الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الربا هو لغة : مطلق الزيادة وشرعا ( فضل ) ولو حكما فدخل ربا النسيئة [ ص: 169 ] والبيوع الفاسدة فكلها من الربا فيجب رد عين الربا لو قائما لا رد ضمانه لأنه يملك بالقبض قنية وبحر ( خال عن عوض ) .

التالي السابق


باب الربا لما فرغ من المرابحة وما يتبعها من التصرف في المبيع ونحو ذلك من القرض وغيره ذكر الربا ، لأن في كل منهما زيادة إلا أن تلك الزيادة حلال ، وهذه حرام والحل هو الأصل في الأشياء والربا بكسر الراء وفتحها خطأ مقصور على الأشهر ويثنى ربوان بالواو على الأصل وقد يقال ربيان على التخفيف كما في المصباح والنسبة إليه ربوي بالكسر والفتح خطأ كما في المغرب ( قوله ولو حكما إلخ ) تبع فيه النهر لكنه لا يناسب تعريف المصنف فإنه قيده بكونه بمعيار شرعي وهذا لا يدخل فيه ربا النسيئة ولا البيع الفاسد ، إلا إذا كان فساده لعلة الربا فالظاهر من كلام المصنف تعريف ربا الفضل ، لأنه هو المتبادر عند الإطلاق ، ولذا قال في البحر فضل أحد المتجانسين . نعم هذا يناسب تعريف الكنز بقوله فضل مال بلا عوض في معاوضة مال بمال ا هـ

فإن الأجل في أحد العوضين فضل حكمي بلا عوض ، ولما كان الأجل يقصد له زيادة العوض كما مر في المرابحة صح وصفه بكونه فضل مال حكما تأمل .

قال في الشرنبلالية : ومن شرائط الربا عصمة البدلين ، وكونهما مضمونين بالإتلاف فعصمة أحدهما وعدم تقومه لا يمنع فشراء الأسير أو التاجر مال الحربي أو المسلم الذي لم يهاجر بجنسه متفاضلا جائز ، ومنها أن لا يكون البدلان مملوكين لأحد المتبايعين كالسيد مع عبده ، ولا مشتركين فيهما بشركة عنان أو مفاوضة كما في البدائع ا هـ . [ ص: 169 ] وسيأتي بيان هذه المسائل آخر الباب ( قوله والبيوع الفاسدة إلخ ) تبع فيه البحر عن البناية وفيه نظر فإن كثيرا من البيوع الفاسدة ليس فيه فضل خال عن عوض كبيع ما سكت فيه عن الثمن ، وبيع عرض بخمر أو بأم ولد فتجب القيمة ويملك بالقبض ، وكذا بيع جذع من سقف وذراع من ثوب يضره التبعيض ، وثوب من ثوبين والبيع إلى النيروز ونحوه ذلك مما سبب الفساد فيه الجهالة ، أو الضرر أو نحو ذلك نعم يظهر ذلك في الفساد بسبب شرط فيه نفع لأحد العاقدين مما لا يقتضيه العقد ، ولا يلائمه ويؤيد ذلك ما في الزيلعي قبيل باب الصرف في بحث ما يبطل بالشرط الفاسد حيث قال : والأصل فيه أن كل ما كان مبادلة مال بمال يبطل بالشروط الفاسدة لا ما كان مبادلة مال بغير مال أو كان من التبرعات ، لأن الشروط الفاسدة من باب الربا ، وهو يختص بالمعاوضة المالية دون غيرها من المعاوضات والتبرعات ، لأن الربا هو الفضل الخالي عن العوض ، وحقيقة الشروط الفاسدة هي زيادة ما لا يقتضيه العقد ولا يلائمه فيكون فيه فضل خال عن العوض وهو الربا بعينه ا هـ ملخصا ( قوله فيجب رد عين الربا لو قائما لا رد ضمانه إلخ ) يعني وإنما يجب رد ضمانه لو استهلكه ، وفي التفريع خفاء ، لأن المذكور قبله أن البيع الفاسد من جملة الربا ، وإنما يظهر لو ذكر قبله أن الربا من جملة البيع الفاسد ، لأن حكم البيع الفاسد أنه يملك بالقبض ويجب رده لو قائما ورد مثله أو قيمته لو مستهلكا .




الخدمات العلمية