الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( شهدوا على مسلم بالردة وهو منكر لا يتعرض له ) لا لتكذيب الشهود العدول بل ( لأن إنكاره توبة ورجوع ) يعني فيمتنع القتل فقط . وتثبت بقية أحكام المرتد كحبط عمل وبطلان وقف وبينونة زوجة لو فيما تقبل توبته وإلا قتل كالردة بسبه عليه الصلاة والسلام كما مر أشباه . زاد في البحر : وقد رأيت من يغلط في هذا المحل وأقره المصنف ، وحينئذ فالمستثنى أربعة عشر . وفي شرح الوهبانية للشرنبلالي : ما يكون كفرا اتفاقا يبطل العمل [ ص: 247 ] والنكاح وأولاده أولاد زنا ، وما فيه خلاف يؤمر بالاستغفار والتوبة وتجديد النكاح

التالي السابق


( قوله لأن إنكاره توبة ورجوع ) ظاهره ولو بدون إقرار بالشهادتين ، وهو ظاهر قول المتون أول الباب ، وإسلامه أن يتبرأ عن الأديان حيث لم يذكروا الإقرار بالشهادتين . ويحتمل أن يكون المراد الإنكار مع الإقرار بهما ، ويؤيده ما في كافي الحاكم ، وإذا رفعت المرتدة إلى الإمام فقالت ما ارتددت وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله كان هذا توبة منها تأمل . ثم رأيت في البيري على الأشباه قال : كون مجرد الإنكار توبة غير مراد بل ذلك مقيد بثلاثة قيود . قال في الذخيرة عن بشر بن الوليد : إذا جحد المرتد الردة وأقر بالتوحيد وبمعرفة رسول الله عليه الصلاة والسلام وبدين الإسلام فهذا منه توبة ا هـ ( قوله كحبط عمل ) يأتي الكلام عليه ( قوله وبطلان وقف ) أي الذي وقفه حال إسلامه سواء كان على قربة ابتداء أو على ذريته ثم على المساكين لأنه قربة ولا بقاء لها مع وجود الردة ، وإذا عاد مسلما لا يعود وقفه إلا بتجديد منه ، وإذا مات أو قتل أو لحق كان الوقف ميراثا بين ورثته بحر عن الخصاف .

( قوله وبينونة زوجة ) وتكون فسخا عندهما . وقال محمد : فرقة بطلاق ولو هي المرتدة فبغير طلاق إجماعا ، ثم إذا تاب وأسلم ترتفع تلك البينونة بيري عن شرح الطحاوي ، وأقره السيد أبو السعود في حاشية الأشباه . قلت : والظاهر أن قوله ترفع أصله لا ترتفع فسقطت لفظة لا النافية من قلم الناسخ وإلا فهو مخالف لفروعهم الكثيرة المقررة في باب نكاح الكافر وغيره المصرحة بلزوم تجديد النكاح ، ومنها ما يأتي قريبا ، وصرح في البحر عن العناية أن البينونة لا تتوقف على إسلامه كبطلان وقفه فإنه لا يعود صحيحا بإسلامه تأمل ( قوله لو فيما تقبل توبته ) شرط في قوله السابق فيمتنع القتل ط ( قوله كما مر ) قدمنا ما فيه ( قوله وقد رأيت من يغلط في هذا المحل ) أي حيث فهم أن الشهادة لا تقبل أصلا حتى في بقية الأحكام المذكورة ( قوله فالمستثنى أربعة عشر ) [ ص: 247 ] صوابه خمسة عشر لأن هذا زائد على ما تقدم .

والوجه فيه أنه لم يتب حقيقة وإنما تاب حكما بجعل إنكاره توبة فهو داخل في المسلم الذي ارتد ولم يتب ط ( قوله وأولاده أولاد زنا ) كذا في فصول العمادي ، لكن ذكر في [ نور العين ] ويجدد بينهما النكاح إن رضيت زوجته بالعود إليه وإلا فلا تجبر ، والمولود بينهما قبل تجديد النكاح بالوطء بعد الردة يثبت نسبه منه لكن يكون زنا ا هـ . قلت : ولعل ثبوت النسب لشبهة الخلاف فإنها عند الشافعي لا تبين منه تأمل ( قوله والتوبة ) أي تجديد الإسلام ( قوله وتجديد النكاح ) أي احتياطا كما في الفصول العمادية . وزاد فيها قسما ثالثا فقال : وما كان خطأ من الألفاظ ولا يوجب الكفر فقائله يقر على حاله ، ولا يؤمر بتجديد النكاح ولكن يؤمر بالاستغفار والرجوع عن ذلك ، وقوله احتياطا أي يأمره المفتي بالتجديد ليكون وطؤه حلالا باتفاق ، وظاهره أنه لا يحكم القاضي بالفرقة بينهما ، وتقدم أن المراد بالاختلاف ولو رواية ضعيفة ولو في غير المذهب




الخدمات العلمية