الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وتعتبر ) الكفاءة للزوم النكاح خلافا لمالك ( نسبا فقريش ) بعضهم ( أكفاء ) بعض ( و ) بقية ( العرب ) بعضهم ( أكفاء ) بعض واستثنى في الملتقى تبعا للهداية بني باهلة [ ص: 87 ] لخستهم ، والحق الإطلاق قاله المصنف كالبحر والنهر والفتح والشرنبلالي ويعضده إطلاق المصنفين كالكنز والدرر وهذا في العرب

التالي السابق


( قوله للزوم النكاح ) أي على ظاهر الرواية ولصحته على رواية الحسن المختارة للفتوى ( قوله خلافا لمالك ) في اعتبار الكفاءة خلاف مالك والثوري والكرخي من مشايخنا ، كذا في فتح القدير ، فكان الأولى ذكر الكرخي وفي حاشية الدرر للعلامة نوح أن الإمام أبا الحسن الكرخي والإمام أبا بكر الجصاص وهما من كبار علماء العراق ، ومن تبعهما من مشايخ العراق لم يعتبروا الكفاءة في النكاح ، ولو لم تثبت عندهم هذه الرواية عن أبي حنيفة لما اختاروها وذهب جمهور مشايخنا إلى أنها معتبرة فيه ولقاضي القضاة سراج الدين الهندي مؤلف مستقل في الكفاءة ذكر فيه القولين على التفصيل وبين ما لكل منهما من السند والدليل . ا هـ . ( قوله نسبا ) أي من جهة النسب ونظم العلامة الحموي ما تعتبر فيه الكفاءة فقال : إن الكفاءة في النكاح تكون في ست لها بيت بديع قد ضبط نسب وإسلام كذلك حرفة
حرية وديانة مال فقط قلت : وفي الفتاوى الحامدية عن واقعات قدري أفندي عن القاعدية غير الأب والجد من الأولياء لو زوج الصغيرة من عنين معروف لم يجز لأن القدرة على الجماع شرط الكفاءة كالقدرة على المهر والنفقة بل أولى ا هـ وأما الكبيرة فسنذكر عن البحر أنه لو زوجها الوكيل عنينا مجبوبا جاز وإن كان لها التفريق بعد .

( قوله فقريش إلخ ) القرشيان من جمعهما أب هو النضر بن كنانة فمن دونه ، ومن لم ينتسب إلا لأب فوقه فهو غير قرشي والنضر هو الجد الثاني عشر للنبي صلى الله عليه وسلم فإنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، على هذا اقتصر البخاري والخلفاء الأربعة كلهم من قريش وتمامه في البحر ( قوله بعضهم أكفاء بعض ) أشار به إلى أنه لا تفاضل فيما بينهم من الهاشمي والنوفلي والتيمي والعدوي وغيرهم ، ولهذا زوج علي وهو هاشمي أم كلثوم بنت فاطمة لعمر وهو عدوي قهستاني فلو تزوجت هاشمية قرشيا غير هاشمي لم يرد عقدها وإن تزوجت عربيا غير قرشي لهم رده كتزويج العربية أعجميا بحر وقوله لم يرد عقدها ذكر مثله في التبيين ، وكثير من شروح الكنز والهداية ، وغالب المعتبرات فقوله في الفيض القرشي لا يكون كفؤا للهاشمي كلمة لا فيه من تحريف النساخ رملي .

( قوله وبقية العرب أكفاء ) العرب صنفان : عرب عاربة : وهم أولاد قحطان ومستعربة : وهم أولاد إسماعيل والعجم أولاد فروخ أخي إسماعيل ، وهم الموالي والعتقاء والمراد بهم غير العرب وإن لم يمسهم رق سموا بذلك إما لأن العرب لما افتتحت بلادهم وتركتهم أحرارا بعد أن كان لهؤلاء الاسترقاق ، فكأنهم أعتقوهم ، أو لأنهم نصروا العرب على قتل الكفار والناصر يسمى مولى نهر .

( قوله بني باهلة ) قال في البحر : [ ص: 87 ] باهلة في الأصل اسم امرأة من همدان كانت تحت معن بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان فنسب ولده إليها وهم معروفون بالخساسة قيل كانوا يأكلون بقية الطعام مرة ثانية وكانوا يأخذون عظام الميتة يطحنونها ويأخذون دسومتها ولذا قيل :

ولا ينفع الأصل من هاشم
إذا كانت النفس من باهله

وقيل :

إذا قيل للكلب يا باهلي عوى الكلب من شؤم هذا النسب

( قوله والحق الإطلاق ) فإن النص لم يفصل مع أنه صلى الله عليه وسلم كان أعلم بقبائل العرب وأخلاقهم وقد أطلق ، وليس كل باهلي كذلك بل فيهم الأجواد وكون فصيلة منهم أو بطن صعاليك فعلوا ذلك لا يسري في حق الكل فتح ( قوله ويعضده ) أي يقويه .

قلت : يعضده أيضا إطلاق محمد ففي كافي الحاكم قريش بعضها أكفاء لبعض والعرب بعضهم أكفاء لبعض ، وليسوا بأكفاء لقريش ومن كان له من الموالي أبوان أو ثلاثة في الإسلام فبعضهم أكفاء لبعض وليسوا بأكفاء للعرب ا هـ .

والحاصل : أنه كما لا يعتبر التفاوت في قريش حتى أن أفضلهم بني هاشم أكفاء لغيرهم منهم ، فكذلك في بقية العرب بلا استثناء ويؤخذ من هذا أن من كانت أمها علوية مثلا وأبوها عجمي يكون العجمي كفؤا لها ، وإن كان لها شرف ما لأن النسب للآباء ولهذا جاز دفع الزكاة إليها فلا يعتبر التفاوت بينهما من جهة شرف الأم ولم أر من صرح بهذا والله أعلم .

( قوله وهذا في العرب ) أي اعتبار النسب إنما يكون في العرب فلا يعتبر فيهم الإسلام كما في المحيط والنهاية وغيرهما ولا الديانة كما في النظم ولا الحرفة كما في المضمرات لأن العرب لا يتخذون هذه الصنائع حرفا ، وأما الباقي أي الحرية والمال فالظاهر من عباراتهم أنه معتبر قهستاني لكن فيه كلام ستعرفه في مواضعه




الخدمات العلمية