الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي الخلاصة : وطئ أخت امرأته لا تحرم عليه امرأته ( لا ) تحرم ( المنظور إلى فرجها الداخل ) إذا رآه ( من مرآة أو ماء ) لأن المرئي مثاله ( بالانعكاس ) لا هو ( هذا إذا كانت حية مشتهاة ) ولو ماضيا ( أما غيرها ) يعني الميتة وصغيرة لم تشته ( فلا ) تثبت الحرمة بها أصلا كوطء دبر مطلقا وكما لو أفضاها [ ص: 35 ] لعدم تيقن كونه في الفرج ما لم تحبل منه بلا فرق بين زنا ونكاح .

التالي السابق


( قوله : وفي الخلاصة إلخ ) هذا محترز التقييد بالأصول والفروع وقوله : لا يحرم أي لا تثبت حرمة المصاهرة ، فالمعنى : لا تحرم حرمة مؤبدة ، وإلا فتحرم إلى انقضاء عدة الموطوءة لو بشبهة قال في البحر : لو وطئ أخت امرأة بشبهة تحرم امرأته ما لم تنقض عدة ذات الشبهة ، وفي الدراية عن الكامل لو زنى بإحدى الأختين لا يقرب الأخرى حتى تحيض الأخرى حيضة واستشكله في الفتح ووجهه أنه لا اعتبار لماء الزاني ولذا لو زنت امرأة رجل لم تحرم عليه وجاز له وطؤها عقب الزنا . ا هـ .

( قوله : لا تحرم المنظور إلى فرجها إلخ ) تبع في هذا التعبير صاحب الدرر واعترضه الشرنبلالي بأنه لا يصح إلا بتقدير مضاف : أي لا يحرم أصل وفرع المنظور إلى فرجها ، لما أنه لا يحرم نفس المنظور إلى فرجها ، وأجيب بأن المراد لا تحرم على أصول الناظر وفروعه ، وفيه أن الكلام في الحرمة وعدمها بالنسبة إلى أصولها وفروعها فالأولى إسقاط لفظ تحرم ، وإبقاء المتن على حاله فيكون قوله : لا المنظور معطوفا على قوله والمنظور . والمعنى : لا يحرم أصلها وفرعها ويعلم منه عدم حرمتها عليه وعلى أصوله وفروعه بالأولى فافهم .

( قوله : إذا رآه ) لا حاجة إليه لصحة تعلق الجار بقوله المنظور ط ( قوله : ; لأن المرئي مثاله إلخ ) يشير إلى ما في الفتح من الفرق بين الرؤية من الزجاج والمرآة ، وبين الرؤية في الماء ، ومن الماء حيث قال : كأن العلة والله سبحانه وتعالى أعلم أن المرئي في المرآة مثاله لا هو وبهذا عللوا الحنث فيما إذا حلف لا ينظر إلى وجه فلان فنظره في المرأة أو الماء وعلى هذا فالتحريم به من وراء الزجاج ، بناء على نفوذ البصر منه فيرى نفس المرئي بخلاف المرأة ، ومن الماء ، وهذا ينفي كون الإبصار من المرآة والماء بواسطة انعكاس الأشعة ، وإلا لرآه بعينه بل بانطباع مثل الصورة فيهما ، بخلاف المرئي في الماء ; لأن البصر ينفذ فيه إذا كان صافيا فيرى نفس ما فيه ، وإن كان لا يراه على الوجه الذي هو عليه ، ولهذا كان له الخيار إذا اشترى سمكة رآها في ماء بحيث تؤخذ منه بلا حيلة . ا هـ .

وبه يظهر فائدة قول الشارح مثاله ، لكنه لا يناسب قول المصنف تبعا للدرر بالانعكاس ، ولهذا قال في الفتح وهذا ينفي إلخ ، وقد يجاب بأنه ليس مراد المصنف بالانعكاس البناء على القول بأن الشعاع الخارج من الحدقة الواقع على سطح الصقيل كالمرآة والماء ينعكس من سطح الصقيل إلى المرئي ، حتى يلزم أنه يكون المرئي حينئذ حقيقته لا مثاله ، وإنما أراد به انعكاس نفس المرئي ، وهو المراد بالمثال فيكون مبنيا على القول الآخر ويعبرون عنه بالانطباع ، وهو أن المقابل للصقيل تنطبع صورته ، ومثاله فيه لا عينه ، ويدل عليه تعبير قاضي خان بقوله ; لأنه لم ير فرجها ، وإنما رأى عكس فرجها فافهم .

( قوله : هذا ) أي جميع ما ذكر في مسائل المصاهرة ( قوله : مشتهاة ) سيأتي تعريفها بأنها بنت تسع فأكثر ( قوله : ولو ماضيا ) كعجوز شوهاء ; لأنها دخلت تحت الحرمة ، فلا تخرج ولجواز وقوع الولد منها كما وقع لزوجتي إبراهيم وزكريا عليهما الصلاة والسلام ( قوله : فلا يثبت الحرمة بها ) أي بوطئها أو لمسها أو النظر إلى فرجها وقوله : أصلا أي سواء كان بشهوة أو لا وسواء أنزل أو لا ( قوله : مطلقا ) أي سواء كان بصبي أو امرأة كما في غاية البيان وعليه الفتوى كما في الواقعات ح عن البحر وفي الولوالجية : أتى رجل [ ص: 35 ] رجلا له أن يتزوج ابنته ; لأن هذا الفعل لو كان في الإناث لا يوجب حرمة المصاهرة ففي الذكر أولى . ( قوله : ; لعدم تيقن كونه في الفرج ) علة لعدم إيجاب وطء المفضاة المصاهرة فقط . وأما العلة في عدم إيجاب وطء الدبر المصاهرة فالتيقن بعدم كون الوطء في الفرج الذي هو محل الحرث ، وإنما تركها لانفهامها بالأولى قال في البحر : وأورد عليهما أي على المسألتين أن الوطء فيهما ، وإن لم يكن سببا للحرمة ، فالمس بشهوة سبب لها بل الموجود فيهما أقوى ، وأجيب بأن العلة هي الوطء السبب للولد وثبوت الحرمة بالمس ليس إلا لكونه سببا لهذا الوطء ، ولم يتحقق في الصورتين . ا هـ .

وبه علم أنه لا فرق في المسألتين بين الإنزال وعدمه ح ( قوله : ما لم تحبل منه ) زاد في الفتح وعلم كونه منه أي بإمساكها عنده حتى تلد كما قدمناه ، وهذا في الزنا لا في النكاح كما لا يخفى ( قوله : بلا فرق بين زنا ونكاح ) راجع لاشتراط كونها مشتهاة لثبوت الحرمة كما في البحر مفرعا عليه قوله : فلو تزوج صغيرة إلخ .




الخدمات العلمية