الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( الانتفاع فيها ) أي في دار الحرب ( بعلف وطعام وحطب وسلاح ودهن بلا قسمة ) أطلق الكل تبعا للكنز وقيد في الوقاية السلاح بالحاجة ، - [ ص: 144 ] وهو الحق وقيد الكل في الظهيرية بعدم نهي الإمام عن أكله فإن نهى لم يبح فينبغي تقييد المتون به ( و ) بلا ( بيع وتمول ) فلو باع رد ثمنه ، فإن قسمت تصدق به لو غير فقير . ومن وجد ما لا يملكه أهل الحرب كصيد وعسل فهو مشترك فيتوقف بيعه على إجازة الأمير فإن هلك أو الثمن أنفع أجازه وإلا رده للغنيمة بحر ( وبعد الخروج منها لا ) إلا برضاهم

التالي السابق


( قوله بعلف ) ولا بأس بعلف دوابه البر إذا لم يوجد الشعير در منتقى ( قوله وطعام ) أطلقه فشمل المهيأ للأكل وغيره حتى يجوز لهم ذبح المواشي ، ويردون جلودها في الغنيمة بحر ( قوله ودهن ) بالضم ما يدهن به أما بالفتح فهو مصدر ، والأول هنا أولى لتناسق المعطوفات خلافا للعيني كما أفاده في النهر ، والمراد بالدهن ما يؤكل لقول الزيلعي إن ما لا يؤكل عادة لا يجوز له تناوله مثل الأدوية والطيب ودهن البنفسج وما أشبه ذلك . ا هـ . ولا شك أنه لو تحقق بأحدهم مرض يحوجه إلى استعمالها جاز كما بحثه في الفتح ، وصرح به في المحيط بحر ( قوله وقيد في الوقاية إلخ ) قال في الدر المنتقى : اعلم أنه ذكر في [ ص: 144 ] فتح القدير أن استعمال السلاح والكراع والفرس إنما يجوز بشرط الحاجة بأن مات فرسه أو تكسر سيفه أما إذا أراد أن يوفر سيفه وفرسه باستعمال ذلك فلا يجوز ، ولو فعل أثم ولا ضمان عليه إن تلف ، وأما غير السلاح ونحوه مما مر كالطعام فشرط في السير الصغير الحاجة إلى التناول من ذلك وهو القياس ، ولم يشترطها في السير الكبير وهو الاستحسان وبه قالت الأئمة الثلاثة . فيجوز لكل من الغني والفقير تناوله ا هـ ملخصا وهكذا ذكره في الشرنبلالية ، ولا يخفى ترجيح الاستحسان ههنا .

قلت : وهو ما اختاره الماتن يعني صاحب الملتقى وهو الحق كما علمت . ا هـ . قال في النهر : ولو احتاج الكل إلى السلاح والثياب قسمها حينئذ بخلاف السبي إذا احتيج إليه ولو للخدمة لكونه من فضول الحوائج ا هـ وفسر الحاجة بالفقر قلت : والظاهر أنها أعم إذ لو كان غنيا ولا يجد ما يشتريه فهو كذلك ( قوله فإن نهى لم يبح ) والحاصل منع الانتفاع بسلاح ودواب ودواء إلا لحاجة وحل المأكول مطلقا إلا لنهي الإمام ، فالمنع مطلقا كمنع استباحة الفرج مطلقا ; لأن الفرج لا يحل إلا بالملك ولا ملك قبل الإحراز بدارنا ولو أمته المأسورة ، بخلاف امرأته المأسورة ومدبرته وأم ولده إن لم يطأهن الحربي كما سيجيء فليحفظ در منتقى . لكن في البحر ينبغي أن يقيد النهي عن المأكول والمشروب بما إذا لم تكن حاجة فإن كانت لا يعمل نهيه . ا هـ . ( قوله وبلا بيع وتمول ) أي لا ينتفع بالكل بالبيع في دار الحرب قبل القسمة أصلا احتيج إليه أو لا ولا التمول لعدم الملك ; وإنما أبيح الانتفاع للحاجة ، والمباح له لا يملك البيع در منتقى والمراد بالتمول أن يبقى ذلك الشيء عنده يجعله مالا له ، ولذا قال القهستاني وإذا استعمل السلاح ونحوه يرده إلى المغنم .

( قوله رد ثمنه ) أي إذا أجازه الإمام ; لأنه بيع الفضولي نهر ( قوله فإن قسمت ) أي الغنيمة تصدق به أي بالثمن ; لأنه لقلته لا تمكن قسمته فتعذر إيصاله إلى مستحقه فيتصدق به كاللقطة كما في الفتح ( قوله لو غير فقير ) فلو فقيرا يأكله بحر ( قوله ما لا يملكه أهل الحرب ) أي شيئا غير مملوك لهم لكن يخص منه ما يشترك فيه العامة لما في البحر لو حش الجندي الحشيش في دار الحرب أو استقى الماء وباعه طاب له ثمنه ( قوله فهو مشترك ) أي بين الغانمين فلا يختص به الآخذ بحر ( قوله أجازه ) أي وأخذ الثمن ورده في الغنيمة وقسمه بين الغانمين بحر ( قوله وإلا ) صادق بصورتين : إحداهما لو كان المبيع قائما ، والثانية : لو كان البيع أنفع من الثمن ، وظاهر أنه فيهما يفسخ البيع ويرد المبيع للغنيمة مع أنه إذا كان قائما والثمن أنفع لهم أجازه كما في البحر فيتعين حمل قوله أو الثمن أنفع على معنى أو لم يهلك والثمن أنفع ( قوله وبعد الخروج منها ) أي من دار الحرب لا : أي لا ينتفع بشيء مما ذكر لزوال المبيح و ; لأن حقهم قد تأكد حتى يورث نصيبهم بحر .

زاد في الكنز وغيره وما فضل رده أي والذي فضل في يده مما أخذه قبل الخروج من دار الحرب ورده الآخذ إلى الغنيمة بعد الخروج إلى دارنا لزوال الحاجة التي هي مناط الإباحة وهذا التعليل يفيد أنه لو كان فقيرا أكله بالضمان كما في المحيط هذا كله قبل القسمة أما بعدها فإن كان غنيا وكانت العين قائمة تصدق بها وبقيمتها لو هالكة ، وإن كان فقيرا انتفع بها نهر




الخدمات العلمية