الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا ) يسهم ( لعبد وصبي وامرأة وذمي ) ومجنون ومعتوه ومكاتب ( ورضخ لهم ) قبل إخراج الخمس عندنا ( إذا باشروا القتال [ ص: 148 ] أو كانت المرأة تقوم بمصالح المرضى ) أو تداوي الجرحى ( أو دل الذمي على الطريق ) ومفاده جواز الاستعانة بالكافر عند الحاجة وقد { استعان عليه الصلاة والسلام باليهود على اليهود ورضخ لهم } ( ولا يبلغ به السهم إلا في الذمي ) إذا دل فيزاد على السهم ; لأنه كالأجرة

التالي السابق


( قوله وذمي ) ولو أسلم أو بلغ المراهق قبل القسمة والخروج إلى دار الإسلام يسهم له كما في شرح السير والظاهر أن العبد إذا أعتق كذلك ( قوله ورضخ لهم ) أي يعطون قليلا من كثير فإن الرضيخة هي الإعطاء كذلك ، والكثير السهم فالرضخ لا يبلغ السهم فتح ( قوله عندنا ) وفي قول للشافعي ورواية عن أحمد أنه من أربعة الأخماس فتح ( قوله إذا باشروا القتال ) شمل المرأة فإنها يرضخ لها إذا قاتلت أيضا وأطلق مباشرة القتال في العبد ، فشمل ما إذا قاتل بإذن سيده أو بدونه كما في الفتح وبه صرح في شرح السير الكبير ، وقال : القياس أنه إذا قاتل بلا إذن المولى لا يرضخ له كمستأمن قاتل بلا إذن الإمام والاستحسان أنه يرضخ له ; لأنه غير محجور عما يتمحض منفعة ، وهو نظير القياس والاستحسان في العبد المحجور إذا آجر نفسه وسلم من العمل ا هـ ملخصا وبه ظهر أن قوله في الولوالجية إن العبد إذا كان مع مولاه يقاتل بإذنه يرضخ له غير قيد خلافا لما فهمه في البحر ولم أر من نبه عليه فتنبه ، وظهر به أيضا أن قوله في اليعقوبية : ينبغي أن يسهم للعبد المأذون بحث مخالف للمنقول . [ ص: 148 ]

[ تنبيه ] اقتصر المصنف على المذكورين ; لأن الأجير لا يسهم له ولا يرضخ لعدم اجتماع الأجر والنصيب من الغنيمة إلا إذا قاتل فإنه يسهم له بحر أي بخلاف المذكورين ، فإنهم إذا قاتلوا يرضخ ولا يسهم لهم ( قوله أو تداوي الجرحى ) هذا داخل فيما قبله مع أنه يوهم التخصيص بهذا النوع فالأولى أن يقول بدله أو تطبخ أو تخبز للغزاة كما في شرح السير ، ومثل ذلك السقي ومناولة السهام كما في الفتح . والحاصل : أن المراد حصول منفعة منها للغزاة احترازا عما إذا خرجت لخدمة زوجها مثلا ( قوله عند الحاجة ) أما بدونها فلا ; لأنه لا يؤمن غدره .

مطلب في الاستعانة بمشرك ( قوله وقد استعان عليه الصلاة والسلام إلخ ) ذكر في الفتح أن في سنده ضعفا ، وأن جماعة قالوا لا يجوز لحديث مسلم " { أنه عليه الصلاة والسلام خرج إلى بدر فلحقه رجل مشرك فقال : ارجع فلن أستعين بمشرك } " الحديث وروي رجلان ثم قال وقال الشافعي رده عليه الصلاة والسلام المشرك والمشركين كان في غزوة بدر ثم { إنه عليه الصلاة والسلام استعان في غزوة خيبر بيهود من بني قينقاع ، وفي غزوة حنين بصفوان بن أمية ، وهو مشرك } فالردان كان لأجل أنه كان مخيرا بين الاستعانة وعدمها فلا مخالفة بين الحديثين وإن كان لأجل أنه مشرك فقد نسخه ما بعده ( قوله فيزاد على السهم ) أي إذا كان في دلالته منفعة عظيمة للمسلمين فيرضخ له على قدر ما يرى الإمام ولو أكثر من سهام الفرسان شرح السير ( قوله ; لأنه كالأجرة ) أشار إلى الفرق بين ما إذا قاتل الذمي ، حيث لا يبلغ في الرضخ له السهم وما إذا دل حيث تصح الزيادة ، وهو أن ما يدفع له في هذه الحالة ليس رضخا ، بل قائم مقام الأجرة بخلاف ما إذا قاتل فإنه لا يبلغ به السهم ; لأنه عمل عمل الجهاد ولا يسوى في عمله بين من يؤجر عليه ، ومن لا يقبل منه أفاده في الفتح .

[ تنبيه ] قال في الحواشي اليعقوبية لا وجه لتخصيص حكم الدلالة على الطريق بالذمي ; لأن العبد أيضا إذا دل يعطى له أجر الدلالة بالغا ما بلغ إلا أن تمنع إرادة التخصيص فليتأمل . ا هـ .




الخدمات العلمية