الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
لا تلزم المحاسبة في كل عام ويكتفي القاضي منه بالإجمال لو معروفا بالأمانة ، ولو متهما يجبره على التعيين شيئا فشيئا ويحبسه بل يهدده ، ولو اتهمه يحلفه قنية .

قلت : وقدمنا في الشركة أن الشريك والمضارب والوصي والمتولي لا يلزم بالتفصيل ، وأن غرض قضاتنا ليس إلا الوصول لسحت المحصول . لو ادعى المتولي الدفع قبل قوله بلا يمين لكن أفتى المنلا أبو السعود أنه إن ادعى الدفع من غلة الوقف [ ص: 449 ] لمن نص عليه الواقف في وقفه كأولاده وأولاد أولاده قبل قوله ، وإن ادعى الدفع إلى الإمام بالجامع والبواب ونحوهما لا يقبل قوله كما لو استأجر شخصا للبناء في الجامع بأجرة معلومة ثم ادعى تسليم الأجرة إليه لم يقبل قوله . قال المصنف : وهو تفصيل في غاية الحسن فيعمل به واعتمده ابنه في حاشية الأشباه .

قلت : وسيجيء في العارية معزيا لأخي زاده لو آجر القيم ، ثم عزل ، فقبض الأجرة للمنصوب في الأصح

التالي السابق


( قوله : بل يهدده ) يومين أو ثلاثة فإن فعل وإلا يكتفي منه باليمين بحر . مطلب في محاسبة المتولي وتحليفه

( قوله : ولو اتهمه يحلفه ) أي وإن كان أمينا كالمودع يدعي هلاك الوديعة أو ردها قيل : إنما يستحلف إذا ادعى عليه شيئا معلوما ، وقيل يحلف على كل حال بحر عن القنية .

قلت : وسيأتي قبيل كتاب الإقرار أنه لا تحليف على حق مجهول إلا في ست : إذا اتهم القاضي وصي يتيم ومتولي وقف وفي رهن مجهول ودعوى سرقة وغصب وخيانة مودع ا هـ ( قوله : قلت وقدمنا إلخ ) استدراك على قوله : ولو متهما يجبره على التعيين ، وقد يجاب ما قدمه على ما إذا كان معروفا بالأمانة . مطلب في قبول قول المتولي في ضياع الغلة وتفريقها

( قوله بلا يمين ) مخالف لما في البحر عن وقف الناصحي إذا آجر الواقف أو قيمه أو وصيه أو أمينه ثم قال قبضت الغلة فضاعت أو فرقتها على الموقوف عليهم وأنكروا فالقول له مع يمينه ا هـ ومثله في الإسعاف وكذا في شرح الملتقى عن شروط الظهيرية ، ثم قال : وسيجيء في العارية أنه لا يضمن ما أنكروه بل يدفعه ثانيا من مال الوقف ا هـ وفي حاشية الخير الرملي الفتوى على أنه يحلف في هذا الزمان . ا هـ . [ ص: 449 ] مطلب إذا كان الناظر مفسدا لا يقبل قوله بيمينه

قلت : بل نقل في الحامدية عن المفتي أبي السعود أنه أفتى بأنه إن كان مفسدا مبذرا لا يقبل قوله بصرف مال الوقف بيمينه ، وفيها القول في الأمانة قول الأمين مع يمينه إلا أن يدعي أمرا يكذبه الظاهر ، فحينئذ تزول الأمانة وتظهر الخيانة ، فلا يصدق بيري عن أحكام الأوصياء ، وعلى هذا لو ظهرت خيانة ناظر لا يصدق قوله ولو بيمينه وهي كثيرة الوقوع ا هـ وفيها عن فتاوى الشلبي بعد كلام ، ومن اتصف بهذه الصفات المخالفة للشرع التي صار بها فاسقا لا يقبل فيما صرفه إلا ببينة ا هـ هل يقبل قول الناظر الثقة بعد العزل أيضا ذكر الحموي في حاشية الأشباه من كتاب الأمانات أن ظاهر كلامهم القبول لأن العزل لا يخرجه عن كونه أمينا ، وأطال فيه فراجعه وبه أفتى المصنف قياسا على الوصي لو ادعى بعد بلوغ اليتيم أنه أنفق كذا فإنه يقبل وعللوه بأنه أسنده إلى حالة منافية للضمان ( قوله : في وقفه ) أي وقف الواقف المعلوم من المقام ( قوله : قبل قوله ) أي ولو بعد موتهم كما في شرحه على الملتقى ( قوله : لا يقبل قوله ) لأن ما يأخذه الإمام ونحوه ، ليس مجرد صلة ، بل فيه شوب الأجرة كما مر ( قوله : قال المصنف ) أي في فتاواه لكن قال في كتابه تحفة الأقران غير أن العلماء على الإفتاء بخلافه ا هـ وفي حاشية الخير الرملي والجواب عما قاله أبو السعود : أنها ليس لها حكم الأجرة من كل وجه ومقتضى ما قاله أبو السعود أنه يقبل قوله في حق براءة نفسه لا في حق صاحب الوظيفة لأنه أمين فيما في يده فيلزم الضمان في الوقف لأنه عامل له وفيه ضرر بالوقف فالإفتاء بما قاله العلماء متعين ، وقوله يعني : المصنف هو تفصيل في غاية الحسن في غير محله إذ يلزم منه تضمين الناظر إذا دفع لهم بلا بينة لتعديه . ا هـ .

قلت : وفيه نظر بل الضمان على الوقف لأنه عامل له ولا تعدي منه أصلا لأنه دفع حقا لمن يستحقه فأين التعدي إذا لم يشهد ، وإلا لزم أنه يضمن أيضا في مسألة استئجاره شخصا للبناء إذا دفع له الأجرة بلا بينة ولذا قال في الحامدية بعد نقله كلام الخير الرملي قلت : تفصيل أبي السعود في غاية الحسن باعتبار التمثيل بالأجرة فهي مثلها ، وقول العلماء يقبل قوله في الدفع إلى الموقوف عليهم محمول على غير أرباب الوظائف المشروط عليهم العمل ، ألا ترى أنهم إذا لم يعلموا لا يستحقون الوظيفة فهي كالأجرة لا محالة ، وهو كأنه أجير فإذا اكتفينا بيمين الناظر يضيع عليه الأجر لا سيما نظار هذا الزمان ، وقال المولى عطاء الله أفندي في مجموعته سئل شيخ الإسلام زكريا أفندي عن هذه المسألة فأجاب : بأنه إن كانت الوظيفة في مقابلة الخدمة ، فهي أجرة لا بد للمتولي من إثبات الأداء بالبينة وإلا فهي صلة وعطية يقبل في أدائه قول المتولي مع يمينه ، وإفتاء من بعده من المشايخ الإسلامية إلى هذا الزمان على هذا متمسكين بتجويز المتأخرين الأجرة في مقابلة الطاعات ا هـ ( قوله : قلت وسيجيء إلخ ) حيث قال : وأما إذا ادعى الصرف إلى وظائف المرتزقة فلا يقبل قوله في حقهم ، لكن لا يضمن ما أنكره له بل يدفعه ثانيا من مال الوقف كما بسط في حاشية أخي زاده . ا هـ .

قلت : وسيجيء قبله في الوديعة حكم ما لو مات الناظر مجهلا غلات الوقف فراجعه ( قوله : في الأصح ) ذكر [ ص: 450 ] مثله في البحر عن القنية معللا بأن المعزول آجرها للوقف لا لنفسه ، خلافا لما أفتى به في فتاواه كما نبه عليه الرملي




الخدمات العلمية