الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
إلا الطلاق ( و ) صح نكاح ( حبلى من زنى لا ) حبلى ( من غيره ) أي الزنى لثبوت نسبه ولو من حربي أو سيدها [ ص: 49 ] المقر به ( وإن حرم وطؤها ) ودواعيه ( حتى تضع ) متصل بالمسألة الأولى لئلا يسقي ماءه زرع غيره إذ الشعر ينبت منه .

[ فروع ]

لو نكحها الزاني حل له وطؤها اتفاقا والولد له ولزمه النفقة ، ولو زوج أمته أو أم ولده الحامل بعد علمه قبل إقراره به جاز وكان نفيا دلالة نهر عن التوشيح .

التالي السابق


( قوله : وصح نكاح حبلى من زنى ) أي عندهما . وقال أبو يوسف لا يصح والفتوى على قولهما ، كما في القهستاني عن المحيط . وذكر التمرتاشي أنها لا نفقة لها وقيل لها ذلك ، والأول أرجح ; لأن المانع من الوطء من جهتها بخلاف الحيض لأنه سماوي بحر عن الفتح ( قوله : حبلى من غير إلخ ) شمل الحبلى من نكاح صحيح أو فاسد أو وطء شبهة أو ملك يمين ، وما لو كان الحبل من مسلم أو ذمي أو حربي ( قوله : ; لثبوت نسبه ) فهي في العدة ونكاح المعتدة لا يصح ط ( قوله : ولو من حربي ) كالمهاجرة والمسبية . وعن أبي حنيفة أنه يصح وصحح الزيلعي المنع وهو المعتمد . [ ص: 49 ] وفي الفتح أنه ظاهر المذهب بحر ( قوله : المقر به ) بكسر القاف أشار به إلى أن ما في الهداية من قوله ولو زوج أم ولده وهي حامل منه فالنكاح باطل محمول على ما إذا أقر به لقوله وهي حامل منه قال في النهر : قال في التوشيح : فعلى هذا ينبغي أنه لو زوجها بعد العلم قبل اعترافه به أنه يجوز النكاح ويكون نفيا .

أقول : ومن هنا قد علمت أنه لو زوج غير أم ولده وهي حامل يجوز ; لأنه كان نفيا فيما لا يتوقف على الدعوى ففيما يتوقف عليها أولى . ا هـ . ( قوله : ودواعيه ) قال في البحر : وحكم الدواعي على قولها كالوطء كما في النهاية . ا هـ . قال ح : والذي في نفقات البحر جواز الدواعي فليحرر . ا هـ .

قلت : والذي في النفقات أن زوجة الصغير لو أنفق عليها أبوه ثم ولدت واعترفت أنها حبلى من الزنى لا ترد شيئا من النفقة ; لأن الحبل من الزنى إن منع الوطء لا يمنع من دواعيه . ا هـ .

فيمكن الفرق بأن ما هنا فيمن كانت حبلى من الزنى ثم تزوجها ، وما في النفقات في الزوجة إذا حبلت من الزنى فتأمل . ولا يمكن الجواب بأن ما في النفقات على قول الإمام بدليل قول البحر هنا على قولهما ; لأن الضمير في قولهما يعود إلى أبي حنيفة ومحمد القائلين بصحة النكاح ، وأما أبو يوسف فلا يقول بصحته من أصله فافهم ( قوله : متصل بالمسألة الأولى ) الضمير في متصل عائد على قول المصنف ، وإن حرم وطؤها حتى تضع فافهم .

( قوله : إذ الشعر ينبت منه ) المراد ازدياد نبات الشعر لا أصل نباته ، ولذا قال في التبيين والكافي ; لأن به يزداد سمعه وبصره حدة كما جاء في الخبر . ا هـ .

وهذه حكمته ، وإلا فالمراد المنع من الوطء لما في الفتح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره } يعني إتيان الحبلى رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن . ا هـ . شرنبلالية

( قوله : اتفاقا ) أي منهما ، ومن أبي يوسف ، فالخلاف السابق في غير الزاني كما في الفتح وغيره ( قوله : والولد له ) أي إن جاءت بعد النكاح لستة أشهر مختارات النوازل ، فلو لأقل من ستة أشهر من وقت النكاح ، لا يثبت النسب ، ولا يرث منه إلا أن يقول هذا الولد مني ، ولا يقول من الزنى خانية . والظاهر أن هذا من حيث القضاء ، أما من حيث الديانة فلا يجوز له أن يدعيه ; لأن الشرع قطع نسبه منه ، فلا يحل له استلحاقه به ولذا لو صرح بأنه من الزنى لا يثبت قضاء أيضا ، وإنما يثبت لو لم يصرح لاحتمال كونه بعقد سابق أو بشبهة حملا لحال المسلم على الصلاح ، وكذا ثبوته مطلقا إذا جاءت به لستة أشهر من النكاح لاحتمال علوقه بعد العقد ، وأن ما قبل العقد كان انتفاخا لا حملا ويحتاط في إثبات النسب ما أمكن . مطلب فيما لو زوج المولى أمته

( قوله : ولو زوج أمته إلخ ) هذا محترز قوله المقر به كما أوضحناه قبل




الخدمات العلمية