الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فإن رجع ) المستأمن ( إليهم ) ولو لغير داره ( حل دمه ) لبطلان أمانه ( فإن ترك وديعة عند معصوم ) مسلم أو ذمي ( أو دينا ) عليهما ( فأسر أو ظهر ) بالبناء للمجهول بمعنى غلب ( عليهم فأخذوه أو قتلوه سقط دينه ) وسلمه وما غصب منه وأجرة عين أجرها لسبق يده ( وصار ماله ) كوديعته وما عند شريكه ومضاربه وما في بيته في دارنا ( فيئا ) . واختلف في الرهن ورجح في النهر أنه للمرتهن بدينه . وفي السراج : لو بعث من يأخذ الوديعة والقرض [ ص: 173 ] وجب التسليم إليه انتهى . وعليه فيوفى منه دينه هنا ولو صارت وديعته فيئا ( وإن قتل أو مات فقط ) بلا غلبة عليه . ( فديته وقرضه ووديعته لورثته ) لأن نفسه لم تصر مغنومة فكذا ماله كما لو ظهر عليه فهرب فماله له

التالي السابق


( قوله فإن رجع المستأمن ) ظاهره أنه لا فرق بين كونه قبل الحكم بكونه ذميا ، أو بعده لأن الذمي إذا لحق بدار الحرب صار حربيا كما سيأتي بحر ( قوله فأسر ) أي من غير ظهور على دارهم بأن وجده مسلم فأسره ( قوله بمعنى غلب ) الأولى تأخيره عن قوله عليهم لقول المغرب ظهر عليه غلب ( قوله فأخذوه ) احتراز عما لو هرب كما يأتي ( قوله سقط دينه ) لأن إثبات اليد عليه بواسطة المطالبة ، وقد سقطت ، ويد من عليه أسبق إليه من يد العامة فيختص به فيسقط ولا طريق لجعله فيئا لأنه الذي يؤخذ قهرا ، ولا يتصور ذلك في الدين نهر ، وهذا معنى قوله الآتي لسبق يده فهو علة للكل ( قوله وسلمه ) أي لو أسلم إلى مسلم دراهم على شيء ( قوله وما غصب منه ) ذكره في البحر بحثا ، وبنى عليه في النهر السلم والأجرة .

( قوله وصار ماله ) أفاد أن الدين ليس ماله لأنه ملك المديون ، وللمالك حق المطالبة به ليستوفي مثله لا عينه ( قوله كوديعته ) أي عند مسلم أو ذمي ملتقى قال ط وكذا غيره بالأولى وفي البحر : وإنما صارت وديعته غنيمة لأنها في يده تقديرا لأن يد المودع كيده فيصير فيئا تبعا لنفسه ، وإذا صار ماله غنيمة لا خمس فيه وإنما يصرف كما يصرف الخراج ، والجزية لأنه مأخوذ بقوة المسلمين بلا قتال بخلاف الغنيمة ( قوله واختلف في الرهن ) فعند أبي يوسف للمرتهن بدينه وعند محمد يباع ويستوفى دينه والزيادة فيء للمسلمين وينبغي ترجيحه لأن ما زاد على قدر الدين في حكم الوديعة بحر ورده في النهر بأن تقديم قول أبي يوسف يؤذن بترجيحه [ ص: 173 ] وهذا لأن الوديعة إنما كانت فيئا لما مر أنها في يده حكما ولا كذلك الرهن ا هـ .

وأجاب الحموي : بأنه على تسليم أن التقديم يفيد الترجيح دائما فيفيد أرجحية الأول فيما إذا كان الرهن قدر الدين ، أما الزيادة فقد صرحوا في كتاب الرهن بأنها أمانة غير مضمونة وكذا قال ح : الحق ما في البحر وذكر نحو ذلك ( قوله وجب التسليم إليه ) لأن ماله لا يصير فيئا إلا بأسره أو بقتله ولم يوجد أحدهما ط ( قوله وعليه ) أي على ما ذكر من وجوب التسليم ، ووجه البناء أن طلب غريمه كطلبه بوكيله ، أو رسوله : وهذه المسألة ذكرها في البحر بحثا فقال : ولم أر حكم ما إذا كان على المستأمن دين لمسلم أو ذمي أدانه له في دارنا ثم رجع ، ولا يخفى أنه باق لبقاء المطالبة ، وينبغي أن يوفى من ماله المتروك ، ولو صارت وديعته فيئا ا هـ ولا يخفى أن فيما ذكره الشارح تبعا للنهر من بناء المسألة على ما قبلها تقوية للبحث ، وقد علمت وجهه وقال في النهر ، فإن كانت الوديعة من غير جنس الدين باعها القاضي ووفى منها وقد أفتيت بذلك . ا هـ . ( قوله فماله له ) وكذا دينه ويلزم من ذلك أنه لو أرسل من يأخذه وجب تسليمه كما لا يخفى

.



الخدمات العلمية