الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والإعتاق ) ولو لبعضه ( وتوابعه ) وكذا كل تصرف لا ينفذ أو لا يحل إلا في الملك كإجارة ولو بلا تسليم في الأصح ونظر إلى فرج داخل [ ص: 583 ] بشهوة ، والقول لمنكر الشهوة فتح . ومفاده أنه لو اشتراها بالخيار على أنها بكر فوطئها ليعلم أهي بكر أم لا كان إجازة ، ولو وجدها ثيبا ولم يلبث فله الرد بهذا العيب نهر ، وسيجيء في بابه ولو فعل البائع ذلك كان فسخا . ( وطلب الشفعة ) وإن لم يأخذها معراج ( بها ) أي بدار فيها خيار الشرط ، بخلاف خيار رؤية وعيب معراج ( من المشتري إذا كان الخيار له ) ; لأنه دليل الإجازة .

التالي السابق


( قوله : والإعتاق ) ولو بشرط وجد في المدة بحر . ( قوله : ولو لبعضه ) أي لبعض العبد المبيع . قال : في النهر : وقد أغفلوه هنا . ( قوله : وتوابعه ) كالكتابة والتدبير . ( قوله : إلا في الملك ) أي ملك المباشر للفعل بطريق الأصالة . ( قوله : كإجارة ) تمثيل لقوله لا ينفذ إلا في الملك . قال : في البحر : وأشار بالإعتاق إلى كل تصرف لا يفعل إلا في الملك ، كما إذا باعه أو وهبه وسلمه ، أو رهن أو أجر وإن لم يسلم على الأصح ، أو أبرأه من الثمن أو اشترى به شيئا أو ساومه به ، أو حجم العبد أو سقاه دواء أو حلق رأسه أو سقى زرع الأرض أو حصده أو عرض المبيع للبيع أو أسكن في الدار ولو بلا أجر أو رم منها شيئا أو بنى بناء أو طينه أو هدمه أو حلب البقرة أو شق أوداج الدابة أو بزغها لا لو قص حوافرها أو أخذ من عرفها أو استخدم الخادم مرة أو لبس الثوب مرة أو ركب الدابة مرة أو أمر الأمة بإرضاع ولده لأنه استخدام والاستخدام ثانيا إجازة إلا إذا كان في نوع آخر . ا هـ . ملخصا . وبقي ما لو زاد المبيع في يد المشتري وقدمنا حكمه عند قوله كتعيبه . ( قوله : ونظر إلى فرج إلخ ) تمثيل لقوله أو لا يحل إلا في الملك . وأورد أن مقتضى الضابط تعميم النظر إلى كل ما لا يحل .

[ ص: 583 ] قلت : وفيه نظر لأن الضابط في تصرف لا يحل إلخ لا في فعل ، ومطلق النظر وإن كان فعلا لكنه ليس بتصرف إلا إذا كان إلى الفرج الداخل فإنه تصرف حكما بمنزلة الوطء بدليل ثبوت حرمة المصاهرة به فافهم . قال : في البحر : واعلم أن دواعي الوطء كالوطء ، فإذا اشترى غير زوجته بالخيار فقبلها بشهوة أو لمسها بها أو نظر إلى فرجها بها سقط خياره ، وحدها انتشار آلته أو زيادته ، وقيل : بالقلب وإن لم ينتشر ، فلو بلا شهوة لم يسقط في الكل . ا هـ . وقيد بغير زوجته ، إذ لو شرى زوجته ووطئها لم يسقط خياره لعدم دلالته على الرضا إلا إذا نقصها كما قدمه الشارح . ( قوله : بشهوة ) فلو بغيرها لم يسقط ; لأن ذلك يحل في غير الملك في الجملة ; لأن الطبيب والقابلة يحل لهما النظر فتح . ( قوله : والقول لمنكر الشهوة ) عبارة الفتح : ولو أنكر الشهوة في هذه أي في الدواعي كان القول قوله ; لأنه ينكر سقوط خياره ، وكذا إذا فعلت الجارية ذلك سقط خياره في قول أبي حنيفة . وقال : محمد : لا يكون فعلها ألبتة إجازة للبيع والمباضعة ولو مكرها - اختيار ، وإنما يلزم سقوط الخيار في غير المباضعة إذا أقر بشهوتها . ا هـ .

وبه علم أنه في المباضعة منها أو منه لا يصدق في عدم الشهوة ، ولذا قال في البحر : لو ادعى عدم الشهوة في التقبيل في الفم لم يقبل أي لأن التقبيل على الفم لا يخلو من الشهوة عادة فالمباضعة بالأولى . ( قوله : ومفاده ) أي مفاد ما ذكر من الضابط قال : في النهر بعد قوله كان إجازة لأن هذا الفعل وإن احتيج إليه للامتحان إلا أنه لا يحل في غير الملك بحال . ( قوله : ولو وجدها ثيبا إلخ ) أي لو اشتراها على أنها بكر فوطئها فوجدها ثيبا يردها بهذا العيب أي الثيوبة لفوات الوصف المرغوب وهو البكارة ، أما لو لم يشترطها فلا رد أصلا كما سيأتي في خيار العيب . ثم اعلم أن التفصيل بين اللبث وعدمه خلاف ما يفيده الضابط ، إذ لا شك أن الوطء لا يحل في غير الملك سواء كانت ثيبا أو بكرا ، فلا فرق فيه بين اللبث وعدمه ، وعبارة النهر لا غبار عليها حيث قال : وقد قالوا بأنه لو وجدها ثيبا إلخ ، فإن قوله وقد قالوا استدراك على ما ذكره من المفاد أي ما قالوه من التفصيل خلاف هذا المفاد ، وما استدرك به ذكره في القنية ثم رمز بعده وقال : والوطء يمنع الرد وهو المذهب . ا هـ . وبه علم أن مفاد الضابط هو المذهب فلا وجه للاستدراك عليه ، على أن هذا الضابط إنما هو في خيار الشرط وهذه المسألة من مسائل خيار العيب .

( قوله : وسيجيء في بابه ) أي في باب خيار العيب . والذي سيجيء حكاية أقوال في المسألة ، وقد علمت ما هو المذهب وعليه مشى المصنف هناك فافهم . ( قوله : ولو فعل البائع ذلك ) أي التصرف الذي لا ينفذ أو لا يحل إلا في الملك وكان الخيار له ط . ( قوله : وطلب الشفعة بها ) صورته أن يشتري دارا بشرط الخيار له ثم تباع دار بجوارها فيطلب الشفعة بسبب الدار التي اشتراها سقط خياره فيها وتم البيع . ( قوله : بخلاف خيار رؤية وعيب ) فإنه إذا اشترى دارا ولم يرها فبيعت دار بجنبها فأخذها بالشفعة فله أن يرد الدار بخيار الرؤية درر ، وكذا بخيار العيب . ( قوله : من المشتري ) متعلق بطلب أو به وبالإعتاق . ( قوله : إذا كان الخيار له ) ظاهره أنه لو كان للبائع يبقى خياره بعد طلب الشفعة [ ص: 584 ] لأن ملكه باق بخياره ، بخلاف المشتري ; لأنه لا ملك له مع خياره فطلبه الشفعة دليل التملك ; لأنهم عللوا المسألة بأنه لا يكون إلا بالملك فكان دليل الإجازة فتضمن سقوط الخيار ا هـ . فافهم




الخدمات العلمية