الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) اعلم أن ( كل مسلم ارتد فإنه يقتل إن لم يتب إلا ) جماعة ( المرأة والخنثى ، ومن إسلامه تبعا ، والصبي إذا أسلم ، والمكره على الإسلام ، ومن ثبت إسلامه بشهادة رجلين ثم رجعا ) زاد في الأشباه : ومن ثبت إسلامه بشهادة رجل وامرأتين انتهى . ولو شهد نصرانيان على نصراني أنه أسلم وهو ينكر لم تقبل شهادتهما ، وقيل تقبل ; ولو على نصرانية قبلت اتفاقا ، وتمامه في آخر كراهية الدرر ، ويلحق بالصبي من ولدته المرتدة بيننا إذا بلغ مرتدا ، [ ص: 246 ] والسكران إذا أسلم وكذا اللقيط لأن إسلامه حكمي لا حقيقي ، وقيد في الخانية وغيرها المكره بالحربي . أما الذمي المستأمن فلا يصح إسلامه انتهى ، لكن حمله المصنف في كتاب الإكراه على جواب القياس . وفي الاستحسان يصح فليحفظ ، وحينئذ فالمستثنى أربعة عشر .

التالي السابق


( قوله المرأة ) يستثنى منها المرتدة بالسحر كما مر وهو الأصح كما في البحر ( قوله والخنثى ) أي المشكل فإنه إذا ارتد لم يقتل ويحبس ويجبر على الإسلام بحر عن التتارخانية ( قوله ومن إسلامه تبعا ) صوابه تبع . ا هـ . ح . قال في البحر عن البدائع : صبي أبويه مسلمان حتى حكم بإسلامه تبعا لأبويه فبلغ كافرا ولم يسمع منه إقرار باللسان بعد البلوغ لا يقتل لانعدام الردة منه إذ هي اسم للتكذيب بعد سابقة التصديق ولم يوجد منه التصديق بعد البلوغ ، حتى لو أقر بالإسلام ثم ارتد بقتل ولكنه في الأولى يحبس لأنه كان له حكم الإسلام قبل البلوغ تبعا ، والحكم في أكسابه كالحكم في أكساب المرتد لأنه مرتد حكما ا هـ ( قوله والصبي إذا أسلم ) أي استقلالا بنفسه لا تبعا لأبويه وإلا فهو المسألة المارة ، وأطلق عدم قتله فشمل ما بعد البلوغ . ففي البحر : لو بلغ مرتدا لا يقتل استحسانا لقيام الشبهة باختلاف العلماء في صحة إسلامه ، وسيأتي الكلام في إسلامه وردته : وبقي مسألة أخرى ذكرها في البحر والفتح عن المبسوط ، وهي ما لو ارتد الصبي في صغره .

فعلم أن الأولى فيما إذا ارتد حال البلوغ : أي قبل أن يقر بالإسلام ( قوله والمكره على الإسلام ) لأن الحكم بإسلامه من حيث الظاهر لأن قيام السيف على رأسه ظاهر في عدم الاعتقاد فيصير شبهة في إسقاط القتل فتح ، وفيه بعد نقله هذه المسائل عن المبسوط . قال : وفي كل ذلك يجبر على الإسلام ، ولو قتله قاتل قبل أن يسلم لا يلزمه شيء ( قوله ثم رجعا ) لأن الرجوع شبهة الكذب في الشهادة ( قوله ومن ثبت إسلامه بشهادة رجل وامرأتين ) هذا على رواية النوادر كما ستراه ح ( قوله وقيل تقبل ) يوهم أن المسألة الأولى اتفاقية وليس كذلك ويمكن إرجاعه للمسألتين ( قوله ولو على نصرانية قبلت اتفاقا ) لأن المرتدة لا تقتل بخلاف المرتد ولكنها تجبر على الإسلام وهذا كله قول الإمام . وفي النوادر : تقبل شهادة رجل وامرأتين على الإسلام وشهادة نصرانيين على نصراني أنه أسلم وهذا هو الذي في آخر كراهية الدرر كما في ح واعتمد قاضي خان قول الإمام بعدم القتل بشهادة النساء وإن كان يجبر على الإسلام لأن أي نفس كانت لا تقتل بشهادة النساء ط عن نوح أفندي ( قوله من ولدته المرتدة بيننا ) لأنه يجبر على الإسلام كأمه لكنه لا يقتل كمن كان إسلامه [ ص: 246 ] تبعا لأبويه ولم يصف الإسلام فبلغ كافرا كما مر ، وقوله بيننا أي المسلمين غير قيد لما سيأتي من أن الزوجين لو ارتدا معا فولدت ولدا يجبر بالضرب على الإسلام وإن حبلت به ثمة ( قوله والسكران إذا أسلم ) يعني فإن إسلامه يصح ، فإن ارتد لا يقتل كالصبي العاقل إذا ارتد بحر عن التتارخانية .

قلت : أي إن ارتد بعد صحوه لا يقتل لأن في إسلامه شبهة ( قوله لأن إسلامه حكمي ) أي بتبعية الدار كما سيأتي في بابه ( قوله وفي الاستحسان يصح ) وهو المعمول به رملي وهو الصواب ط عن بعض العلماء . قلت : ووجهه أن الحربي إنما يقاتل على الإسلام أصالة فلا يتأتى فيه قياس واستحسان ، بخلاف الذمي فإنه بعد التزام الذمة لا يقاتل عليه ، فالقياس أن لا يصح إسلامه بالإكراه : كما لا تصح ردة المسلم به . وفي الاستحسان يصح ، لكن لو ارتد لا يقتل وتقدم وجهه ( قوله فالمستثنى أربعة عشر ) لأن المكره تحته ثلاثة : الحربي والذمي والمستأمن ، وشهادة نصرانيين على نصراني أو نصرانية صورتان ، والباقي ظاهر




الخدمات العلمية