الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 308 ] ( لا ) يلحق البائن ( البائن ) [ ص: 309 ] إذا أمكن جعله إخبارا عن الأول : [ ص: 310 ] كأنت بائن بائن ، أو أبنتك بتطليقة فلا يقع لأنه إخبار فلا ضرورة في جعله إنشاء ، بخلاف أبنتك بأخرى أو أنت طالق بائن ، أو قال نويت البينونة الكبرى لتعذر حمله على الإخبار فيجعل إنشاء ، ولذا وقع المعلق كما قال ( إلا إذا كان ) البائن ( معلقا بشرط ) أو مضافا ( قبل ) إيجاد ( المنجز البائن ) كقوله : إن دخلت الدار فأنت بائن ناويا ثم أبانها ثم دخلت بانت بأخرى لأنه لا يصلح إخبارا ، [ ص: 311 ] ومثله المضاف كأنت بائن غدا ثم أبانها ثم جاء الغد يقع أخرى .

وفي البحر عن الوهبانية : أنت بائن كناية معلقا كان أو منجزا فيغتفر للنية ، ولو قال : إن دخلت الدار فأنت بائن ، ثم قال إن كلمت زيدا فأنت بائن ثم دخلت وبانت ثم كلمت يقع أخرى ذخيرة .

وفي البزازية : إن فعلت كذا فحلال الله علي حرام ثم قال كذلك لأمر آخر ففعل أحدهما بانت ، وكذا لو فعل الثاني على الأشبه فليحفظ ، قيد بالقبلية لأنه لو أبانها أولا ثم أضاف البائن أو علقه لم يصح كتنجيزه بدائع . ويستثنى ما في البزازية : كل امرأة له طالق لم يقع على المختلعة ، ولو قال إن فعلت كذا فامرأته كذا لم يقع على معتدة البائن ، [ ص: 312 ] ويضبط الكل ما قيل : كلا أجز لا بائنا مع مثله إلا إذا علقته من قبله     إلا بكل امرأة وقد خلع
والحق الصريح بعد لم يقع

التالي السابق


( قوله لا يلحق البائن البائن ) المراد بالبائن الذي لا يلحق هو ما كان بلفظ الكناية لأنه هو الذي ليس ظاهرا في إنشاء الطلاق كذا في الفتح ، وقيد بقوله الذي لا يلحق إشارة إلى أن البائن الموقع أولا أعم من كونه بلفظ الكناية أو بلفظ الصريح المفيد للبينونة كالطلاق على مال ، وحينئذ فيكون المراد بالصريح في الجملة الثانية أعني قولهم فالبائن يلحق الصريح لا البائن هو الصريح الرجعي فقط دون الصريح البائن ، وبه ظهر أن ما نقله الشارح أولا عن الفتح من أن الصريح ما لا يحتاج إلى نية بائنا كان الواقع به أو رجعيا خاص بالصريح في الجملة الأولى : أعني قولهم الصريح يلحق الصريح والبائن كما دل عليه كلام الفتح الذي ذكرناه هنا ، ويدل عليه أيضا أمور :

منها ما أطبقوا عليه من تعليلهم عدم لحوق البائن البائن بإمكان جعل الثاني خبرا عن الأول ; ولا يخفى أن ذلك شامل لما إذا كان البائن الأول بلفظ الكناية أو بلفظ الصريح .

ومنها ما في الكافي للحاكم الشهيد الذي هو جمع كلام محمد في كتبه ظاهر الرواية حيث قال : وإذا طلقها تطليقة بائنة ثم قال لها في عدتها أنت علي حرام أو خلية أو برية أو بائن أو بتة أو شبه ذلك وهو يريد به الطلاق لم يقع عليها شيء لأنه صادق في قوله هي علي حرام وهي مني بائن ا هـ أي لأنه يمكن جعل الثاني خبرا من الأول ، وظاهر قوله طلقها تطليقة بائنة أن المراد به الصريح البائن بقرينة مقابلته له بألفاظ الكناية تأمل

ومنها قول الزيلعي : أما كون البائن يلحق الصريح فظاهر لأن القيد الحكمي باق من كل وجه لبقاء الاستمتاع ا هـ فهذا صريح في أن المراد بالصريح في الجملة الثانية هو الصريح الرجعي ، إذ لا يخفى أن بقاء قيد النكاح من كل وجه وبقاء الاستمتاع لا يكون بعد الصريح البائن

ومنها ما قدمناه من قول المنصوري وإن كان الطلاق رجعيا يلحقها الكنايات ، لأن ملك النكاح باق ; فتقييده بالرجعي دليل على أن الصريح البائن لا يلحقه الكنايات ; وكذا تعليله دليل على ذلك .

ومنها ما في التتارخانية قبيل الفصل السادس : ولو طلقها على مال أو خلعها بعد الطلاق الرجعي يصح ، ولو طلقها بمال ثم خلعها في العدة لا يصح . ا هـ .

فانظر كيف فرق بين الرجعي والصريح البائن وهو الطلاق على مال حيث جعل الخلع واقعا بعد الأول لا بعد [ ص: 309 ] الثاني ، فهذا صريح فيما قلناه أيضا من أن المراد بالصريح هنا الرجعي فقط ، وبالبائن الأول ما يشمل البائن الصريح .

ومنها فرعان ذكرهما في البحر : الأول ما في القنية عن الأوزجندي : طلقها على ألف فقبلت ثم قال في عدتها أنت بائن لا يقع . ا هـ . والثاني ما في الخلاصة من الجنس السادس من الخلع : لو طلقها بمال ثم خلعها في العدة لم يصح ا هـ فهذا أيضا صريح فيما قلناه ، وبه سقط ما في البحر ، وتبعه في النهر من استشكاله الفرعين : بناء على فهمه أن المراد بالصريح ما يشمل الصريح البائن . قال : وقد جعلوا الطلاق على مال من قبيل الصريح ، وقالوا : إن البائن يلحق الصريح فينبغي الوقوع في الفرع الأول وصحة الخلع في الفرع الثاني . ثم قال في البحر : ولا مخلص إلا بكون المراد بعدم صحة الخلع عدم لزوم المال ، والدليل عليه أن صاحب الخلاصة صرح في عكسه وهو ما إذا طلقها بمال بعد الخلع أنه يقع ولا يجب المال ولا فرق بينهما كما لا يخفى . ا هـ .

أقول : وهذا عجيب من مثله ، أما أولا فلأن المراد بالصريح في الجملة الثانية هو الرجعي فقط ، بخلاف الصريح في الجملة الأولى كما دل عليه ما ذكرناه من تعليلاتهم وفروعهم ، وعليه فلا إشكال في الفرعين أصلا ، بل هما دليلان على ما قلناه ، وأما ثانيا فلأن ما ذكره من المخلص بعيد جدا بل المخلص ما قلناه ; وأما ثالثا فلأن دعواه عدم الفرق بين هذا الفرع وعكسه كما لا يخفى في غاية الخفاء للفرق الواضح بينهما ، لأنه إذا طلقها بمال بعد الخلع إنما لا يجب المال لأن إعطاء المال لتحصيل الخلاص المنجز وإنه حاصل كما قدمنا بيانه . أما إذا طلقها على مال قبل الخلع فلا وجه لسقوط المال لأن الطلاق بدونه لا يحصل به الخلاص المنجز بل يتوقف إلى انقضاء العدة ، فقد حصل بالمال ما هو المطلوب به ولا يبطل بالخلع العارض بعده بعد تحقق المطلوب به بل يبطل الخلع نفسه لأن الخلاص المنجز حاصل قبله فلا يفيد ، هذا ما ظهر لي في تقرير هذا المقام ، الذي زلت فيه أقدام الأفهام ، فاغتنمه فإنه من جملة ما اختص به هذا الكتاب ، بعون الملك الوهاب .

ثم رأيت في الحواشي اليعقوبية على صدر الشريعة ما نصه : وأيضا قولهم والبائن الغير الصريح يلحق الصريح ينبغي أن لا يكون على إطلاقه لأنه لا يلحق الصريح البائن لاحتمال الخبرية عن الأول كما لا يخفى ، إلا أن يدعي الفرق بين البائنين فلا يصح الخبر بأحدهما عن الآخر ا هـ وهذا عين ما فهمته بحمد الله تعالى من أن المراد بالصريح في الجملة الثانية الرجعي فقط ، وقوله إلا أن يدعي الفرق إلخ قد علمت مما قررناه أولا عدم الفرق فإنه لا شبهة فيه لذي فهم ، والله سبحانه أعلم ( قوله إذا أمكن إلخ ) قيد في عدم لحاق البائن البائن ، ومحترزه ما أفاده بقوله بخلاف أبنتك بأخرى إلخ ط .

قال في البحر : وينبغي أنه إذا أبانها ثم قال لها أنت بائن ناويا طلقة ثانية أن تقع الثانية بنيته لأنه بنيته لا يصلح خبرا ، فهو كما لو قال أبنتك بأخرى ، إلا أن يقال إن الوقوع إنما هو بلفظ صالح له وهو أخرى بخلاف مجرد النية . ا هـ . وفيه أن اللفظ الثاني صالح ، ولو أبدل صالحا بمعين له لكان أظهر ط .

أقول : ويدفع البحث من أصله تعبيرهم بالإمكان ، وبأنه لا حاجة إلى جعله إنشاء متى أمكن جعله خبرا عن الأول لأنه صادق بقوله أنت بائن على أن البائن لا يقع إلا بالنية ، فقولهم البائن لا يلحق البائن لا شك أن المراد به البائن المنوي ، إذ غير المنوي لا يقع به شيء أصلا ولم يشترطوا أن ينوي به الطلاق الأول .

فعلم أن قولهم إذا أمكن إلخ احتراز عما إذا لم يمكن جعله خبرا كما في أبنتك بأخرى ، لا عما إذا نوى به طلاقا [ ص: 310 ] آخر فتدبر . وأما اعتدي اعتدي فإنه ملحق بالصريح كما تقدم ، فلا ينافي ما هنا حيث أوقعوا به مكررا تأمل ( قوله كأنت بائن بائن ) كذا في بعض النسخ مكررا ، وفي بعضها كأنت بائن بدون تكرار وهو الأصوب لأن المقصود التمثيل لإيقاع البائن على المبانة ولأنه كما قال ط ليس المراد الإخبار النحوي بل الإخبار عما صدر أولا ولأنه يوهم أن يلزم كونه في مجلس واحد وهو غير لازم . ا هـ . ( قوله أو أبنتك بتطليقة ) عطف على بائن الثانية أي أنت بائن أبنتك بتطليقة . ا هـ . ح وأشار به إلى أنه لا يشترط اتحاد اللفظين فشمل ما إذا كان الأول بلفظ الكناية البائنة أو الخلع أو الطلاق الصريح إذا كان على مال أو موصوفا بما ينبئ عن البينونة كما علم مما قدمناه بعد كون الثاني بلفظ الكناية البائنة كالخلع ونحوه مما يتوقف على النية ولو باعتبار الأصل كأنت حرام ، بخلاف الكناية الرجعية فإنها في حكم الصريح فتلحق البائن كما مر ( قوله فلا يقع ) أي وإن نوى ، لما في البحر عن الحاوي : ولا يقع بكنايات الطلاق شيء وإن نوى . ا هـ . ط ( قوله لأنه إخبار ) أي يجعل إخبارا لأنه أمكن ذلك ( قوله بخلاف أبنتك بأخرى ) : أي لو أبانها أولا ثم قال في العدة أبنتك بأخرى وقع لأن لفظ أخرى مناف لإمكان الإخبار بالثاني عن الأول ( قوله أو أنت طالق بائن ) لأن وقوعه بأنت طالق وهو صريح ، ويلغو قوله بائن لعدم الحاجة إليه : لأن الصريح بعد البائن بائن ، كذا في شرح المنار لصاحب البحر ، وهو إشارة إلى ما ذكره في البحر عن الذخيرة من الفرق بين هذا وبين قوله للمبانة أبنتك بتطليقة ، وهو أنه إذا ألغينا بائنا يبقى قوله طالق وبه يقع ، ولو ألغينا أبنتك يبقى قوله بتطليقة وهو غير مفيد . ا هـ .

قلت : لكن يشكل عليه ما قدمناه في باب طلاق غير المدخول بها من أن الطلاق متى قيد بعدد أو وصف أو مصدر فالوقوع بالقيد ، حتى لو قال : أنت طالق وماتت قبل قوله ثلاثا أو بائن لم يقع ، فهذا ينافي ما أطبقوا عليه من إلغاء الوصف هنا ، إلا أن يجاب بأن اعتبار الوقوع به هنا لا يصح لسبق البينونة قبله ولوقوع البائن بالصريح هنا وإن لم يوصف ، فتعين إلغاء الوصف كما علمت آنفا . وبقي إشكال آخر مذكور مع جوابه في البحر ( قوله أو قال نويت ) أي بالبائن الثاني البينونة الكبرى أي الحرمة الغليظة وهي التي لا حل بعدها إلا بنكاح زوج آخر ، وهذا هو المعتمد كما في البحر ، وقيل لا يقع لأن التغليظ صفة البينونة فإذا ألغت النية في أصل البينونة لكونها حاصلة لغت في إثبات وصف التغليظ محيط ، وهذا صريح في إلغاء نية البينونة ; ومثله ما قدمناه آنفا عن الحاوي فلا تصح نية بينونة أخرى خلافا لما بحثه في البحر كما مر .

قال في الدرر : أقول وهذا يدل قطعا على أنه إذا أبانها ثم قال في العدة أنت طالق ثلاثا يقع الثلاث ، لأن الحرمة الغليظة إذا ثبتت بمجرد النية بلا ذكر الثلاث لعدم ثبوتها في المحل فلأن تثبت إذا صرح بالثلاث أولى ، وتمامه فيه ونحوه في اليعقوبية ( قوله لتعذر إلخ ) علة لقوله بخلاف إلخ ( قوله ولذا ) أي لتعذر حمله على الإخبار ( قوله إلا إذا كان البائن معلقا إلخ ) يشمل ما إذا آلى من زوجته ثم أبانها قبل مضي أربعة أشهر ثم مضت قبل أن يقربها وهي في العدة فإنه يقع خلافا لزفر بحر ( قوله قبل إيجاد المنجز ) سيذكر الشارح محترز القبلية ، وتنجيز الثاني غير قيد بل لو علقه قبل وقوع المعلق الأول فكذلك كما يذكره أيضا ( قوله ناويا ) لأنه كناية فلا بد له من نية ( قوله لأنه لا يصلح إخبارا ) أي لأن التعليق قبل فلا يصح إخبارا عنه وكذا الإضافة ح وأعاد التعليل وإن علم من قوله [ ص: 311 ] سابقا ولذا وقع المعلق لطول الفصل فافهم .

( قوله ومثله المضاف ) الأولى ومثال المضاف لأن المماثلة في الحكم فهمت من قوله سابقا أو مضافا ط ( قوله وفي البحر إلخ ) مراده بهذا النقل الاستدلال على قوله ناويا ح ( قوله فيفتقر للنية ) أي أو المذاكرة ( قوله ولو قال إن دخلت ) بيان لما إذا كانا معلقين كما في البحر ( قوله ثم دخلت وبانت ) أشار بالعطف بثم إلى أنه لا بد من كون التعليق الثاني قبل وجود شرط الأول : لأنها لو دخلت وبانت ثم قال إن كلمت زيدا فكلمته لا يقع لأن الأول لما وجد شرطه قبل تعليق الثاني صار منجزا .

والمعلق لا يلحق إلا إذا كان التعليق قبل إيجاد المنجز كما علمته من كلام المتن لأن قوله ثانيا فأنت بائن صادق بثبوت البينونة أولا فيصلح كون الثاني خبرا عن الأول ، وبه سقط ما قيل إن كلامه شامل لكون التعليق الثاني بعد وجود الشرط الأول أو قبله ، وكذا سقط قول هذا القائل إن تعذر جعله إخبارا عن الأول موجود في المعلق والمضاف سواء كان التعليق أو الإضافة قبل التنجيز أو بعده ، فينبغي عدم الفرق وإن اتفقت كلمتهم على اشتراط كونه قبل إيجاد المنجز ا هـ . إذا لا يخفى أن التعليق بعد إيجاد المنجز يصلح كون المعلق فيه وهو البينونة الثانية خبرا عن المنجز الثابت أولا ، بخلاف ما قبله فالوجه ما قالوه دون ما قبله فتدبر ( قوله ثم كلمت ) فلو عكست أي بأن كلمته أولا ثم دخلت فالظاهر أن الحكم كذلك لوجود العلة لأن كلا من تعليقيه لا يصلح إخبارا عن الآخر لعدم كونها طالقا عند كل من التعليقين ا هـ ح ( قوله وفي البزازية إلخ ) لا فرق بينه وبين ما في الذخيرة إلا في لفظ البائن والحرام وفي إفادة أنه يقع بأيهما سبق من قوله ففعل أحدهما وهذا مؤيد لما بحثه المحشي أفاده ط ( قوله وكذا لو فعل الثاني ) أراد بالثاني الآخر لا الترتيب بدليل قوله أحدهما ح ( قوله قيد بالقبلية ) أي بقوله في المتن قبل المنجز البائن ( قوله لم يصح ) لأنه يمكن جعله خبرا عن الأول المنجز كما قلنا ( قوله ويستثنى إلخ ) أي من قولهم الصريح يلحق البائن ; وأنت خبير بأنه إنما لم يقع الطلاق في هاتين الصورتين لعدم تناول لفظ المرأة معتدة البائن ; حتى لو لم يذكر لفظ المرأة وقع . قال في النهر : وفي المنصوري شرح المسعودي : المختلعة يلحقها صريح الطلاق إذا كانت في العدة . ا هـ . ح .

مطلب المختلعة والمبانة ليست امرأة من كل وجه

وحاصله أن عدم الوقوع لكونها ليست امرأة له من كل وجه بل تسمى مختلعة ومبانة ، وإن كان أثر النكاح وهو العدة باقيا معنى لحقها الصريح إذا أضافه إليها بخطاب أو إشارة ، وكذا لو نواها بالطلاق كما صرح به في كافي الحاكم ، ومثله في الذخيرة حيث قال كل امرأة لي لا تدخل المبانة بالخلع والإيلاء إلا أن يعينها : أي فعند عدم النية صارت في حكم الأجنبية فلا تسمى امرأته ; ولذا قال في حاوي الزاهدي قال لامرأته أنت طالق واحدة ثم قال إن كنت امرأة لي فأنت طالق ثلاثا إن كان الطلاق الأول بائنا لا يقع الثاني ، وإن كان رجعيا يقع الثاني ا هـ لكن يشكل على هذا ما في تعليق البحر عن المحيط : لو حلف لا تخرج امرأة من هذه الدار فطلقها وانقضت عدتها وخرجت [ ص: 312 ] يحنث ، وكذا لو قال إن قبلت امرأتي فعبدي حر فقبلها بعد البينونة لأن الإضافة للتعريف لا للتقييد ا هـ أي لتعيين ذات المحلوف عليها لا بقيد كونها امرأة له ، فإذا كان لفظ المرأة شاملا لها بعد البينونة وانقضاء العدة ففي حال بقاء العدة كما في مسألتنا بالأولى .

وقد يجاب بأن المعتبر في المعلق حالة التعليق لا حالة وجود الشرط ، وهي في حالة التعليق كانت امرأة له من كل وجه ولذا وقع البائن المعنق قبل وجود البائن المنجز كما مر وسنذكر تحقيق المسألة إن شاء الله تعالى في التعليق عند قوله وزوال الملك لا يبطل اليمين ( قوله ويضبط الكل ) بضم الباء وكسرها ، فالمراد بالكل صور اللحاق والمستثنى منها ط ( قوله ما قيل ) البيت الأول لوالد شيخ الإسلام عبد البر شارح النظم الوهباني كما في المنح ، والبيت الثاني لصاحب النهر ح ( قوله كلا أجز ) أي أجز كلا من وقوع الصريح والبائن بعد الصريح والبائن ح ولا يخفى ما في قوله كلا من الإبهام نهر قلت : وفي كثير من نسخ الشرح لحوقا بدل كلا ولا يستقيم معه الوزن ( قوله لا بائنا ) عطف على كلا ومع بسكون العين للوزن بمعنى بعد كما في قوله تعالى { إن مع العسر يسرا } نعت لقوله بائنا : أي لا تجز بائنا كائنا بعد مثله ، وهذا العطف كالاستثناء في المعنى كأنه قال كلا أجز إلا بائنا بعد مثله ، وقوله إلا إذا علقته من قبله ، استثناء من العطف الذي هو بمنزلة الاستثناء : أي لا تجز بائنا بعد بائن إلا إذا علقت البائن الواقع بعد المثل قبل المثل ، فضمير علقته للبائن الأول ، وضمير قبله للمثل الذي هو البائن الثاني . ا هـ . ح والتعبير بالمثل مشعر بإخراج البينونة الكبرى ، ولا يخفى ما في البيت من التعقيد ، والأوضح ما قيل : صريح طلاق المرء يلحق مثله ويلحق أيضا بائنا كان قبله كذا عكسه لا بائن بعد بائن
سوى بائن قد كان علق قبله

( قوله إلا بكل امرأة ) استثناء ثان من قوله كلا أجز فإنه بعد إخراج البائن بعد البائن منه بقي البائن بعد الصريح والصريح بعد الصريح والصريح بعد البائن ، فاستثنى منه باعتبار هذا الأخير ما في البزازية من قوله كل امرأة لي طالق وكان له مختلعة فإنه صريح لحق بائنا ولم يقع لما قدمنا وباء بكل بمعنى في ، وكل بالضم على الحكاية والواو في قوله وقد خلع ، للحال ، وألحق مبني للفاعل معطوف على خلع ، وبعد مبني على الضم لقطعه عن الإضافة ونية معناها وهو ظرف للحق : أي والحق الصريح بعد الخلع ح




الخدمات العلمية