الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) صح ( الحط منه ) ولو بعد هلاك المبيع وقبض الثمن ( والزيادة ) والحط ( يلتحقان بأصل العقد ) بالاستناد [ ص: 155 ] فبطل حط الكل وأثر الالتحاق في تولية ومرابحة وشفعة واستحقاق وهلاك وحبس مبيع وفساد صرف لكن إنما يظهر في الشفعة الحط فقط ( و ) صح ( الزيادة في المبيع ) ولزم البائع دفعها ( إن ) في غير سلم زيلعي و ( قبل المشتري وتلتحق ) أيضا ( بالعقد فلو هلكت الزيادة قبل قبض سقط حصتها من الثمن ) وكذا لو زاد في الثمن عرضا فهلك قبل تسليمه انفسخ العقد بقدره قنية ( ولا يشترط للزيادة هنا قيام المبيع ) [ ص: 156 ] فتصح بعد هلاكه بخلافه في الثمن كما مر .

التالي السابق


( قوله : وصح الحط منه ) أي من الثمن وكذا من رأس مال السلم والمسلم فيه كما هو صريح كلامهم رملي على المنح . ( قوله : وقبض الثمن ) بالجر عطفا على هلاك ، وسيأتي بيان الحط بعد قبض الثمن عند قوله : ويصح الحط من المبيع إلخ . ( قوله : يلتحقان بأصل العقد ) هذا لو الحط من غير الوكيل ففي شفعة الخانية الوكيل بالبيع إذا باع الدار بألف ثم حط عن المشتري مائة صح وضمن المائة للآمر ، وبرئ المشتري عنها ويأخذ الشفيع الدار بألف ; لأن حط الوكيل لا يلتحق بأصل العقد . ( قوله : بالاستناد ) وهو أن يثبت أولا في الحال ، ثم يستند إلى وقت العقد ، ولهذا لا يثبت الزيادة في صورة الهلاك كما مر ; لأن ثبوته في الحال متعذر لانتفاء المحل فتعذر استناده [ ص: 155 ] كالبيع الموقوف لا ينبرم بالإجازة بعد هلاك المبيع وقتها كما في الفتح .

( قوله : فبطل حط الكل ) أي بطل التحاقه مع صحة العقد ، وسقوط الثمن عن المشتري خلافا لما توهمه بعضهم من أن البيع يفسد أخذا من تعليل الزيلعي بقوله ; لأن الالتحاق فيه يؤدي إلى تبديله ; لأنه ينقلب هبة أو بيعا بلا ثمن فيفسد ، وقد كان من قصدهما التجارة بعقد مشروع من كل وجه فالالتحاق فيه يؤدي إلى تبديله فلا يلتحق به ا هـ . فقوله : فلا يلتحق صريح في أن الكلام في الالتحاق ، وأن قوله فيفسد مفرع على الالتحاق كما صرح به في شرح الهداية ، وقال في الذخيرة : إذا حط كل الثمن أو وهب أو أبرأ عنه ، فإن كان قبل قبضه صح الكل ، ولا يلتحق بأصل العقد ، وفي البدائع من الشفعة ولو حط جميع الثمن يأخذ الشفيع بجميع الثمن ، ولا يسقط عنه شيء ; لأن حط كل الثمن لا يلتحق بأصل العقد ; لأنه لو التحق لبطل البيع ; لأنه يكون بيعا بلا ثمن ، فلم يصح الحط في حق الشفيع وصح في حق المشتري وكان إبراء له عن الثمن ا هـ .

زاد في المحيط ; لأنه لاقى دينا قائما في ذمته وتمامه في فتاوى العلامة قاسم . ( قوله : وأثر الالتحاق إلخ ) لا يخفى أن الزيادة تجب على المشتري ، والمحطوط يسقط عنه ، لكن لما كان ذلك بين المتعاقدين ربما يتوهم أنه لا يتعدى إلى غير ذلك العقد فنبه على أن أثر ذلك يظهر في مواضع . ( قوله : في تولية ومرابحة ) فيولي ويرابح على الكل في الزيادة وعلى الباقي بعد المحطوط بحر . ( قوله : وشفعة ) فيأخذ الشفيع بما بقي في الحط دون الزيادة كما يأتي . ( قوله : واستحقاق ) فيرجع المشتري على البائع بالكل ، ولو أجاز المستحق البيع أخذ الكل بحر : أي كل الثمن والزيادة . ( قوله : وهلاك ) حتى لو هلكت الزيادة قبل القبض تسقط حصتها من الثمن ، بخلاف الزيادة المتولدة من المبيع حيث لا يسقط شيء من الثمن بهلاكها قبل القبض زيلعي .

قلت : ولا يخفى عليك أن هذا في الزيادة في المبيع والكلام في الزيادة في الثمن فلا يناسب ذكر هذا هنا فافهم . ( قوله : وحبس مبيع ) فله حبسه حتى يقبض الزيادة . ( قوله : وفساد صرف ) فلو باع الدراهم بدراهم متساوية ثم زاد أحدهما أو حط وقبل الآخر وقبض الزائد في الزيادة أو المردود في الحط فسد العقد كأنهما عقداه كذلك من الابتداء عند أبي حنيفة زيلعي ويأتي تمام الكلام عليه أول باب الربا وزاد الزيلعي مما يظهر فيه أثر الالتحاق ما إذا زوج أمته ثم أعتقها ، ثم زاد الزوج على مهرها بعد العتق تكون الزيادة للمولي ا هـ .

وفي النهر : وتظهر فيما لو وجد بالثياب المباعة عيبا رجع بحصته من الثمن مع الزيادة وفيما إذا زاد في الثمن ما لا يجوز الشراء به ، وفي المبيع ما لا يجوز بيعه فقبل فسد العقد ، كذا في السراج ا هـ وتمامه فيه وكأن الشارح لم يذكر هذه الثلاثة ; لأن كلامه في الثمن تأمل . ( قوله : الحط فقط ) لأن في الزيادة إبطال حق الشفيع الثابت قبلها فلا يملكانه فله أن يأخذ بدون الزيادة . ( قوله : إن في غير سلم ) قال الزيلعي ولا يجوز الزيادة في المسلم فيه ; لأنه معدوم حقيقة ، وإنما جعل موجودا في الذمة لحاجة المسلم إليه ، والزيادة في المسلم فيه لا تدفع حاجته بل تزيد في حاجته فلا تجوز ا هـ . ح دل كلام السراج على جواز الحط منه رملي . ( قوله : وقبل المشتري ) أي في مجلس الزيادة كما يفيده ما مر في الزيادة في الثمن . ( قوله : أيضا ) أي كما تلتحق في الثمن ط . ( قوله : فلو هلكت الزيادة إلخ ) هذا ما قدمه الشارح في قوله وهلاك . ( قوله : وكذا لو زاد ) أي المشتري ط . ( قوله : انفسخ العقد بقدره ) فلو اشترى بمائة وتقابضا [ ص: 156 ] ثم زاد المشتري عرضا قيمته خمسون وهلك العرض قبل التسليم ينفسخ العقد في ثلثه بحر عن القنية ، ووجه الانفساخ أن العرض مبيع وإن جعل ثمنا وهلاك المبيع قبل القبض يوجب الانفساخ فافهم . ( قوله : فتصح بعد هلاكه ) لأنها تثبت بمقابلة الثمن وهو قائم بحر عن الخلاصة . ( قوله : بخلافه في الثمن ) الأولى بخلافها ط . ( قوله : كما مر ) أي في قوله وكان المبيع قائما ، أي لأن المبيع بعد هلاكه لم يبق على حالة يصح الاعتياض عنه بخلاف الحط من الثمن ; لأنه بحال يمكن إخراج البدل عما يقابله ، فيلتحق بأصل العقد استنادا بحر .




الخدمات العلمية