الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( أقيم عليه بعض الحد فهرب ) ثم أخذ بعد التقادم لا يحد لما مر أن الإمضاء من القضاء في باب الحدود .

التالي السابق


( قوله أقيم عليه بعض الحد ) أي حد الزنا أو السرقة أو الشرب كما في الكافي . قلت : وأما حد القذف ففيه تفصيل سيأتي في آخر الباب الآتي ( قوله ثم أخذ إلخ ) أقحم الشارح هذه المسألة بين كلامي المصنف إشارة إلى أن استئناف الحد للشرب الثاني لا يتقيد بما إذا أقيم عليه بعض الحد ، فحول العبارة عن أصلها وكملها بما يناسبها وأتى بلو في قوله ولو شرب إلخ ليجعله مسألة مستأنفة .

ولا يخفى ما فيه من حسن الصناعة ( قوله لما مر إلخ ) أي في أثناء الباب السابق : وقال في الهداية هناك : إن التقادم كما يمنع قبول الشهادة في الابتداء يمنع الإقامة بعد القضاء ، حتى لو هرب بعد ما ضرب بعض الحد ثم أخذ بعد ما تقادم الزمان لم يحد ; لأن الإمضاء من القضاء في باب الحدود . قلت : لكن هذا ظاهر في حد الزنا والسرقة ، فإن التقادم مقدر فيهما بشهر كما مر ، أما في حد الشرب فإنه مقدر عندهما بزوال الرائحة . وعند محمد بشهر أيضا والمعتمد قولهما كما مر وقيام الرائحة إنما يشترط عند الإقرار أو عند الرفع إلى الحاكم إلا لبعد المسافة ، ولا يحد إلا بعد الصحو كما مر ، ولم يشترطوا قيام الرائحة عند إقامة الحد بل الصحو مظنة زوالها ، فإذا كان عدم إكمال الحد بسبب زوال الرائحة على قولهما يلزم أن لا يقام الحد إلا مع قيام الرائحة ولم نر من قال بذلك .

فالظاهر أن هذا تفريع على قول محمد فقط ، ولا يصح أن يقال إنه مفرع على قولهما أيضا بأن تفرض المسألة فيما إذا أقر بالشرب فهرب ; لأن التقادم يبطل الإقرار عندهما كما تقدم لرجوع المحذور ، فإنه يلزم عليه أن المقر لا يحد إلا إذا بقيت الرائحة موجودة وإن لم يرجع عن إقراره الصادر عند قيام الرائحة ، وأيضا فالهرب رجوع عن الإقرار فلا حاجة معه إلى التقادم ، هذا ما ظهر لي فتأمله




الخدمات العلمية