الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
. [ ص: 224 ] ( وشرائط صحتها العقل ) والصحو ( والطوع ) فلا تصح ردة مجنون ، ومعتوه وموسوس ، وصبي لا يعقل وسكران ومكره عليها ، وأما البلوغ والذكورة فليسا بشرط بدائع . وفي الأشباه لا تصح ردة السكران إلا الردة بسب النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 225 ] فإنه يقتل ولا يعفى عنه

التالي السابق


( قوله والطوع ) أي الاختيار احترازا عن الإكراه ودخل فيه الهازل كما مر لأنه يعد مستخفا لتعمده التلفظ به ، وإن لم يقصد معناه وفي البحر عن الجامع الأصغر : إذا أطلق الرجل كلمة الكفر عمدا ، لكنه لم يعتقد الكفر قال بعض أصحابنا : لا يكفر لأن الكفر يتعلق بالضمير ولم يعقد الضمير على الكفر ، وقال بعضهم : يكفر وهو الصحيح عندي لأنه استخف بدينه . ا هـ . ثم قال في البحر والحاصل : أن من تكلم بكلمة للكفر هازلا أو لاعبا كفر عند الكل ولا اعتبار باعتقاده كما صرح به في الخانية ومن تكلم بها مخطئا أو مكرها لا يكفر عند الكل ، ومن تكلم بها عامدا عالما كفر عند الكل ومن تكلم بها اختيارا جاهلا بأنها كفر ففيه اختلاف . ا هـ . ( قوله ومعتوه ) عزاه في النهر إلى السراج ، وهو الناقص العقل وقيل المدهوش من غير جنون كذا في المغرب ، وفي إحكامات الأشباه أن حكمه حكم الصبي العاقل فتصح العبادات منه ولا تجب ، وقيل : هو كالمجنون وقيل كالبالغ العاقل . ا هـ . قلت : والأول هو الذي صرح به الأصوليون ومقتضاه أن تصح ردته لكنه لا يقتل كما هو حكم الصبي العاقل تأمل .

ثم رأيت في الخانية قال : وأما ردة المعتوه فلم تذكر في الكتب المعروفة قال مشايخنا هو في حكم الردة بمنزلة الصبي . ا هـ . ( قوله وموسوس ) بالكسر ولا يقال بالفتح ولكن موسوس له أو إليه أي تلقى إليه الوسوسة ، وقال الليث : الوسوسة حديث النفس ، وإنما قيل موسوس لأنه يحدث بما في ضميره وعن الليث لا يجوز طلاق الموسوس قال : يعني المغلوب في عقله ، وعن الحاكم هو المصاب في عقله إذا تكلم يتكلم بغير نظام كذا في المغرب ( قوله وصبي لا يعقل ) قدر عقله في فتاوى قارئ الهداية بأن يبلغ سبع سنين نهر وسيأتي آخر الباب ( قوله وسكران ) أي ولو من محرم لما في إحكامات الأشباه أن السكران من محرم كالصاحي إلا في ثلاث : الردة ، والإقرار بالحدود الخالصة ، والإشهاد على شهادة نفسه إلخ ( قوله ومكره عليها ) أي على الردة والمراد الإكراه بملجئ من قتل أو قطع عضو أو ضرب مبرح فإنه يرخص له أن يظهر ما أمر به على لسانه وقلبه مطمئن بالإيمان ولا تبين زوجته استحسانا كما سيجيء في بابه ( قوله فليسا بشرط ) هذا في الذكورة بالاتفاق وأما في البلوغ فعندهما خلافا لأبي يوسف كما يأتي [ ص: 225 ] آخر الباب ( قوله فإنه يقتل ولا يعفى عنه ) قيده في البحر بما إذا كان سكره بسبب محظور باشره مختارا بلا إكراه وإلا فهو كالمجنون . ا هـ . ح . قلت : وما جزم به الشارح من أنه لا يعفى عنه أي إن تاب سيأتي ما يخالفه




الخدمات العلمية