الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وكذا لو شرط عدمه وهي إحدى المسائل السبع التي يخالف فيها شرط الواقف كما بسطه في الأشباه وزاد ابن المصنف في زواهره ثامنة وهي إذا نص الواقف ورأى الحاكم ضم مشارف جاز كالوصي [ ص: 388 ] وعزاها لأنفع الوسائل وفيها لا يجوز استبدال العامر إلا في الأربع قلت : لكن في معروضات المفتي أبي السعود أنه في سنة إحدى وخمسين وتسعمائة ورد الأمر الشريف بمنع استبداله ، وأمر أن يصير بإذن السلطان تبعا لترجيح صدر الشريعة انتهى فليحفظ . .

التالي السابق


( قوله : وكذا لو شرط عدمه ) معطوف على قول المتن وأما بدون الشرط ، وقدمنا عن الطرسوسي أن هذا لا نقل فيه بل قواعد المذهب تقتضيه مطلب يجوز مخالفة شرط الواقف في مسائل ( قوله : وهي إحدى المسائل السبع ) الثانية : شرط أن القاضي لا يعزل الناظر ، فله عزل غير الأهل . الثالثة : شرط أن لا يؤجر وقفه أكثر من سنة ، والناس لا يرغبون في استئجار سنة أو كان في الزيادة نفع للفقراء فللقاضي المخالفة دون الناظر . الرابعة : لو شرط أن يقرأ على قبره فالتعيين باطل أي على القول بكراهة القراءة على القبر والمختار خلافه . الخامسة : شرط أن يتصدق بفاضل الغلة على من يسأل في مسجد كذا ، فللقيم التصدق على سائل غير ذلك المسجد أو خارج المسجد ، أو على من لا يسأل . السادسة : لو شرط للمستحقين خبزا ولحما معينا كل يوم فللقيم دفع القيمة من النقد وفي موضع آخر لهم طلب المعين وأخذ القيمة : أي فالخيار لهم لا له وذكر في الدرر المنتقى أنه راجح . السابعة : تجوز الزيادة من القاضي على معلوم الإمام ، إذا كان لا يكفيه وكان عالما تقيا وهذه الأخيرة سيذكرها الشارح في فروع الفصل الآتي ، ويأتي الكلام عليها هناك وزاد عليها أخرى وهي جواز مخالفة السلطان الشروط إذا كان أصل الوقف لبيت المال ( قوله : وزاد ابن المصنف في زواهره ) أي في حاشيته زواهر [ ص: 388 ] الجواهر على الأشباه والنظائر ونص عبارة أنفع الوسائل هكذا إذا نص الواقف على أن أحدا لا يشارك الناظر في الكلام على هذا الوقف ، ورأى القاضي أن يضم إليه مشارفا يجوز له ذلك كالوصي إذا ضم إليه غيره حيث يصح ا هـ وهذا حاصل ما يأتي عن المعروضات .

قلت : وأوصالها في الدر المنتقى إلى إحدى عشرة فراجعه وزاد البيري مسألتين الأولى : ما إذا شرط أن لا يؤاجر بأكثر من كذا وأجر المثل أكثر والثانية : لو شرط أن لا يؤجر لمتجوه أي لصاحب جاه فآجره منه بأجرة معجلة ، واعترض بأن العلة الخوف على رقبة الواقف كما هو مشاهد . قلت : وينبغي التفصيل بين الخوف على الأجرة والخوف على الوقف ففي الأول يصح بتعجيل الأجرة ( قوله : وفيها ) أي في الأشباه . مطلب لا يستبدل العامر إلا في أربع

( قوله : إلا في أربع ) الأولى : لو شرطه الواقف . الثانية : إذا غصبه غاصب ، وأجرى عليه الماء حتى صار بحرا فيضمن القيمة ، ويشتري المتولي بها أرضا بدلا : الثالثة : أن يجحده الغاصب ولا بينة أي وأراد دفع القيمة ، فللمتولي أخذها ليشتري بها بدلا .

الرابعة : أن يرغب إنسان فيه ببدل أكثر غلة ، وأحسن صقعا فيجوز على قول أبي يوسف وعليه الفتوى كما في فتاوى قارئ الهداية قال صاحب النهر في كتابه إجابة السائل قول قارئ الهداية والعمل على قول أبي يوسف معارض مما قاله صدر الشريعة ، نحن لا نفتي به وقد شاهدنا في الاستبدال ما لا يعد ويحصى : فإن ظلمة القضاة جعلوه حيلة لإبطال أوقاف المسلمين وعلى تقديره فقد قال في الإسعاف المراد بالقاضي : هو قاضي الجنة المفسر بذي العلم والعمل ا هـ ولعمري إن هذا أعز من الكبريت الأحمر ، وما أراه إلا لفظا يذكر فالأحرى فيه السد خوفا من مجاوزة الحد والله سائل كل إنسان ا هـ .

قال العلامة البيري بعد نقله أقول : وفي فتح القدير والحاصل : أن الاستبدال إما عن شرط الاستبدال أولا عن شرطه ، فإن كان لخروج الوقف عن انتفاع الموقوف عليهم ، فينبغي أن لا يختلف فيه وإن كان لا لذلك بل اتفق أنه أمكن أن يؤخذ بثمنه ما هو خير منه مع كونه منتفعا به ، فينبغي أن لا يجوز لأن الواجب إبقاء الوقف على ما كان عليه دون زيادة ولأنه لا موجب لتجويزه ; لأن الموجب في الأول الشرط وفي الثاني الضرورة ولا ضرورة في هذا إذ لا تجب الزيادة بل نبقيه كما كان . ا هـ .

أقول : ما قاله هذا المحقق هو الحق الصواب ا هـ كلام البيري وهذا ما حرره العلامة القنالي كما قدمناه ( قوله : قلت لكن إلخ ) استدراك على الصورة الرابعة المذكورة ( قوله : بمنع استبداله ) أي استبدال العامر إذا قل ريعه ولم يخرج عن الانتفاع بالكلية وهو الصورة الرابعة بقرينة قوله تبعا لترجيح صدر الشريعة فإن الذي رجحه هو هذه الصورة كما علمته آنفا




الخدمات العلمية