الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فلو قال اختاري اختيارة أو طلقة ) أو أمك ( وقع لو قالت اخترت ) فإن ذكر الاختيارة كذكر النفس إذ التاء فيه للوحدة ، وكذا ذكر التطليقة وتكرار لفظ اختاري وقولها اخترت أبي أو أمي أو أهلي أو الأزواج يقوم [ ص: 321 ] مقام ذكر النفس والشرط ، ذكر ذلك في كلام أحدهما كما مثلنا ، فلم يختص اختياره بكلام الزوج كما ظن ، ولو قالت اخترت نفسي وزوجي أو نفسي لا بل زوجي وقع ، وما في الاختيار من عدم الوقوع سهو ، نعم لو عكست لم يقع اعتبار للمقدم وبطل أمرها كما لو عطفت بأو ، أو أرشاها لتختاره فاختارته أو قالت ألحقت نفسي بأهلي .

التالي السابق


( قوله فلو قال إلخ ) تفريع على ما علم من أن الشرط ذكر النفس أو ما يقوم مقامها في تفسير الاختيار ( قوله إذ التاء فيه للوحدة ) أي واختيارها نفسها هو الذي يتحد مرة ، بأن قال لها اختاري فقالت اخترت نفسي تقع واحدة ، ويتعدد أخرى كاختاري نفسك بثلاث تطليقات فقالت اخترت وقعن ، فلما قيد بالوحدة ظهر أنه أراد تخييرها في الطلاق فكان مفسرا ولا يرد أن هذا مناقض لما مر من أن الاختيار لا يتنوع لأنه لا يلزم مما ذكرنا كون الاختيار نفسه يتنوع كالبينونة إلى غليظة وخفيفة حتى يصاب كل نوع منه بالنية من غير زيادة لفظ آخر ، أفاده في الفتح .

( قوله وكذا ذكر التطليقة ) وتقع بائنة إن في كلامها ، بأن قالت اخترت نفسي بتطليقة بخلافها في كلامه فإنه يقع بها طلقة رجعية لأنه تفويض بالصريح ، وتصح فيه نية الثلاث كما مر ( قوله وتكرار لفظ اختاري ) لأن الاختيار في حج الطلاق هو الذي يتكرر فكان متعينا ط عن الإيضاح لكن في كون التكرار مفسرا كالنفس كلام يأتي قريبا ( قوله وقولها اخترت أبي إلخ ) لأن الكون عندهم إنما يكون للبينونة وعدم الوصلة مع الزوج ، بخلاف اخترت قومي أو ذا رحم محرم لا يقع ، وينبغي أن يحمل على ما إذا كان لها أب أو أم .

أما إذا لم يكن وكان لها أخ ينبغي أن يقع لأنها حينئذ تكون عنده عادة ، كذا في الفتح . قال في النهر : ولم أر ما لو قالت اخترت أبي أو أمي وقد ماتا ولا أخ لها ، وينبغي أن يقع لقيام ذلك مقام اخترت نفسي . ا هـ . والحاصل أن المفسر ثمانية ألفاظ : النفس ، والاختيار والتطليقة ، والتكرار ، وأبي ، وأمي ، وأهلي ، والأزواج ويزاد تاسع وهو العدد في كلامه ; فلو قال : اختاري ثلاثا فقالت اخترت يقع ثلاث ، لأنه دليل إرادة اختيار [ ص: 321 ] الطلاق لأنه هو الذي يتعدد وقولها اخترت ينصرف إليه فيقع الثلاث ، أفاده في البحر ( قوله والشرط إلخ ) إنما اكتفى بذكر هذه الأشياء في أحد الكلامين لأنها إن كانت في كلامه تضمن جوابها إعادتها كأنها قالت فعلت ذلك ، وإن كانت في كلامها فقد وجد ما يختص بالبينونة في اللفظ العامل في الإيقاع .

فإذا وجدت نية الزوج تمت علة البينونة فتثبت ، بخلاف ما إذا لم يذكر النفس ونحوها في شيء من الطرفين لأن المبهم لا يفسر المبهم وللإجماع المار ، وتمامه في الفتح ( قوله فلم يختص إلخ ) أخذه من القهستاني ح ، وكيف يختص مع مخالفته لقول المتون : وذكر النفس أو الاختيارة في أحد كلاميهما شرط ( قوله وما في الاختيار ) هو شرح المختار لمؤلفه ( قوله من عدم الوقوع ) أي في مسألة الإضراب ( قوله سهو ) لمخالفته لما هو المنقول في الكتب المعتمدة بحر ( قوله لو عكست ) بأن قالت اخترت زوجي لا بل نفسي أو قالت زوجي ونفسي بحر ( قوله اعتبارا للمقدم ) لعدم صحة الرجوع عنه ( قوله وبطل أمرها ) عطف على لم يقع ح : أي خرج الأمر من يدها في مسألتي العكس ( قوله كما لو عطفت بأو ) أي فإنه لا يقع ويخرج الأمر من يدها لأن ( أو ) لأحد الشيئين فلم يعلم اختيارها نفسها ولا زوجها على التعيين ، فكان اشتغالا بما لا يعنيها فكان إعراضا . ا هـ . ح ( قوله أو أرشاها إلخ ) أي جعل لها مالا لتختاره فاختارته لا يقع ، ولا يجب المال لأنه رشوة إذ هو اعتياض عن ترك حق تملك نفسها فهو كالاعتياض عن ترك حق الشفعة فتح ( قوله أو قالت إلخ ) قال في البحر : ولو قال لها اختاري فقالت ألحقت نفسي بأهلي لم يقع كما في جامع الفصولين ، وهو مشكل لأنه من الكنايات ، فهو كقولها أنا بائن ا هـ ح وهذا ذكره في البحر في الفصل الآتي وسنذكر جوابه ثمة عند قوله وكل لفظ يصلح للإيقاع إلخ




الخدمات العلمية