " والمعنى كما أفاده في الإحياء أنه لا تشد الرحال لمسجد من المساجد إلا هذه الثلاثة لما فيها من المضاعفة ، بخلاف بقية المساجد فإنها متساوية في ذلك ، فلا يرد أنه قد تشد الرحال لغير ذلك كصلة رحم وتعلم علم وزيارة المشاهد كقبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر الخليل عليه السلام وسائر الأئمة ( قوله وكذا بقية القرب ) أي كالصوم والاعتكاف والصدقة والذكر والقراءة . ونقل الباقاني عن الطحاوي اختصاص هذه المضاعفة بالفرائض ، وعن غيره النوافل كذلك .




الخدمات العلمية