الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي الظهيرية : قال لصغيرة : إن غبت عنك أربعة أشهر فأمرك بيدك بعد أن تبرئيني من المهر فوجد الشرط فأبرأته وطلقت نفسها لا يسقط المهر ويقع الرجعي . وفي البزازية : اختلعت بمهرها على أن يعطيها عشرين درهما ، أو كذا منا من الأرز صح ولا يشترط بيان مكان الإيفاء لأن الخلع أوسع من البيع . قلت : ومفاده صحة إيجاب بدل الخلع عليه فليحفظ . - [ ص: 465 ] وفي القنية اختلعت بشرط الصك أو بشرط أن يرد إليها أقمشتها فقبل لم تحرم ، ويشترط كتبه الصك ورد الأقمشة في المجلس ، والله أعلم .

التالي السابق


( قوله : وفي الظهيرية إلخ ) لم أجده فيها ، ونقله في البحر عن الولوالجية بلفظ " فأمرك بيدك فطلقي نفسك متى شئت " ، ومثله في جامع الفصولين بلفظ " لتطلقي " ، وقد أسقطه الشارح ولا بد منه لقوله بعده ويقع الرجعي ، إذ لو لم يذكر الصريح تفسيرا لما قبله لكان الواقع البائن لأن التفويض بالأمر باليد من الكنايات ويقع به البائن وإن قالت : طلقت نفسي لأن العبرة بتفويض الزوج لا لإيقاع المرأة كما مر في محله ، فإذا أتى بعده بالصريح اعتبر كما هنا . ففي الذخيرة : أمرك بيدك في تطليقة فهي رجعية ا هـ ولذا قال في البحر لا يسقط المهر لعدم صحة إبراء الصغيرة ويقع الرجعي لأنه كالقائل لها عند وجود الشرط : أنت طالق على كذا ، وحكمه ما ذكرنا ا هـ ومثله في جامع الفصولين . مطلب في إيجاب بدل الخلع على الزوج

( قوله : أو كذا منا ) المن رطلان . والأرز بفتح الهمزة وتشديد الزاي معروف ط ( قوله : أوسع من البيع ) أي من السلم لأنه الذي يشترط فيه ذلك ط ( قوله : قلت ومفاده إلخ ) مخالف لما قدمه قبيل قوله ويسقط الخلع [ ص: 465 ] والمبارأة إلخ من قوله خلعتك على عبدي وقف على قبولها ولم يجب شيء ، وقدمنا هناك عن المجتبى ما يؤيده ، لكن ذكر في البحر هناك عن البزازية : اختلعت مع زوجها على مهرها ونفقة عدتها على أن الزوج يرد عليها عشرين درهما صح ولزم الزوج عشرون ، دليله ما ذكر في الأصل : خالعت على دار على أن الزوج يرد عليها ألفا لا شفعة فيه . وفيه دليل على أن إيجاب بدل الخلع عليه يصح . وفي صلح القدوري : ادعت عليه نكاحا وصالحها على مال بدله لها لم يجز ، وفي بعض النسخ جاز والرواية الأولى تخالف المتقدم ، والتوفيق أنها إذا خالعت على بدل يجوز إيجاب البدل على الزوج أيضا ويكون مقابلا ببدل الخلع .

وكذا إذا لم يذكر نفقة العدة في الخلع يكون تقدير النفقة العدة ، أما إذا خالعت على نفقة العدة ولم تذكر عوضا آخر ينبغي أن لا يجب بدل الخلع على الزوج ا هـ ما في البحر عن البزازية ، وهذا من الحسن بمكان النهر . والحاصل أنه لا وجه لإيجاب البدل على الزوج لأن الخلع عقد معاوضة من جهتها فإنها تملك نفسها بما تدفعه له ، ولذا كان الطلاق على مال بائنا ، حتى لو أبانها قبله لم يجب المال لعدم ما يقابله ، وحينئذ فإن خالعها على مال ، أو على ما في ذمته من المهر ، وشرط على نفسه لها مالا يجعل ذلك استثناء من بدل الخلع ، فإن زاد عليه أو لم يكن بدل النفقة يجعل تقديرا لنفقة العدة ، إلا إذا كانت النفقة مخالعا عليها أيضا فلا يجب الزائد ، والله سبحانه أعلم لكن ذكر في البزازية في موضع آخر وأقره عليه في البحر أن المختار جواز البدل عليه ، وطريقه بالحمل على الاستثناء من المهر إن كان عليه مهر وإلا فهو استثناء من النفقة ، فإن زاد عليها يجعل كأنه زاد على مهرها ذلك القدر قبل الخلع ثم خالع تصحيحا للخلع بقدر الإمكان ا هـ وقوله " استثناء من النفقة " أي إذا خالعها عليها وإلا فهو تقدير لها كما مر . وفي جامع الفصولين : لا حاجة إلى هذا التطويل وتلحق الزيادة بأصل العقد كما في البيع ( قوله : اختلعت بشرط الصك ) أي بشرط أن يكتب لها صكا فيه ذلك . والصك : الكتاب الذي يكتب في المعاملات والأقارير ، جمعه صكوك كفلس وفلوس ، وصكاك كسهم وسهام مصباح ( قوله : لم تحرم ) أي بمجرد قبوله بل لا بد من كتابة الصك ورد الأقمشة ، ولا بد أن يكون ذلك في المجلس ح ، والله تعالى أعلم .




الخدمات العلمية