الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فلو قال إن ضربتك أو كسوتك أو كلمتك أو دخلت عليك أو قبلتك تقيد ) كل منها ( بالحياة ) [ ص: 836 ] حتى لو علق بها طلاقا أو عتقا لم يحنث بفعلها في ميت ( بخلاف الغسل والحمل واللمس وإلباس الثوب ) كحلفه لا يغسله أو لا يحمله لا يتقيد بالحياة .

التالي السابق


( قوله أو قبلتك ) في بعض النسخ أو قتلتك من القتل .

مطلب ترد الحياة إلى الميت بقدر ما يحس بالألم

( قوله تقيد كل منها بالحياة ) أما الضرب فلأنه اسم لفعل مؤلم يتصل بالبدن أو استعمال آلة التأديب في محل يقبله والإيلام والأدب لا يتحقق في الميت ولا يرد تعذيب الميت في قبره لأنه توضع فيه الحياة عند العامة بقدر ما يحس بالألم والبنية ليست بشرط عند أهل السنة بل تجعل الحياة في تلك الأجزاء المتفرقة التي لا يدركها البصر ، وأما الكسوة فلأن التمليك معتبر في مفهومها ، كما في الكفارة ولهذا لو قال كسوتك هذا الثوب كان هبة والميت ليس أهلا للتمليك .

وقال الفقيه أبو الليث : لو كانت يمينه بالفارسية ينبغي أن يحنث لأنه يراد به اللبث دون التمليك ولا يرد قولهم إنه لو نصب شبكة فتعلق بها صيد بعد موته ملكه لأنه مستند إلى وقت الحياة والنصب أو المراد أنه على حكم ملكه فتملكه ورثته حقيقة لا هو وأيضا هذا ملك لا تمليك هذا ما ظهر لي

.


مطلب في سماع الميت الكلام

وأما الكلام فلأن المقصود منه الإفهام والموت ينافيه .

ولا يرد ما في الصحيح من { قوله صلى الله عليه وسلم لأهل قليب بدر هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا فقال عمر أتكلم الميت يا رسول الله ، فقال عليه الصلاة والسلام : والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع من هؤلاء أو منهم } " فقد أجاب عنه المشايخ بأنه غير ثابت يعني من جهة المعنى ، وذلك لأن عائشة ردته بقوله تعالى - { وما أنت بمسمع من في القبور } - { إنك لا تسمع الموتى } - وأنه إنما قاله على وجه الموعظة للأحياء ، وبأنه مخصوص بأولئك تضعيفا للحسرة عليهم ، وبأنه خصوصية له عليه الصلاة والسلام معجزة ، لكن يشكل عليهم ما في مسلم { إن الميت ليسمع قرع نعالهم إذا انصرفوا } " إلا أن يخصوا ذلك بأول الوضع في القبر مقدمة للسؤال جمعا بينه وبين الآيتين فإنه شبه فيهما الكفار بالموتى لإفادة بعد سماعهم وهو فرع عدم سماع الموتى هذا حاصل ما ذكره في الفتح هنا .

وفي الجنائز : ومعنى الجواب الأول أنه وإن صح سنده لكنه معلول من جهة المعنى بعلة تقتضي عدم ثبوته عنه عليه الصلاة والسلام وهي مخالفته للقرآن فافهم ، وأما الدخول فلأن المراد به زيارته أو خدمته حتى لا يقال دخل على حائط أو دابة والميت لا يزار هو وإنما يزار قبره قال عليه الصلاة والسلام { كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها } " ، ولم يقل عن زيارة الموتى هذا حاصل ما ذكره الشراح هنا فتأمله .

وأما التقبيل فلأنه يراد به اللذة أو الإسرار أو الشفقة وأما القتل فكالضرب بل أولى ( قوله كحلفه لا يغسله إلخ ) تمثيل لقوله بخلاف الغسل




الخدمات العلمية