الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( نذر لفقراء مكة جاز الصرف لفقراء غيرها ) لما تقرر في كتاب الصوم أن النذر غير المعلق لا يختص بشيء

التالي السابق


مطلب النذر غير المعلق لا يختص بزمان ومكان ودرهم وفقير

( قوله لما تقرر في كتاب الصوم ) أي في آخره قبيل باب الاعتكاف وعبارته هناك مع المتن : والنذر من اعتكاف أو حج أو صلاة أو صيام أو غيرها غير المعلق ولو معينا لا يختص بزمان ومكان ودرهم وفقير فلو نذر [ ص: 741 ] التصدق يوم الجمعة بمكة بهذا الدرهم على فلان فخالف جاز وكذا لو عجل قبله فلو عين شهرا للاعتكاف أو للصوم فعجل قبله عنه صح ، وكذا لو نذر أن يحج سنة كذا فحج سنة قبلها صح أو صلاة في يوم كذا فصلاها قبله لأنه تعجيل بعد وجود السبب ، وهو النذر فيلغو التعيين بخلاف النذر المعلق ، فإنه لا يجوز تعجيله قبل وجود الشرط ا هـ .

قلت : وقدمنا هناك الفرق وهو أن المعلق على شرط لا ينعقد سببا للحال كما تقرر في الأصول بل عند وجود شرطه ، فلو جاز تعجيله لزم وقوعه قبل سببه فلا يصح ، ويظهر من هذا أن المعلق يتعين فيه الزمان بالنظر إلى التعجيل ، أما تأخيره فالظاهر أنه جائز إذ لا محذور فيه ، وكذا يظهر منه أنه لا يتعين فيه المكان والدرهم والفقير لأن التعليق إنما أثر في انعقاد السببية فقط ، فلذا امتنع فيه التعجيل ، وتعين فيه الوقت أما المكان والدرهم والفقير فهي باقية على الأصل من عدم التعيين ، ولذا اقتصر الشارح في بيان المخالفة على التعجيل فقط حيث قال : فإنه لا يجوز تعجيله فتدبر .

قلت : وكما لا يتعين الفقير لا يتعين عدده ففي الخانية إن زوجت بنتي فألف درهم من مالي صدقة لكل مسكين درهم فزوج ودفع الألف إلى مسكين جملة جاز .

[ تنبيه ] إنما لم يختص في النذر بزمان ونحوه خلافا لزفر لأن لزوم ما التزمه باعتبار ما هو قربة لا باعتبارات أخر لا دخل لها في صيرورته قربة كما مر قال في الفتح : وكذا إذا نذر ركعتين في المسجد الحرام فأداها في أقل شرفا منه أو فيما لا شرف له أجزأه خلافا لزفر لأن المعروف من الشرع أن التزامه بما هو قربة موجب ولم يثبت من الشرع اعتبار تخصيص العبد العبادة بالمكان ، بل إنما عرف ذلك لله تعالى وتمامه فيه .

قلت : وإنما تعين المكان في نذر الهدي والزمان في نذر الأضحية لأن كلا منهما اسم خاص معين ، فالهدي ما يهدى للحرم والأضحية ما يذبح في أيامها حتى لو لم يكن كذلك لم يوجد الاسم وسنذكر تمام تحقيقه في باب اليمين في البيع إن شاء الله تعالى .




الخدمات العلمية