الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والأب يعزر الابن عليه ) وقدمنا أن للولي ضرب ابن سبع على الصلاة ، ويلحق به الزوج نهر . وفي القنية : له إكراه طفله على تعلم قرآن وأدب وعلم لفريضته على الوالدين ، وله ضرب اليتيم فيما يضرب ولده . ( الصغر لا يمنع وجوب التعزير ) فيجري بين الصبيان ( و ) هذا لو كان حق عبد ، أما ( لو كان حق الله ) تعالى بأن زنى أو سرق ( منع ) الصغر منه مجتبى ( من حد أو عزر فهلك فدمه هدر إلا امرأة عزرها زوجها ) [ ص: 79 ] بمثل ما مر ( فماتت ) لأن تأديبه مباح فيتقيد بشرط السلامة . قال المصنف : وبهذا ظهر أنه لا يجب على الزوج ضرب زوجته أصلا .

التالي السابق


( قوله والأب يعزر الابن عليه ) أي على ترك الصلاة . ومثلها الصوم كما صرحوا به ، وتعليل القنية الآتي يفيد أن الأم كالأب . والظاهر أن الوصي كذلك ، وأن المراد بالابن الصغير بقرينة ما بعده ، أما الكبير فكالأجنبي ، نعم قدم الشارح في الحضانة عن البحر أنه إذا لم يكن مأمونا على نفسه فله ضمه لدفع فتنة أو عار وتأديبه إذا وقع منه شيء .

[ فرع ] في فصول العلامي : إذا رأى منكرا من والديه يأمرهما مرة ، فإن قبلا فبها ، وإن كرها سكت عنهما واشتغل بالدعاء والاستغفار لهما فإن الله تعالى يكفيه ما أهمه من أمرهما .

له أم أرملة تخرج إلى وليمة وإلى غيرها فخاف ابنها عليها الفساد ليس له منعها بل يرفع أمرها للحاكم ليمنعها أو يأمره بمنعها ( قوله ابن سبع ) تبع فيه النهر ، والذي قدمه في كتاب الصلاة أمر ابن سبع وضرب ابن عشر . ا هـ . ح وهكذا ذكره القهستاني عن الملتقط ، والمراد ضربه بيد لا بخشبة كما تقدم هناك ( قوله ويلحق به الزوج ) فله ضرب زوجته الصغيرة على الصلاة كالأب ( قوله وفي القنية إلخ ) وفيها عن الروضة : ولو أمر غيره بضرب عبده حل للمأمور ضربه ، بخلاف الحر .

قال : فهذا تنصيص على عدم جواز ضرب ولد الآمر بأمره ، بخلاف المعلم ; لأن المأمور يضربه نيابة عن الأب لمصلحة والمعلم يضربه بحكم الملك بتمليك أبيه لمصلحة الولد ا هـ وهذا إذا لم يكن الضرب فاحشا كما يأتي في المتن قريبا ( قوله فيجري بين الصبيان ) أي يشرع في حقهم كما عبر الزيلعي ، وهل يضرب تعزيرا بمجرد عقله أو إذا بلغ عشرا كما في ضربه على الصلاة ؟ لم أره ، نعم في البحر عن القنية : مراهق شتم عالما فعليه التعزير . ا هـ . والظاهر أن المراهقة غير قيد تأمل .

[ تنبيه ] في شهادات البحر : لم أر حكم الصبي إذا وجب التعزير عليه للتأديب فبلغ . ونقل الفخر الرازي عن الشافعية سقوطه لزجره بالبلوغ ، ومقتضى ما في اليتيمة من كتاب السير أن الذمي إذا وجب التعزير عليه فأسلم لم يسقط عنه . ا هـ . قال الخير الرملي : لا وجه لسقوطه خصوصا إذا كان حق آدمي ( قوله وهذا لو كان حق عبد إلخ ) بهذا وفق صاحب المجتبى بين قول السرخسي : إن الصغر لا يمنع وجوب التعزير ، وقول الترجماني يمنع بحمل الأول على حق العبد ، والثاني على حقه تعالى كما إذا شرب الصبي أو زنى أو سرق ، وأقره في البحر والنهر وتبعهم المصنف . قلت : لكن يشكل عليه ضربه على ترك الصلاة ، بل ورد أنه تضرب الدابة على النفار لا على العثار فتأمل ( قوله من حد أو عزر ) أي من حده الإمام أو عزره كما في الهداية ( قوله فدمه هدر ) أي عندنا ومالك [ ص: 79 ] وأحمد خلافا للشافعي ; لأن الإمام مأمور بالحد والتعزير ، وفعل المأمور لا يتقيد بشرط السلامة ، وتمامه في الفتح والتبيين .

قلت : ومقتضى التعليل بالأمر أن ذلك غير خاص بالإمام ، فقد مر أن لكل مسلم إقامة التعزير حال مباشرة المعصية ; لأنه مأمور بإزالة المنكر إلا أن يفرق بأنه يمكنه الرفع إلى الإمام فلم تتعين الإقامة عليه ، بخلاف الإمام تأمل ( قوله بمثل ما مر ) أي من الأشياء التي يباح له تعزيره فيها ط ( قوله فيتقيد بشرط السلامة ) أي كالمرور في الطريق ونحوه . وأورد ما لو جامع امرأته فماتت أو أفضاها فإنه لا يضمن عند أبي حنيفة وأبي يوسف مع أنه مباح . وأجيب بأنه يضمن المهر بذلك ، فلو وجبت الدية لوجب ضمانان بمضمون واحد نهر ( قوله قال المصنف ) أخذه من كلام شيخه في البحر ( قوله وبهذا ) أي التعليل المذكور




الخدمات العلمية