الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وتوضع على كتابي ) يدخل في اليهود السامرة لأنهم يدينون بشريعة موسى عليه الصلاة والسلام ، وفي النصارى الفرنج والأرمن وأما الصابئة ففي الخانية تؤخذ منهم عنده خلافا لهما ( ومجوسي ) ولو عربيا لوضعه عليه الصلاة والسلام على مجوس هجر ( ووثني عجمي ) لجواز استرقاقه فجاز ضرب الجزية عليه ( لا ) على وثني ( عربي ) لأن المعجزة في حقه أظهر فلم يعذر ( ومرتد ) فلا يقبل منهما إلا الإسلام أو السيف ولو ظهرنا عليهم فنساؤهم وصبيانهم فيء [ ص: 199 ] ( وصبي وامرأة وعبد ) ومكاتب ومدبر وابن أم ولد ( وزمن ) من زمن يزمن زمانة نقص بعض أعضائه أو تعطل قواه فدخل المفلوج والشيخ العاجز ( وأعمى وفقير غير معتمل وراهب لا يخالط ) لأنه لا يقتل والجزية لإسقاطه وجزم الحدادي بوجوبها ونقل ابن كمال أنه القياس ومفاده أن الاستحسان بخلافه فتأمل

التالي السابق


( قوله وتوضع على كتابي ) أي ولو عربيا فتح والكتابي من يعتقد دينا سماويا أي منزلا بكتاب كاليهود والنصارى ( قوله السامرة ) فاعل يدخل وهم فرقة من اليهود وتخالف اليهود في أكثر الأحكام ، ومنهم السامري الذي وضع العجل وعبده مصباح ( قوله والأرمن ) نسبة على خلاف القياس إلى إرمينية بكسر الهمزة والميم بينهما راء ساكنة وبفتح الياء الثانية بعد النون وهي ناحية بالروم كما في المصباح ( قوله تؤخذ منهم عنده خلافا لهما ) أي بناء على أنهم من النصارى أو من اليهود فهم من أهل الكتاب عنده ، وعندهما يعبدون الكواكب ، فليسوا من الكتابيين بلى كعبدة الأوثان كما في الفتح والنهر . قال ح أقول : ظاهر كلامهم إن الصائبة من العرب إذ لو كانوا من العجم لما تأتى الخلاف لما علمت أن العجمي تؤخذ منه الجزية ولو مشركا . ا هـ . قلت : ويؤيده ما نقله السائحاني عن البدائع من أنه عندهما تؤخذ منهم الجزية إذا كانوا من العجم لأنهم كعبدة الأوثان . ا هـ .

( قوله ومجوسي ) من يعبد النار فتح ( قوله على مجوس هجر ) بفتحتين قال في الفتح بلدة في البحرين ا هـ وفي المصباح : وقد أطلقت على ناحية بلاد البحرين وعلى جميع الإقليم ، وهو المراد بالحديث . ا هـ . وفيه أيضا البحران على لفظ التثنية موضع بين البصرة وعمان وهو من بلاد نجد ( قوله ووثني عجمي ) الوثن ما كان منقوشا في حائط ولا شخص له والصنم ما كان على صورة الإنسان والصليب ما لا نقش له ولا صورة ولكنه يعبد منح على السراج ومثله في البحر لكن ذكر قبله الوثن ما له جثة من خشب أو حجر أو فضة أو جوهر ينحت ، والجمع أوثان وكانت العرب تنصبها وتعبدها ا هـ وفي المصباح الوثن الصنم سواء كان من خشب أو حجر أو غيره ا هـ . والعجمي خلاف العربي ( قوله لجواز استرقاقه إلخ ) وإنما لم تضرب الجزية على النساء والصبيان ، مع جواز استرقاقهم لأنهم صاروا أتباعا لأصولهم في الكفر ، فكانوا أتباعا في حكمهم فكانت الجزية عن الرجل وأتباعه في المعنى ، إن كان له أتباع ، وإلا فهي عنه خاصة فتح ( قوله لأن المعجزة في حقه أظهر ) لأن القرآن نزل بلغتهم فكان كفرهم والحالة هذه أغلظ من كفر العجم فتح وأورد في النهر : أن هذا يشمل ما إذا كان كتابيا ا هـ : أي فيخالف ما مر من أنها توضع عليه . قلت : والجواب أنه وإن شمله لكن خص بقوله تعالى - { من الذين أوتوا الكتاب } - ا هـ ثم رأيته في الشرنبلالي ( قوله فلا يقبل منهما ) أي من العربي الوثني والمرتد إلا الإسلام ، وإن لم يسلما قتلا بالسيف وفي الدر المنتقى عن البرجندي أن نسبة القبول إلى السيف مسامحة ( قوله : ولو ظهرنا عليهم فنساؤهم وصبيانهم فيء ) لأن أبا بكر رضي الله تعالى عنه استرق نساء بني حنيفة وصبيانهم لما ارتدوا وقسمهم بين الغانمين هداية قال في الفتح : إلا أن ذراري المرتدين ونساءهم يجبرون على الإسلام بعد الاسترقاق بخلاف ذراري عبدة الأوثان لا يجبرون ا هـ : أي وكذا نساؤهم والفرق أن ذراري المرتدين تبع لهم فيجبرون مثلهم وكذا نساؤهم لسبق الإسلام منهن . [ ص: 199 ] مطلب الزنديق إذا أخذ قبل التوبة يقتل ولا تؤخذ منه الجزية [ تنبيه ]

قال في الفتح قالوا لو جاء زنديق قبل أن يؤخذ فأخبر بأنه زنديق وتاب تقبل توبته ، فإن أخذ ثم تاب لا تقبل توبته ويقتل لأنهم باطنية يعتقدون في الباطن خلاف ذلك فيقتل ولا تؤخذ منه الجزية . ا هـ . وسيأتي في باب المرتد أن هذا التفصيل هو المفتى به ، وفي القهستاني ولا توضع على المبتدع ، ولا يسترق وإن كان كافرا لكن يباح قتله إذا أظهر بدعته ، ولم يرجع عن ذلك وتقبل توبته وقال بعضهم : لا تقبل توبة الإباحية والشيعة والقرامطة والزنادقة من الفلاسفة وقال بعضهم : إن تاب المبتدع قبل الأخذ والإظهار ، تقبل وإن تاب بعدهما لا تقبل كما هو قياس قول أبي حنيفة كما في التمهيد السالمي ا هـ قال في الدر المنتقى : واعتمد الأخير صاحب التنوير ( قوله وصبي ) ولا مجنون فتح ( قوله وامرأة ) إلا نساء بني تغلب فإنها تؤخذ من نسائهم كما تؤخذ من رجالهم لوجوبه بالصلح كذلك كما سيأتي ( قوله وابن أم ولد ) صورته استولد جارية لها ولد قد ملكه معها فإن الولد يتبع أمه في الحرية والتدبير والاستيلاد . [ تنبيه ]

: قال في الدر المنتقى سقط من نسخ الهداية لفظ ابن وتبعه القهستاني ، بل زاد وأمة ولا ينبغي فإن من المعلوم أن لا جزية على النساء الأحرار ، فكيف بأم الولد وإنما المراد ابن أم الولد ( قوله وفقير غير معتمل ) تقدم الكلام عليه ( قوله لأنه لا يقتل إلخ ) الأصل أن الجزية لإسقاط القتل فمن لا يجب قتله لا توضع عليه الجزية إلا إذا أعانوا برأي أو مال فتجب الجزية كما في الاختيار وغيره در منتقى وقهستاني ( قوله وجزم الحدادي بوجوبها ) أي إذا قدر على العمل حيث قال قوله : ولا على الرهبان الذين لا يخالطون الناس ، هذا محمول على أنهم إذا كانوا لا يقدرون على العمل أما إذا كانوا يقدرون فعليهم الجزية لأن القدرة فيهم موجودة ، وهم الذين ضيعوها فصار كتعطيل أرض الخراج . ا هـ . وبه جزم في الاختيار أيضا كما في الشرنبلالي قال في النهر : وجعله في الخانية ظاهر الرواية حيث قال ويؤخذ من الرهبان والقسيسين في ظاهر الرواية وعن محمد أنها لا تؤخذ ا هـ ( قوله ونقل ابن كمال أنه القياس ) فيه نظر لأنه قال في شرح قوله : ولا على راهب لا يخالط فأما الرهبان ، وأصحاب الصوامع الذين يخالطون الناس فقال محمد كان أبو حنيفة يقول بوضع الجزية إذا كانوا يقدرون على العمل ، وهو قول أبي يوسف قال عمرو بن أبي عمر قلت لمحمد فما قولك ؟ قال القياس ما قال أبو حنيفة : كذا في شرح القدوري للأقطع . ا هـ . وبه علم أن هذا في المخالط على أن هذه الصيغة من محمد تفيد اختيار قول أبي حنيفة ولا تفيد أن مقابله هو الاستحسان الذي يقدم على القياس ، ووجه كونه هو القياس أنا لو ظهرنا على دار الحرب لنا أن نقتل الراهب المخالط بخلاف غير المخالط وقد مر أن من لا يقتل لا توضع الجزية عليه وهذا القياس ، هو مفهوم ما جرى عليه أصحاب المتون فيكون هو المذهب وما مر عن الخانية يمكن حمله عليه فلا يلزم أن يكون المصنف مشى على خلاف ظاهر الرواية فافهم

.



الخدمات العلمية