الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 231 ] وسننه ثمانية : الضرب بباطن كفيه ، وإقبالهما ، وإدبارهما ، ونفضهما ; وتفريج أصابعه ، وتسمية ، وترتيب وولاء . وزاد ابن وهبان في الشروط الإسلام ، فزدته وضممت سننه الثمانية في بيت آخر ، وغيرت شطر بيته الأول فقلت : والإسلام شرط عذر ضرب ونية ومسح وتعميم صعيد مطهر     وسننه سمي وبطن وفرجن
ونفض ورتب وال أقبل تدبر

التالي السابق


( قوله وسننه ثمانية ) بل ثلاثة عشر كما سنذكره ( قوله الضرب بباطن كفيه ) أقول : ذكر في الذخيرة أنه أشار محمد إلى ذلك ولم يصرح به ثم قال في الذخيرة بعد أسطر : والأصح أنه يضرب بباطنهما وظاهرهما على الأرض ، وهذا يصير رواية أخرى غير ما أشار إليه محمد . ا هـ . وقد اقتصر في الحلية على نقل عبارة الذخيرة الأولى واقتصر الشمني على نقل الثانية فظن في البحر المخالفة في النقل عن الذخيرة وكأنه لم يراجع الذخيرة .

وبه يعلم أن الواو في قوله وظاهرهما على حقيقتها لا بمعنى أو خلافا لما فهمه في البحر ، ولقوله في النهر إن الجواز حاصل بأيهما كان ، نعم الضرب بالباطن سنة . ا هـ فإن صريح الذخيرة كون الضرب بكل من الظاهر والباطن هو السنة في الأصح ، وقد ظهر أن ما ذكره الشارح تبعا للنهر خلاف الأصح فتدبر ( قوله وإقبالهما وإدبارهما ) أي بعد وضعهما على التراب نهر ، وكذا يقال في التفريج ط ( قوله ونفضهما ) أي مرة ، وروي مرتين ، وليس باختلاف في المعنى ; لأن المقصود تناثر التراب إن حصل بمرة فيها وإلا فبمرتين بدائع .

ولذا قال في الهداية : وينفضهما بقدر ما يتناثر التراب كي لا يصير مثلة . ا هـ بحر : قال الرملي : فعلى هذا إذا لم يحصل بمرتين ينفض ثلاثا وهكذا . ا هـ . ويظهر من هذا أنه حيث لا تراب أصلا لا يسن النفض تأمل ( قوله وتفريج أصابعه ) تعليلهم سنية التفريج بدخول الغبار أثناء أصابعه يفيد أنه لو ضرب على حجر أملس لا يفرج إلا أن يقال : العلة تراعى في الجنس . ا هـ ح ( قوله وتسمية ) الظاهر أنها على صيغة ما ذكر في الوضوء والعطف بالواو لا يفيد ترتيبا فلا يرد أن التسمية تكون عند الضرب ط .

( قوله وترتيب ) أي كما ذكر في القرآن ط ( قوله وولاء ) بكسر الواو : أي مسح المتأخر عقب المتقدم بحيث لو كان الاستعمال بالماء لا يجف المتقدم ط ( قوله وزاد ابن وهبان إلخ ) فيه أن اشتراط النية يغني عنه ; لأنها لا تصح من كافر ، إلا أن يقال صرح به وإن استلزمته النية للتوضيح . ا هـ ح . وقد أسقط ابن وهبان كون المسح بثلاثة أصابع وعدها ستة أيضا حيث قال : وعذرك شرط ضربتان ونية والإسلام والمسح الصعيد المطهر وكأنه أراد بالشرط ما لا بد منه حتى سمى الضربتين شرطا وإلا فهما ركن .

( قوله فزدته ) هذا يقتضي أنه زاد على الستة المتقدمة الإسلام ، فصار المجموع سبعة مع أنه ترك في البيت من الستة كونه بثلاثة أصابع فأكثر ، وزاد الضرب والتعميم : أي الاستيعاب فصارت ثمانية ، وأطلق الشرط على الأخيرين بناء على ما قلنا آنفا فافهم ( قوله وغيرت شطر بيته الأول ) بيته هو ما قدمناه ، ولا يخفى أن التغير وقع في الشطرين ( قوله والإسلام ) بنقل حركة الهمزة إلى اللام للوزن ( قوله عذر ) بإسقاط التنوين للضرورة ( قوله سمى ) بإشباع حركة الميم ( قوله وبطن ) أي اضرب بباطن الكفين على الأرض ، وقد علمت ما هو الأصح .

[ تتمة ] زاد في نور الإيضاح في الشروط شرطين آخرين : الأول انقطاع ما ينافيه من حيض أو نفاس أو حدث : والثاني زوال ما يمنع المسح على البشرة كشمع وشحم ، لكن يغني عن الثاني الاستيعاب كما لا يخفى . وزاد في المنية طلب الماء إذا غلب على ظنه أن هناك ماء وسيذكره المصنف بقوله ويطلبه غلوة إن ظن قربه . [ ص: 232 ]

وزاد سيدي عبد الغني في السنن ثلاثة : الأولى - التيامن كما في جامع الفتاوى والمجتبى . الثانية - خصوص الضرب على الصعيد لموافقته للحديث . قال في الخانية : ذكر في الأصل أنه يضع يديه على الصعيد ، وفي بعض الروايات يضرب يديه على الصعيد ، وهذا أولى ليدخل التراب في أثناء الأصابع . ا هـ . الثالثة - أن يكون المسح بالكيفية المخصوصة التي قدمناها عن البدائع . وفي الفيض : ويخلل لحيته وأصابعه ، ويحرك الخاتم والقرط كالوضوء والغسل . ا هـ .

قلت : لكن في الخانية أن تخليل الأصابع لا بد منه ليتم الاستيعاب . وقال في البحر : وكذا نزع الخاتم أو تحريكه . ا هـ فبقي تخليل اللحية من السنن ، فصار المزيد أربعة ; ويزاد خامسة ، وهي كون الضرب بظاهر الكفين أيضا كما علمت تصحيحه ، ولم أر من ذكر السواك في السنن مع أنهم ذكروه في الوضوء والغسل ، فينبغي ذكره تأمل .

فالحاصل أن ركن التيمم شيئان : الضرب أو ما يقوم مقامه ، ومسح العضوين . وشرطه تسعة : وهي الستة التي في بيت الشارح ، وكون المسح بأكثر اليد ، وزوال ما ينافيه ، وطلب الماء لو ظن قربه . وسننه ثلاثة عشر : الثمانية التي نظمها ، والخمسة التي ذكرناها آنفا ، وقد نظمت جميع ذلك فقلت : ومسح وضرب ركنه العذر شرطه
وقصد وإسلام صعيد مطهر وتطلاب ماء ظن تعميم مسحه
بأكثر كف فقدها الحيض يذكر وسن خصوص الضرب نفض تيامن
وكيفية المسح التي فيه تؤثر وسم ورتب وال بطن وظهرن
وخلل وفرج فيه أقبل وتدبر .




الخدمات العلمية