الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( لا يصح ) النكاح ( من غير كفء أو بغبن فاحش أصلا ) وما في صدر الشريعة صح ولهما فسخه [ ص: 69 ] وهم ( وإن كان من كفء وبمهر المثل صح و ) لكن ( لهما ) أي لصغير وصغيرة وملحق بهما ( خيار الفسخ ) ولو بعد الدخول ( بالبلوغ أو العلم بالنكاح بعده ) لقصور الشفقة ويغني عنه خيار العتق ، ولو بلغت وهو صغير فرق بحضرة أبيه أو وصيه [ ص: 70 ] ( بشرط القضاء ) للفسخ ( فيتوارثان فيه ) ويلزم كل المهر ثم الفرقة إن من قبلها ففسخ لا ينقص عدد طلاق ولا يلحقها طلاق إلا في الردة وإن من قبله فطلاق [ ص: 71 ] إلا بملك أو ردة أو خيار عتق وليس لنا فرقة منه ولا مهر عليه إلا إذا اختار نفسه بخيار عتق وشرط للكل القضاء إلا ثمانية [ ص: 72 ] ونظم صاحب النهر فقال : فرق النكاح أتتك جمعا نافعا فسخ طلاق وهذا الدر يحكيها     تباين الدار مع نقصان مهر كذا
فساد عقد وفقد الكفء ينعيها     تقبيل سبي وإسلام المحارب أو
إرضاع ضرتها قد عد ذا فيها     خيار عتق بلوغ ردة وكذا
ملك لبعض وتلك الفسخ يحصيها     أما الطلاق فجب عنة وكذا
إيلاؤه ولعان ذاك يتلوها     قضاء قاض أتى شرط الجميع خلا
ملك وعتق وإسلام أتى فيها     تقبيل سبي مع الإيلاء يا أملي
تباين مع فساد العقد يدنيها

التالي السابق


( قوله لا يصح النكاح من غير كفء ) مثله قول الكنز : ولو زوج طفله غير كفء أو بغبن فاحش صح ولم يجز ذلك لغير الأب والجد ، ومقتضاه أن الأخ لو زوج أخاه الصغير امرأة أدنى منه لا يصح وفيه ما مر عن الشرنبلالية من أن الكفاءة لا تعتبر للزوج كما سيأتي في بابها أيضا .

وقدمنا أن الشارح أشار إلى ذلك أيضا وقد راجعت كثيرا فلم أر شيئا صريحا في ذلك ; نعم رأيت في البدائع مثل ما في الكنز حيث قال : وأما إنكاح الأب والجد الصغير الصغيرة فالكفاءة فيه ليست بشرط عند أبي حنيفة لصدوره ممن له كمال النظر لكمال الشفقة ، بخلاف إنكاح الأخ والعم من غير كفء فإنه لا يجوز بالإجماع لأنه ضرر محض ا هـ فقوله بخلاف إلخ ظاهر في رجوعه إلى كل من الصغير والصغيرة ، وعلى هذا فمعنى عدم اعتبار الكفاءة للزوج أن الرجل لو زوج نفسه من امرأة أدنى منه ليس لعصباته حق الاعتراض ، بخلاف الزوجة وبخلاف الصغيرين إذا زوجهما غير الأب والجد هذا ما ظهر لي وسنذكر في أول باب الكفاءة ما يؤيده ، والله أعلم قوله أصلا أي لا لازما ولا موقوفا على الرضا بعد البلوغ ، قال في فتح القدير : وعلى هذا ابتنى الفرع المعروف : لو زوج العم الصغيرة حرة الجد من معتق الجد فكبرت وأجازت لا يصح لأنه لم يكن عقدا موقوفا إذ لا مجيز له فإن العم ونحوه لم يصح منهم التزويج بغير الكفء ا هـ . قال في البحر : ولذا ذكر في الخانية وغيرها أن غير الأب والجد إذا زوج الصغيرة فالأحوط أن يزوجها مرتين مرة بمهر مسمى ومرة بغير التسمية لأنه لو كان في التسمية نقصان فاحش ولم يصح النكاح الأول يصح الثاني . ا هـ . وليس للتزويج من غير كفء حيلة كما لا يخفى ا هـ ( قوله صح ولهما فسخه ) أي بعد بلوغهما ، والجملة قصد بها لفظهما مرفوعة المحل على أنها بدل من ما أو محكية بقول محذوف أي قائلا .

وقوله : وهم خبر عن ما ، وعبارة صدر الشريعة في متنه : وصح إنكاح الأب والجد الصغير والصغيرة بغبن فاحش ومن غير كفء لا غيرهما . وقال في شرحه : أي لو فعل الأب أو الجد عند عدم الأب لا يكون للصغير والصغيرة حق الفسخ بعد البلوغ ، وإن فعل غيرهما فلهما أن يفسخا بعد البلوغ . ا هـ . ولا يخفى أن الوهم في عبارة الشرح وقد نبه على وهمه ابن الكمال ، وكذا المحقق التفتازاني في التلويح في بحث العوارض ، وذكر أنه [ ص: 69 ] لا يوجد له رواية أصلا ، وأجاب القهستاني بأن صحته بالغبن الفاحش نقلها في الجواهر عن بعضهم وبغير كفء نقلها في الجامع عن بعضهم قال وهذا يدل على وجود الرواية ا هـ .

قلت : وفيه نظر ، فإن ما كان قولا لبعض المشايخ لا يلزم أن يكون فيه رواية عن أئمة المذهب ولا سيما إذا كان قولا ضعيفا مخالفا لما في مشاهير كتب المذهب المعتمدة ( قوله ولكن لهما خيار البلوغ ) دفع به توهم اللزوم المتبادر من الصحة ط وأطلق فشمل الذميين والمسلمين وما إذا زوجت الصغيرة نفسها فأجاز الولي لأن الجواز ثبت بإجازة الولي فالتحق بنكاح باشره بحر عن المحيط ( قوله وملحق بهما ) كالمجنون والمجنونة إذا كان المزوج لهما غير الأب والجد والابن بأن كان أخا أو عما مثلا . قال في الفتح بعد أن ذكر العصبات : وكل هؤلاء يثبت لهم ولاية الإجبار على البنت والذكر في حال صغرهما أو كبرهما إذا جنا مثلا غلام بلغ عاقلا ثم جن فزوجه أبوه وهو رجل جاز إذا كان مطبقا فإذا أفاق فلا خيار له ، وإن زوجه أخوه فأفاق فله الخيار . ا هـ . ( قوله بالبلوغ ) أي إذا علما قبله أو عنده قهستاني ( قوله أو العلم بالنكاح بعده ) أي بعد البلوغ بأن بلغا ولم يعلما به ثم علما بعده ( قوله لقصور الشفقة ) أي ولقصور الرأي في الأم ، وهذا جواب عن قول أبي يوسف إنه لا خيار لهما اعتبارا بما لو زوجهما الأب أو الجد .

( قوله ويغني عنه خيار العتق ) اعلم أن خيار العتق لا يثبت للذكر بل للأنثى فقط صغيرة أو كبيرة ، فإذا زوجها مولاها ثم أعتقها فلهما الخيار لأنه كان يزول ملك الزوج عليها بطلقتين فصار لا يزول إلا بثلاث ، لكن لو صغيرة لا تخبر ما لم تبلغ فإذا بلغت خيرها القاضي خيار العتق لا خيار البلوغ ، وإن ثبت لها أيضا لأن الأول أعم فينظم الثاني تحته ، وقيل لا يثبت لها خيار البلوغ وهو الأصح ، وهكذا ذكره محمد في الجامع لأن ولاية المولى ولاية كاملة لأنها بسبب الملك فلا يثبت خيار البلوغ كما في الأب والجد ، ولو زوج عبده الصغير حرة ثم أعتقه ثم بلغ فليس له خيار بلوغ ولا خيار عتق لأن إنكاح المولى باعتبار الملك لا بطريق النظر له ، بخلاف ما إذا زوجه بعد العتق وهو صغير لأنه بطريق النظر هذا خلاصة ما في الذخيرة من الفصل السابع عشر ونحوه في جامع الصفار للإمام الأسروشني ; وفي البحر عن الإسبيجابي : لو أعتق أمته الصغيرة أولا ثم زوجها ثم بلغت فإن لها خيار البلوغ ا هـ : أي لما مر من أن ولايته عليها بطريق النظر ، ولأنها ولاية إعتاق وهي متأخرة عن جميع العصبات فلها خيار البلوغ كما في ولاية الأخ والعم بل أولى بخلاف ما لو زوجها قبل الإعتاق ، ثم بلغت فإنه ليس لها خيار البلوغ كما مر لأن ولاية الملك أقوى من ولاية الأب والجد .

والحاصل : أن خيار العتق لا يثبت للذكر الرقيق صغيرا أو كبيرا ويثبت للأنثى مطلقا إذا زوجها حالة الرق ، وأن خيار البلوغ يثبت للصغير والصغيرة إذا زوجهما بعد العتق وأنه لا يثبت لهما إذا زوجهما قبله لا استقلالا ولا تبعا لخيار العتق للصغيرة على الصحيح ، فقوله ويغني عنه خيار العتق مبني على الضعيف ( قوله بحضرة أبيه أو وصيه ) فإن لم يوجد أحدهما ينصب القاضي وصيا يخاصم فيحضره ويطلب منه حجة للصغير تبطل دعوى الفرقة من بينة على رضاها بالنكاح بعد البلوغ أو تأخيرها طلب الفرقة وإلا يحلفها الخصم ، فإن حلفت يفرق بينهما الحاكم بحضرة الخصم بلا انتظار إلى بلوغ الصبي دأب الأوصياء عن جامع الفصولين . [ ص: 70 ]

قلت : والظاهر أن وصي الأب مقدم على الجد كما صرحوا به في بابه ، ثم رأيته هنا في جامع الصفار قال في امرأة الصبي لو وجدته مجبوبا فالقاضي يفرق بينهما بخصومتها ولو وجدته عنينا ينتظر بلوغه ثم قال : فإن لم يكن له أب ولا وصي فالجد أو وصيه خصم فيه ، فإن لم يكن نصب القاضي عنه خصما إلخ فافهم ( قوله بشرط القضاء ) أي لأن في أصله ضعفا ، فيتوقف عليه كالرجوع في الهبة ، وفيه إيماء إلى أن الزوج لو كان غائبا لم يفرق بينهما ما لم يحضر للزوم القضاء على الغائب نهر . قلت : وبه صرح الأسروشني في جامعه ( قوله للفسخ ) أي هذا الشرط إنما هو لفسخ لا لثبوت الاختيار . وحاصله أنه إذا كان المزوج للصغير والصغيرة غير الأب والجد ، فلهما الخيار بالبلوغ أو العلم به فإن اختار الفسخ لا يثبت الفسخ إلا بشرط القضاء . فلذا فرع عليه بقوله فيتوارثان فيه أي في هذا النكاح قبل ثبوت فسخه ( قوله ويلزم كل المهر ) لأن المهر كما يلزم جميعه بالدخول ولو حكما كالخلوة الصحيحة ، كذلك يلزم بموت أحدهما قبل الدخول ، أما بدون ذلك فيسقط ولو الخيار منه لأن الفرقة بالخيار فسخ للعقد والعقد إذا انفسخ يجعل كأنه لم يكن كما في النهر ( قوله إن من قبلها ) أي وليست بسبب من الزوج كذا في النهر . واحترز به عن التخيير والأمر باليد ، فإن الفرقة فيهما وإن كانت من قبلها لكن لما كانت بسبب من الزوج كانت طلاقا ح ( قوله لا ينقص عدد طلاق ) فلو جدد العقد بعده ملك الثلاث كما في الفتح ( قوله ولا يلحقها طلاق ) أي لا يلحق المعتدة بعد الفسخ في العدة طلاق ولو صريحا ح . وإنما تلزمها العدة إذا كان الفسخ بعد الدخول ، وما ذكره الشارح نقله في البحر عن النهاية على خلاف ما بحثه في الفتح ، وقيد بعده الفسخ لما في الفتح من أن كل فرقة بطلاق يلحقها الطلاق في العدة إلا في اللعان لأنه يوجب حرمة مؤبدة ا هـ وسيأتي بيان ذلك مستوفى إن شاء الله تعالى قبيل باب تفويض الطلاق ( قوله إلا في الردة ) يعني أن الطلاق الصريح يلحق المرتدة في عدتها وإن كانت فرقتها فسخا لأن الحرمة بالردة غير متأبدة لارتفاعها بالإسلام فيقع طلاقه عليها في العدة مستتبعا فائدته من حرمتها عليها بعد الثلاث حرمة مغياة بوطء زوج آخر كذا في الفتح .

واعترضه في النهر بأنه يقتضي قصر عدم الوقوع في العدة على ما إذا كانت الفرقة بما يوجب حرمة مؤبدة كالتقبيل ، والإرضاع وفيه مخالفة ظاهرة لظاهر كلامهم عرف ذلك من تصفحه ا هـ أي لتصريحهم بعدم اللحاق في عدة خيار العتق والبلوغ ، وعدم الكفاءة ، ونقصان المهر والسبي ، والمهاجرة والإباء والارتداد .

ويمكن الجواب عن الفتح بأن مراده بالتأبيد ما كان من جهة الفسخ . وذكر في أول طلاق البحر أن الطلاق لا يقع في عدة الفسخ إلا في ارتداد أحدهما وتفريق القاضي بإباء أحدهما عن الإسلام ، لكن الشارح قبل باب تفويض الطلاق قال تبعا للمنح لا يلحق الطلاق وعدة الردة مع اللحاق ، فيقيد كلام البحر هنا بعدم اللحاق كما لا يخفى وقد نظمت ذلك بقولي : ويلحق الطلاق فرقة الطلاق أو الإبا أو ردة بلا لحاق

قال ح : وسيأتي هناك أيضا أن الفرقة بالإسلام لا يلحق الطلاق عدتها فتأمل وراجع . ا هـ . .

قلت : ما ذكره آخرا قال الخير الرملي إنه في طلاق أهل الحرب : أي فيما لو هاجر أحدهما مسلما لأنه لا عدة عليها وسيأتي تمامه هناك وفي باب نكاح الكافر إن شاء الله تعالى ( قوله وإن من قبله فطلاق ) فيه نظر فإنه [ ص: 71 ] يقتضي أن يكون التباين والتقبيل ، والسبي والإسلام وخيار البلوغ والردة والملك طلاقا وإن كانت من قبله ، وليس كذلك كما ستراه واستثناؤه الملك والردة وخيار العتق لا يجدي نفعا لبقاء الأربعة الأخر . فالصواب أن يقال وإن كانت الفرقة من قبله ولا يمكن أن تكون من قبلها فطلاق كما أفاده شيخنا طيب الله تعالى ثراه ، وإليه أشار في البحر حيث قال : وإنما عبر بالفسخ ليفيد أن هذه الفرقة فسخ لا طلاق ، فلا تنقص عدده لأنه يصح من الأنثى ولا طلاق إليها ا هـ ومثله في الفتاوى الهندية وعبارته : ثم الفرقة بخيار البلوغ ليست بطلاق لأنها فرقة يشترك في سببها المرأة والرجل ، وحينئذ يقال في الأول ثم إن كانت الفرقة من قبلها لا بسبب منه أو من قبله ويمكن أن تكون منها ففسخ فاشدد يديك عليه فإنه أجدى من تفاريق العصا . ا هـ . ح .

قلت : لكن يرد عليه إباء الزوج عن الإسلام فإنه طلاق مع أنه يمكن أن يكون منها ، وكذا اللعان فإنه من كل منهما وهو طلاق وقد يجاب عن الأول بأنه على قول أبي يوسف إن الإباء فسخ ولو كان من الزوج ، وعن الثاني بأن اللعان لما كان ابتداؤه منه صار كأنه من قبله وحده فيتأمل ( قوله أو خيار عتق ) يقتضي أن للعبد خيار عتق ، وهو سهو منه فإنا قدمنا عن البحر وفتح القدير أن خيار العتق يختص بالأنثى وسيصرح به الشارح في باب نكاح الرقيق حيث يقول : ولا يثبت لغلام ح ( قوله وليس لنا فرقة منه ) أي قبل الدخول ح ( قوله إلا إذا اختار نفسه بخيار عتق ) صوابه بخيار بلوغ ، ويدل عليه قول البحر : وليس لنا فرقة جاءت من قبل الزوج قبل الدخول ولا مهر عليه إلا هذه ، فإنه راجع إلى خيار البلوغ لأن كلامه فيه لا في خيار العتق كما تعلمه بمراجعة ثم قال : وهذا الحصر غير صحيح لما في الذخيرة قبيل كتاب النفقات : حر تزوج مكاتبة بإذن سيدها على جارية بعينها فلم تقبض المكاتبة الجارية ، حتى زوجتها من زوجها على مائة درهم جاز النكاحان ، فإن طلق الزوج المكاتبة أولا ثم طلق الأمة وقع الطلاق على المكاتبة ولا يقع على الأمة لأن بطلاق المكاتبة تتنصف الأمة وعاد نصفها إلى الزوج بنفس الطلاق فيفسد نكاح الأمة قبل ورود الطلاق عليها فلم يعمل طلاقها ، ويبطل جميع مهر الأمة عن الزوج مع أنها فرقة جاءت من قبل الزوج قبل الدخول بها لأن الفرقة إذا كانت من قبل الزوج إنما لا تسقط كل المهر إذا كانت طلاقا ، وأما إذا كانت من قبل الدخول وكانت فسخا من كل وجه توجب سقوط كل الصداق كالصغير إذا بلغ . وأيضا لو اشترى منكوحته قبل الدخول بها فإنه يسقط كل الصداق مع أن الفرقة جاءت من قبله لأن فساد النكاح حكم معلق بالملك ، وكل حكم تعلق بالملك فإنه بحال على قبول المشتري لا على إيجاب البائع ، وإنما سقط كل الصداق لأنه فسخ من كل وجه ا هـ بلفظه .

ويرد على صاحب الذخيرة إذا ارتد الزوج قبل الدخول فإنها فرقة هي فسخ من كل وجه مع أنه لم يسقط كل المهر بل يجب عليه نصفه ، فالحق أن لا يجعل لهذه المسألة ضابط بل يحكم في كل فرد بما أفاده الدليل ا هـ كلام البحر .

قال في النهر : أقول : في دعوى كون الفرقة من قبله فيما إذا ملكها أو بعضها نظر . ففي البدائع : الفرقة الواقعة بملكه إياها أو شقصا منها فرقة بغير طلاق لأنها فرقة حصلت بسبب لا من قبل الزوج فلا يمكن أن تجعل طلاقا فتجعل فسخا ا هـ وسيأتي إيضاحه في محله ا هـ كلام النهر ح ( قوله إلا ثمانية ) لأنها تبتنى على سبب جلي بخلاف غيرها فإنه : يبتنى على سبب خفي لأن الكفاءة شيء لا يعرف بالحس وأسبابها مختلفة وكذا بنقصان مهر المثل وخيار البلوغ مبني على قصور الشفقة وهو أمر باطني والإباء ربما يوجد وربما لا يوجد وكذا في البحر ح . [ ص: 72 ]

مطلب في فرق النكاح

( قوله فرق النكاح ) هذا الشطر الأول من بحر الكامل وما عداه من البسيط ، وهو لا يجوز وقد غيرته إلى قولي إن النكاح له في قولهم فرق ح ( قوله فسخ الطلاق ) بدل من " فرق " بدل مفصل والخبر قوله أتتك أو خبر بعد خبر ط ( قوله وهذا الدر ) اسم الإشارة مبتدأ والدر بدل منه أو عطف بيان ، والمراد به النظم المذكور شبهه بالدر لنفاسته وجملة يحكيها أي يذكرها خبر ( قوله تباين الدار ) حقيقة وحكما ، كما إذا خرج أحد الزوجين الحربيين إلى دار الإسلام غير مستأمن بأن خرج إلينا مسلما أو ذميا أو أسلم ، أو صار ذمة في دارنا بخلاف ما إذا خرج مستأمنا لتباين الدار حقيقة فقط ، وبخلاف ما إذا تزوج مسلم أو ذمي حربية ثمة لتباين الدار حكما فقط ح بزيادة ( قوله مع نقصان مهر ) بتسكين عين مع وهو لغة وكسر راء مهر بلا تنوين للضرورة يعني إذا نكحت بأقل من مهرها وفرق الولي بينهما فهي فسخ ، لكن إن كان ذلك قبل الدخول فلا مهر لها وإن كان بعده فلها المسمى كما يأتي ط ( قوله كذا فساد عقد ) كأن نكح أمة على حرة ط أو تزوج بغير شهود ( قوله وفقد الكفء ) أي إذا نكحت غير الكفء فللأولياء حق الفسخ ، وهذا على ظاهر الرواية ، أما على رواية الحسن فالعقد فاسد ط وتقدم أنها المفتى بها ( قوله ينعيها ) النعي هو الإخبار بالموت ، وهو تكملة أشار به إلى أن من نكحت غير كفء فكأنها ماتت ط .

( قوله تقبيل ) بالرفع من غير تنوين للضرورة : أي فعله ما يوجب حرمة المصاهرة بفروعها الإناث وأصولها أو فعلها ذلك بفروعه الذكور وأصوله ط ( قوله سبي ) فيه نظر لما في باب نكاح الكافر والمرأة تبين بتباين الدارين لا بالسبي ولئن كان المراد السبي مع التباين فالتباين مغن عنه ح ( قوله وإسلام المحارب ) أي لو أسلم أحد المحبوسين في دار الحرب بانت منه بمضي ثلاث حيض أو ثلاثة أشهر قبل إسلام الآخر إقامة لشرط الفرقة ، وهو مضي الحيض أو الأشهر مقام السبب ، وهو الإباء لتعذر العرض بانعدام الولاية ، فيصير مضي ذلك بمنزلة تفريق القاضي وهذه الفرقة طلاق عندهما فسخ عند أبي يوسف قال في البحر في باب نكاح الكافر : ينبغي أن يقال إنها طلاق في إسلامها لأنه هو الآبي حكما فسخ في إسلامه ( قوله أو إرضاع ضرتها ) أي إذا أرضعت الكبيرة ضرتها الصغيرة في أثناء الحولين ينفسخ النكاح كما يأتي في باب الرضاع لكونه يصير جامعا بين الأم وبنتها ط والضرة غير قيد فإن منه ما مثل به في البدائع : لو أرضعت الصغيرة أم زوجها أو أرضعت زوجتيه الصغيرتين امرأة أجنبية ( قوله خيار عتق ) قد علمت أنه لا يكون إلا من جهتها بخلاف ما بعده ح ( قوله بلوغ ) بالجر عطفا على عتق بإسقاط العاطف ط .

( قوله ردة ) ط بالرفع عطفا على تباين بحذف العاطف ط والمراد ردة أحدهما فقط بخلاف ما لو ارتدا معا فإنهما لو أسلما معا يبقى النكاح ( قوله ملك لبعض ) أفاد أن ملك الكل كذلك بدلالة الأولى ح ( قوله وتلك الفسخ يحصيها ) أي يجمعها ويتحقق في كل منها ، والإشارة إلى الاثنا عشر المتقدمة وقد علمت سقوط السبي ، وكان ينبغي أن يذكر بدله ما في البدائع : تزوج مسلم كتابية يهودية أو نصرانية فتمجست تثبت الفرقة بينهما لأن المجوسية لا تصلح لنكاح المسلم ، ثم لو كانت قبل الدخول فلا مهر لها ولا نفقة [ ص: 73 ] لأنها فرقة بغير طلاق فكانت فسخا ولو بعد الدخول فلها المهر دون النفقة لأنها جاءت من قبلها ا هـ وقد غيرت البيت الذي قبل هذا وأسقطت منه السبي وزدت هذه المسألة فقلت :     إرضاع إسلام حربي تمجس
نصرانية قبله قد عد ذا فيها وقد علمت أن كون إسلام الحربي فسخا مفرع على قول الثاني أو على ما بحثه في البحر ( قوله أما الطلاق إلخ ) أي أما الفرقة التي هي طلاق فهي الفرقة بالجب ، والعنة . والإيلاء ، واللعان ، وبقي خامس ذكره في الفتح وهو إباء الزوج عن الإسلام : أي لو أسلمت زوجة الذمي وأبى عن الإسلام فإنه طلاق بخلاف عكسه ، فإنها لو أبت يبقى النكاح وقد غيرت البيت إلى قولي :     أما الطلاق فجب عنة
وإباء الزوج إيلاؤه واللعن يتلوها وكذا إسلام أحد الحربيين فرقة بطلاق على قولهما لكن لما مشى على كونه فسخا لم تذكره .

[ تتمة ] : قدمنا عن الفتح أن كل فرقة بطلاق يلحق الطلاق عدتها إلا اللعان لأنه حرمة مؤبدة ( قوله خلا ملك إلخ ) أراد بالملك ملك أحدهما للآخر أو لبعضه وبالعتق خيار الأمة إذا أعتقها مولاها بعدما زوجها ، بخلاف العبد وبالإسلام إسلام أحد الحربيين ، وبالتقبيل فعل ما يوجب حرمة المصاهرة ، فإنه لا يرتفع النكاح بمجرد ذلك ، بل بعد المتاركة أو تفريق القاضي كما مر في المحرمات ، فلم يتعين التفريق ، وقد علمت أن ذكر السبي لا محل له

وحاصل ما ذكره مما لا يحتاج إلى القضاء ثمانية ويرد عليه الفرقة بالردة فسيأتي أن ارتداد أحدهما فسخ في الحال وقد غيرت البيت الأخير إلى قولي :     إيلاؤه ردة أيضا مصاهرة
تباين مع فساد العقد يدنيها




الخدمات العلمية