الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن ولدت لأكثر من سنتين ) ولو لعشرين سنة فأكثر لاحتمال امتداد طهرها وعلوقها في العدة ( ما لم تقر بمضي العدة ) والمدة تحتمله ( وكانت ) الولادة ( رجعة ) لو ( في الأكثر منهما ) . [ ص: 541 ] أو لتمامهما لعلوقها في العدة ( لا في الأقل ) للشك وإن ثبت نسبه ( كما ) يثبت بلا دعوة احتياطا ( في مبتوتة جاءت به لأقل منهما ) من وقت الطلاق لجواز وجوده وقته ولم تقر بمضيها كما مر ( ولو لتمامها لا ) يثبت النسب ، وقيل يثبت لتصور العلوق في حال الطلاق ; وزعم في الجوهرة أنه الصواب ( إلا بدعوته ) لأنه التزمه ، وهي شبهة عقد أيضا ، وإلا إذا ولدت توأمين أحدهما لأقل من سنتين والآخر لأكثر .

[ ص: 542 ] وإلا إذا ملكها فيثبت إن ولدته لأقل من ستة أشهر من يوم الشراء ولو لأكثر من سنتين من وقت الطلاق وكالطلاق سائر أسباب الفرقة بدائع ، لكن في القهستاني عن شرح الطحاوي أن الدعوة مشروطة في الولادة لأكثر منهما ( وإن لم تصدقه ) المرأة ( لا في رواية ) وهي الأوجه فتح .

التالي السابق


( قوله : والمدة تحتمله ) أي تحتمل المضي ، وهذا القيد لمفهوم المتن لا لمنطوقه لأن عدم إقرارها بمضي العدة فيما إذا ولدته لأكثر من سنتين لا يصح تقييده باحتمال المضي .

وعبارة الفتح وغيره : ما لم تقر بانقضاء العدة ، فإن أقرت بانقضائها والمدة تحتمله بأن تكون ستين يوما على قول الإمام وتسعة وثلاثين على قولهما ثم جاءت بولد لا يثبت نسبه إلا إذا جاءت به لأقل من ستة أشهر من وقت الإقرار فإنه يثبت نسبه للتيقن بقيام الحمل وقت الإقرار فيظهر كذبها ، وكذا هذا في المطلقة البائنة والمتوفى عنها إذا ادعت انقضاءها ثم جاءت بولد لتمام ستة أشهر لا يثبت نسبه ولأقل يثبت . ا هـ . ( قوله : في الأكثر منهما ) أي من [ ص: 541 ] السنتين . ( قوله : أو لتمامهما ) تصريح بما فهم من قوله لا في الأقل لأن التقييد به مع فهمه من التقييد بالأكثر لبيان أن حكم السنتين حكم الأكثر كما نبه عليه في البحر . ( قوله : لعلوقها في العدة ) فيصير بالوطء مراجعا نهر ، فقوله : وكانت الولادة رجعة معناه أنها دليل الرجعة لأن الرجعة حقيقة بالوطء السابق لا بها . ( قوله : للشك ) لأنه يحتمل العلوق قبل الطلاق ، ويحتمل بعده فلا يصير مراجعا بالشك . ( قوله : وإن ثبت نسبه ) لوجود العلوق في النكاح ، أو في العدة جوهرة . ( قوله : كما في مبتوتة ) يشمل البت بالواحدة والثلاث ، والحرة ، والأمة بشرط أن لا يملكها كما يأتي ، ويشمل ما إذا تزوجها في العدة ، أو لا بحر وسيأتي بيانه في الفروع . ونقل ط عن الحموي عن البرجندي اشتراط كون المبتوتة مدخولا بها فلو غير مدخول بها فولدت لستة أشهر ، أو أكثر من وقت الفرقة لا يثبت ، وإن لأقل منها ثبت : أي إذا كان من وقت العقد ستة أشهر فأكثر . ا هـ .



مطلب في ثبوت النسب من المطلقة .

وفي البحر : واعلم أن شرط ثبوت النسب فيما ذكر من ولد المطلقة الرجعية والبائنة مقيد بما سيأتي من الشهادة بالولادة أو اعتراف من الزوج بالحبل ، أو حبل ظاهر بحر . ( قوله : لجواز وجوده ) أي الحمل وقته : أي وقت الطلاق . ( قوله : ولم تقر بمضيها ) فلو أقرت به فكالرجعي كما قدمناه عن الفتح . ( قوله : كما مر ) أي اشتراط عدم الإقرار المذكور مماثل لما مر في الرجعي . ( قوله : ولو لتمامهما لا ) خصه بالذكر لأن في الولادة للأكثر لا يثبت بالأولى . ا هـ . ح . ( قوله : لا يثبت النسب ) لأنه لو ثبت لزم سبق العلوق على الطلاق إذ لا يحل الوطء بعده ; بخلاف المطلقة الرجعية ، فحينئذ يلزم كون الولد في بطن أمه أكثر من سنتين بحر .

. ( قوله : لتصور العلوق في حال الطلاق ) أي فيكون قبل زوال الفراش كما قرره قاضي خان وهو حسن ، وحينئذ فلا يلزم كون الولد في البطن أكثر من سنتين أفاده في النهر وهو مأخوذ من الفتح . ( قوله : وزعم في الجوهرة أنه الصواب ) حيث جزم بأن قول القدوري " لا يثبت " سهو ، لأن المذكور في غيره من الكتب أنه يثبت . قال في النهر : والحق حمله على اختلاف الروايتين لتوارد المتون على عدم ثبوته كما قال القدوري ، إذ قد جرى الكنز والوافي ، وهكذا صدر الشريعة وصاحب المجمع وهم بالرواية أدرى . ( قوله : لأنه التزمه ) أي وله وجه بأن وطئها بشبهة في العدة هداية وغيرها . ( قوله : وهي شبهة عقد أيضا ) أي كما أنها شبهة فعل ، وأشار به إلى الجواب عن اعتراض الزيلعي بأن المبتوتة بالثلاث إذا وطئها الزوج بشبهة كانت شبهة في الفعل ، وقد نصوا على أن شبهة الفعل لا يثبت فيها النسب وإن ادعاه . وأجاب في البحر بأن وطء المطلقة بالثلاث ، أو على مال لم تتمحض للفعل بل هي شبهة عقد أيضا فلا تناقض أي لأن ثبوت النسب لوجود شبهة العقد ، على أنه صرح ابن مالك في شرح المجمع بأن من وطئ امرأة زفت إليه وقيل له إنها امرأتك فهي شبهة في الفعل وأن النسب يثبت إذا ادعاه ، فعلم أنه ليس كل شبهة في الفعل تمنع دعوى النسب . ا هـ . وسيأتي في الحدود إن شاء الله تعالى تحقيق الفرق بين شبهة الفعل وشبهة العقد وشبهة المحل . ا هـ . ح ملخصا . ( قوله : وإلا إذا ولدت توأمين إلخ ) أي فيثبت نسبهما ، كمن باع جارية فجاءت بتوأمان كذلك فادعاهما [ ص: 542 ] البائع يثبت نسبهما وينقض البيع وهذا عندهما . وقال محمد : لا يثبت لأن الثاني من علوق حادث بعد الإبانة ، فيتبعه الأول لأنهما توأمان ، قيل هو الصواب لأن ولد الجارية الثاني يجوز كونه حدث على ملك البائع قبل بيعه ، بخلاف الولد الثاني في المبتوتة فتح . ( قوله : وإلا إذا ملكها ) أقول : هذه المسألة ستأتي في أول الفروع .

وحاصلها أنه إذا طلق أمته فاشتراها ، فإما أن يطلقها قبل الدخول أو بعده ، والثاني إما رجعي ، أو بائن بواحدة ، أو اثنتين ، فإن كان قبل الدخول اشترط لثبوت نسبه ولادته لأقل من نصف حول مذ طلقها ، وإن كان بعده بطلقتين اشترط سنتان فأقل مذ طلقها ، ولا اعتبار لوقت الشراء فيهما وإن بطلقة بائنة فكذلك ، ولو رجعيا يثبت ولو لعشر سنين بعد الطلاق بشرط كونه لأقل من ستة أشهر مذ شراها في المسألتين ، وبه علم أن قوله " ولو أكثر من سنتين " خاص بالرجعي ، وكلامنا في البائن ، فالصواب حذف لفظ " أكثر " فافهم . ( قوله : بدائع ) حيث قال : وكل جواب عرفته في المعتدة عن طلاق فهو الجواب في المعتدة من غير طلاق من أسباب الفرقة . ا هـ . بحر : أي كالفرقة بردة ، أو بخيار بلوغ ، أو عتق ، أو عدم كفاءة ، أو عدم مهر مثل . ( قوله : لكن في القهستاني إلخ ) استدراك على قول المصنف وإن لتمامهما لا إلا بدعوته . وعبارة القهستاني : لكن في شرح الطحاوي أن الدعوة مشروطة في الولادة لأكثر منها ا هـ فإنه يقتضي مفهومه أنه لا يحتاج إلى دعوة في الولادة لتمامهما ويمكن جريانه على الرواية التي جرى عليها في الجوهرة ، وكلام المصنف على رواية القدوري ط فافهم . ( قوله : وإن لم تصدقه ) أي في أن الولد منه . ( قوله : وهي الأوجه ) لأنه يمكن منه وقد ادعاه ولا معارض ، ولذا لم يذكر اشتراط تصديقها في رواية إلا السرخسي في المبسوط والبيهقي في الشامل ، وذلك ظاهر في ضعفها وغرابتها فتح .




الخدمات العلمية