الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) جاز ( لخوف فوت صلاة جنازة ) أي كل تكبيراتها [ ص: 242 ] ولو جنبا أو حائضا ، ولو جيء بأخرى إن أمكنه التوضؤ بينهما ثم زال تمكنه أعاد التيمم وإلا لا به يفتى ( أو ) فوت ( عيد ) بفراغ إمام أو زوال شمس ( ولو ) كان يبني ( بناء ) بعد شروعه متوضئا وسبق حدثه ( بلا فرق بين كونه إماما أو لا ) في الأصح ; لأن المناط خوف الفوت لا إلى بدل فجاز لكسوف وسنن رواتب ولو سنة [ ص: 243 ] فجر خاف فوتها وحدها ، ولنوم وسلام ورده وإن لم تجز الصلاة به . قال في البحر : وكذا لكل ما لا تشترط له الطهارة ; لما في المبتغى . وجاز لدخول مسجد مع وجود الماء وللنوم فيه وأقره المصنف ، لكن في النهر : الظاهر أن مراد المبتغى للجنب فسقط الدليل . [ ص: 244 ] قلت : وفي المنية وشرحها : تيممه لدخول مسجد ومس مصحف مع وجود الماء ليس بشيء بل هو عدم ; لأنه ليس لعبادة يخاف فوتها ، لكن في القهستاني عن المختار : المختار جوازه مع الماء لسجدة التلاوة ، لكن سيجيء تقييده بالسفر لا الحضر . ثم رأيت في الشرعة وشروحها ما يؤيد كلام البحر ، قال : فظاهر البزازية جوازه لتسع مع وجود الماء وإن لم تجز الصلاة به . قلت : بل لعشر بل أكثر ، لما مر من الضابط [ ص: 245 ] أنه يجوز لكل ما لا تشترط الطهارة له ولو مع وجود الماء ; وأما ما تشترط له فيشترط فقد الماء كتيمم لمس مصحف فلا يجوز لواجد الماء . وأما للقراءة ، فإن محدثا فكالأول أو جنبا فكالثاني .

وقالوا : لو تيمم لدخول مسجد أو لقراءة ولو من مصحف أو مسه أو كتابته أو تعليمه أو لزيارة قبور أو عيادة مريض أو دفن ميت أو أذان أو إقامة أو إسلام أو سلام أو رده لم تجز الصلاة به عند العامة ، بخلاف صلاة جنازة أو سجدة تلاوة فتاوى شيخنا خير الدين الرملي قلت : وظاهره أنه يجوز فعل ذلك فتأمل .

التالي السابق


( قوله وجاز لخوف فوت صلاة جنازة ) أي ولو كان الماء قريبا .

ثم اعلم أنه اختلف فيمن له حق التقدم فيها ; فروى الحسن عن أبي حنيفة أنه لا يجوز للولي ; لأنه ينتظر ولو صلوا له حق الإعادة وصححه في الهداية والخانية وكافي النسفي . وفي ظاهر الرواية : يجوز للولي أيضا ; لأن الانتظار فيها مكروه وصححه شمس الأئمة الحلواني : أي سواء انتظروه . أو لا قال في البرهان : إن رواية الحسن هنا أحسن ; لأن مجرد الكراهة لا يقتضي العجز المقتضي لجواز التيمم ; لأنها ليست أقوى من فوات الجمعة والوقتية مع عدم جوازه لهما ، وتبعه شيخ مشايخنا المقدسي في شرح نظم الكنز لابن الفصيح . ا هـ ملخصا من حاشية نوح أفندي ( قوله أي كل تكبيراتها ) فإن كان يرجو أن يدرك البعض لا يتيمم ; لأنه يمكنه أداء الباقي وحده بحر عن البدائع [ ص: 242 ] والقنية ( قوله أو حائضا ) وكذا النفساء إذا انقطع دمهما على العادة ط .

أقول : لا بد في الحائض لانقطاع دمها لأكثر الحيض ، وإلا فإن لتمام العادة فلا بد أن تصير الصلاة دينا في ذمتها أو تغتسل أو يكون تيممها كاملا ، بأن يكون عند فقد الماء . أما التيمم لخوف فوت الجنازة أو العيد فغير كامل وقدمنا قريبا تمام تحقيق المسألة فافهم ( قوله به يفتى ) أي بهذا التفصيل كما في المضمرات . وعند محمد يعيد على كل حال قهستاني ( قوله أو زوال شمس ) هذا إذا كان إماما أو مأموما .

واعلم أنه سيأتي أن صلاة العيد تؤخر لعذر في الفطر للثاني ، وفي الأضحى للثالث ، فإذا اجتمع الناس في اليوم الأول قبيل الزوال والإمام بغير وضوء وكان بحيث لو توضأ زالت الشمس ، فهل يكون ذلك عذرا ويؤخر ولا يتيمم أم يتيمم ولا يؤخر ؟ لكن قول الشارح ; لأن المناط خوف الفوت لا إلى بدل يقتضي التأخير فليراجع . ا هـ ح .

أقول : سيصرح الشارح هناك بأنها قضاء في اليوم الثاني ولم يجعلوها هنا كالوقتية التي يخلفها القضاء ، بل صرحوا بمخالفتها لها ، وبأنها تفوت بزوال الشمس ، فيعلم منه أنها تؤخر لما ذكره ، هذا ما ظهر لي . فتأمله وانظر ما علقناه على البحر ( قوله ولو كان يبني بناء ) كذا في النهر ، وفيه إشارة إلى أن قوله بناء مفعول مطلق ، ويحتمل جعله حالا : أي ولو كان تيممه في حال كونه بانيا ، ويجوز كونه مفعولا لأجله كما تقتضيه عبارة الدرر ، لكنه مبني على ما ارتضاه المحقق الرضي من أنه لا يلزم فيه أن يكون فعلا قلبيا ( قوله بعد شروعه متوضئا إلخ ) في مسألة تفصيل مبسوط في البحر .

وحاصله ما ذكره القهستاني بقوله : إن سبق الحدث في المصلي قبل الصلاة ، فإن رجا إدراك شيء منها بعد الوضوء لا يتيمم ; وإن شرع ، فإن خاف زوال الشمس تيمم بالإجماع ، وإلا فإن رجا إدراكه لا يتيمم ، وإلا فإن شرع به تيمم إجماعا ، وإن شرع بالوضوء فكذلك عنده خلافا لهما . ا هـ وهو محمول على ما إذا خاف خروج الوقت إذا ذهب يتوضأ وإلا فلا بد من الوضوء لأمن الفوات ; لأنه يمكنه إكمال صلاته بعد سلام إمامه تأمل ، وقد اقتصروا في تصوير مسألة البناء على صلاة العيد ، وذكر في الإمداد أنه ليس للاحتراز عن الجنازة ; لأن العلة فيهما واحدة ( قوله في الأصح ) يرجع إلى قوله بعد شروعه متوضئا وإلى قوله بلا فرق ، ومقابل الأصح في الأول قولهما ، ومقابله في الثاني ما روى الحسن عن الإمام أن الإمام لا يتيمم ط ( قوله ; لأن المناط ) أي الذي تعلق به الحكم المذكور وهو التيمم لخوف فوت الصلاة بلا بعد عن الماء ( قوله فجاز لكسوف إلخ ) تفريع على التعليل ، ومراده به ما يعم الخسوف ط وهذا إلى قوله وحدها ذكره العلامة ابن أمير حاج الحلبي في الحلية بحثا ، وأقره في البحر والنهر ( قوله وسنن رواتب ) كالسنن التي بعد الظهر والمغرب والعشاء والجمعة إذا أخرجها بحيث لو توضأ فات وقتها فله التيمم . قال ط : والظاهر أن المستحب كذلك لفوته بفوت وقته كما إذا ضاق وقت [ ص: 243 ] الضحى عنه وعن الوضوء فيتيمم له ( قوله وخاف فوتها وحدها ) أي فيتيمم على قياس قولهما ; أما على قياس قول محمد فلا ; لأنها إذا فاتته لاشتغاله بالفريضة مع الجماعة يقضيها بعد ارتفاع الشمس عنده ، وعندهما لا يقضيها أصلا بحر .

وصورة فوتها وحدها لو وعده شخص بالماء أو أمر غيره بنزحه له من بئر وعلم أنه لو انتظره لا يدرك سوى الفرض يتيمم للسنة ثم يتوضأ للفرض ويصلي قبل الطلوع ، وصورها شيخنا بما إذا فاتت مع الفرض وأراد قضاءها ولم يبق إلى زوال الشمس مقدار الوضوء وصلاة ركعتين فيتيمم ويصليها قبل الزوال ; لأنها لا تقضى بعده ، ثم يتوضأ ويصلي الفرض بعده ، وذكر لها ط صورتين أخريين ( قوله ولنوم إلخ ) أي عند وجود الماء ; لأن الكلام فيه ، ولما قرره في البحر من أن التيمم عند وجود الماء يجوز لكل عبادة تحل بدون الطهارة ولكل عبادة تفوت لا إلى خلف ، وبين القاعدتين عموم وجهي يجتمعان في رد السلام مثلا فإنه يحل بدون طهارة ويفوت لا إلى الخلف ، وتنفرد الأولى في مثل دخول المسجد للمحدث فإنه يحل بدون الطهارة من الحدث الأصغر ولا يصدق عليه أنه يفوت لا إلى خلف ، وتنفرد الثانية في مثل صلاة الجنازة فإنها تفوت لا إلى خلف ولا تحل بدون الطهارة ح ، لكن القاعدة الأولى محل بحث كما تطلع عليه ( قوله وإن تجز الصلاة به ) أي فيقع طهارة لما نواه له فقط كما في الحلية ; لأن التيمم له جهتان : جهة صحته في ذاته ، وجهة صحة الصلاة به ، فالثانية متوقفة على العجز عن الماء ، وعلى نية عبادة مقصودة لا تصح بدون طهارة كما سيأتي بيانه . وأما الأولى فتحصل بنية أي عبادة كانت ، سواء كانت مقصودة لا تصح إلا بالطهارة كالصلاة وكالقراءة للجنب ، أو غير مقصودة كذلك كدخول المسجد للجنب ، أو تحل بدونها كدخوله للمحدث ، أو مقصودة وتحل بدون طهارة كالقراءة للمحدث ، فالتيمم في كل هذه الصور صحيح في ذاته كما أوضحه ح ( قوله وكذا لكل ما لا تشترط له الطهارة ) أي يجوز له التيمم مع وجود الماء ، وهذه إحدى القاعدتين السابقتين ، وفيها نظر سيظهر .

( قوله لكن في النهر إلخ ) استدراك على استدلال البحر بعبارة المبتغى على إحدى القاعدتين المذكورتين ، وهي جواز التيمم عند وجود الماء لكل عبادة تحل بدون الطهارة .

وبيان الاستدراك أن الدليل إنما يتم بناء على إرادة الدخول للمحدث ليكون مما لا تشترط له الطهارة ، وإذا كان مراده الجنب سقط الدليل ; لأنه لا يحل له الدخول بدونها ، لكن كون المراد الجنب نظر فيه العلامة ح بأنه لا يخلو إما أن يكون الماء الموجود خارج المسجد وهو باطل أي لعدم جواز دخوله جنبا مع وجود الماء خارجه ، وإما أن يكون الماء داخله وهو صحيح ولكنه بعيد من عبارته بدليل قوله وللنوم فيه . ا هـ وعليه فالظاهر أن مراد المبتغى دخول المحدث فيتم الدليل .

لكن لقائل أن يقول : إن مراد المبتغى أن الجنب إذا وجد ماء في المسجد وأراد دخوله للاغتسال يتيمم ويدخل ، ولو كان نائما فيه فاحتلم والماء خارجه وخشي من الخروج يتيمم وينام فيه إلى أن يمكنه الخروج . قال في المنية : وإن احتلم في المسجد تيمم للخروج إذا لم يخف ، وإن خاف يجلس مع التيمم ولا يصلي ولا يقرأ . ا هـ . [ ص: 244 ] ويؤيد ما قلناه أن نفس النوم في المسجد ليس عبادة حتى يتيمم له وإنما هو لأجل مكثه في المسجد أو لأجل مشيه فيه للخروج ( قوله قلت إلخ ) اعتراض على البحر أيضا ; لأن عبارة المنية شاملة لدخول المسجد للمحدث وهو مما لا تشترط له الطهارة فينافي ما في البحر ، لكن أجاب ح بتخصيص الدخول بالجنب فلا تنافي . أقول : ولا يخفى أنه خلاف المتبادر ، ولذا علله في شرح المنية بما ذكره الشارح ، وعلله أيضا بقوله ; لأن التيمم إنما يجوز ، ويعتبر في الشرح عند عدم الماء حقيقة أو حكما ولم يوجد واحد منهما فلا يجوز . ا هـ . فيفيد أن التيمم لما لم تشترط له الطهارة غير معتبر أصلا مع وجود الماء إلا إذا كان مما يخاف فوته لا إلى بدل ، فلو تيمم المحدث للنوم أو لدخول المسجد مع قدرته على الماء فهو لغو ، بخلاف تيممه لرد السلام مثلا ; لأنه يخاف فوته ; لأنه على الفور ولذا فعله صلى الله عليه وسلم ، وهذا الذي ينبغي التعويل عليه ( قوله لكن في القهستاني إلخ ) استدراك على ما يفهم من كلام البحر من أن ما تشترط له الطهارة لا يتيمم له مع وجود الماء ، وعلى ما يفهم من كلام المنية من أن كل عبادة لا يخاف فوتها لا يتيمم لها ط . قال ح : وهو نقل ضعيف مصادم للقاعدة ; لأن سجدة التلاوة لا تحل إلا بالطهارة وتفوت إلى خلف . ا هـ .

أقول : بل لا تفوت ; لأنها لا وقت لها إلا إذا كانت في الصلاة ، ولهذا نقل القهستاني أيضا عن القدوري في شرحه أنها لا يتيمم لها ، وعلله في الخلاصة بما قلنا ( قوله لكن سيجيء ) أي في الفروع ، وهذا استدراك على الاستدراك ، وهذا التقييد مذكور في القهستاني أيضا بعد ورقتين نقلا عن شرح الأصل معللا بعدم الضرورة في الحضر : أي لوجود الماء فيه بخلاف السفر ; فأفاد أن جوازه عند فقد الماء ، فينافي ما نقله عن المختار من جوازه مع وجود الماء كما لا يخفى فافهم ( قوله في الشرعة ) أي شرعة الإسلام للعلامة أبي بكر البخاري ط ( قوله وشروحها ) رأيت ذلك منقولا في شرح الفاضل علي زاده ط ( قوله قال ) أي في الشرعة وشروحها ( قوله فظاهر البزازية إلخ ) هذا غير ظاهر ; لأن عبارة البزازية : ولوتيمم عند عدم الماء لقراءة قرآن عن ظهر قلب أو من المصحف أو لمسه أو لدخول المسجد أو خروجه أو لدفن أو لزيارة قبر أو الأذان أو الإقامة لا يجوز أن يصلي به عند العامة ، ولو عند وجود الماء لا خلاف في عدم الجواز . ا هـ . فإن قوله لا خلاف في عدم الجواز أي عدم جواز الصلاة به ظاهر في عدم صحته في نفسه عند وجود الماء في هذه المواضع ; لأن من جملتها التيمم لمس المصحف ، ولا شبهة في أنه عند وجود الماء لا يصح أصلا ، ولما مر عن المنية وشرحها من أنه مع وجود الماء ليس بشيء بل هو عدم . والحاصل أن ما بحثه في البحر من صحة التيمم لهذه الأشياء مع وجود الماء لا بد لها من دليل ، وليس في شيء مما ذكره الشارح ما يدل عليها بل فيه ما يدل على خلافها كما علمت ، وأما عبارة المبتغى فقد علمت ما فيها فالظاهر عدم الصحة إلا فيما يخاف فوته كما قررناه قبل فتدبر ( قوله وإن لم تجز الصلاة به ) ; لأن جوازها به يشترط له فقد الماء أو خوف الفوت لا إلى بدل بعد أن يكون المنوي عبادة مقصودة لا تصح بدون طهارة ، ولم يوجد ذلك في شيء مما ذكر .

( قوله قلت بل لعشر إلخ ) من هنا إلى قوله قلت وظاهره ساقط في بعض النسخ ، وذكر ابن عبد الرزاق [ ص: 245 ] أنه من ملحقات الشارح على نسخته الثانية ( قوله أنه يجوز ) بدل من ما أو من الضابط ( قوله ولو مع وجود الماء ) غير مسلم كما علمت ( قوله فلا يجوز ) أي التيمم لمس مصحف ، سواء كان عن حدث أو عن جنابة ( قوله فكالأول ) أي كالذي لا تشترط له الطهارة فيتيمم له مع وجود الماء ط ( قوله فكالثاني ) وهو ما تشترط له الطهارة ط ( قوله لم تجز الصلاة به ) أي لفقد الشرط ، وهو أمران : كون المنوي عبادة مقصودة ، وكونها لا تحل إلا بالطهارة .

أما في دخول المسجد ففي المحدث فقد الأمرين ، وفي الجنب فقد الأول ; وأما في القراءة للمحدث فلفقد الثاني ، ولا يراد الجنب هنا لما تقدم قريبا من قوله أو جنبا فكالثاني : أي فتجوز الصلاة به . وأما المس مطلقا فلفقد الأول والكتابة كالمس إلا إذا كتب والصحيفة على الأرض على ما مر ، فإذا تيمم لذلك كانت العلة فقد الأمرين . والتعليم إن كان من محدث فلفقد الثاني ، وإن كان من جنب وكان كلمة كلمة فلفقد الثاني أيضا وعارض التعليم لا يخرجه عن كونه قراءة ، ولا يراد الجنب هنا إذا لم يكن التعليم كلمة كلمة لما مر . وأما زيارة القبور وعيادة المريض ودفن الميت والسلام ورده فلفقد الثاني . وأما الأذان بالنسبة إلى الجنب فلفقد الأول وللمحدث فلفقد الأمرين . وأما الإقامة مطلقا فلفقد الأول . وأما الإسلام فجرى فيه على مذهب أبي يوسف القائل بصحته في ذاته . ا هـ ح .

أقول : لا يصح عد الإسلام هنا ; لأنه يوهم صحة تيممه له ، لكن لا تجوز الصلاة به وليس ذلك قولا لأحد من علمائنا الثلاثة ; لأنه عند أبي يوسف يصح في ذاته وتجوز الصلاة به عنده كما صرح به في البحر . وأما عندهما فلا يصح أصلا ; وهو الأصح كما في الإمداد وغيره فافهم ( قوله بخلاف صلاة جنازة ) أي فإن تيممها تجوز به سائر الصلوات لكن عند فقد الماء ، وأما عند وجوده إذا خاف فوتها فإنما تجوز به الصلاة على جنازة أخرى إذا لم يكن بينهما فاصل كما مر ، ولا يجوز به غيرها من الصلوات أفاده ح ( قوله أو سجدة تلاوة ) أي فتصح الصلاة بالتيمم لها عند عدم الماء ، أما عند وجوده فلا يصح التيمم لها لما علمت من أنها تفوت إلى بدل ط ( قوله وظاهره إلخ ) أي ظاهر قوله لم تجز الصلاة به أن التيمم لهذه المذكورات الثلاث عشر التي لا تشترط لها الطهارة صحيح في نفسه يجوز فعله .

ووجه ظهور ذلك أنه لو لم يكن صحيحا في نفسه لكان المناسب أن يقال لم يصح التيمم لها أو لم يجز ; لأنه أعم . وأقول : إن كان مراده الجواز عند فقد الماء فهو مسلم وإلا فلا ، والظاهر أن مراده الثاني موافقا لما قدمه عن البحر ، ولقوله فظاهر البزازية جوازه لتسع مع وجود الماء إلخ وقدمنا أنه غير ظاهر وأنه لا بد له من نقل يدل عليه ولم يوجد وأن استدلال البحر بما في المبتغى لا يفيد ، نعم ما يخاف فوته بلا بدل من هذه المذكورات يجوز مع وجود الماء نظير الجنازة ; لأنه فاقد للماء حكما فيشمله النص ، بخلاف ما لا يخاف فوته منها فلا يجوز أصلا ; لأن النص ورد بمشروعية التيمم عند فقد الماء فلا يشرع عند وجوده حقيقة وحكما ، ولعله لهذا أمر بالتأمل فافهم .




الخدمات العلمية