الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والإقامة كالأذان ) فيما مر ( لكن هي ) أي الإقامة وكذا الإمامة ( أفضل منه ) فتح ( ولا يضع ) [ ص: 389 ] المقيم ( أصبعيه في أذنيه ) لأنها أخفض ( ويحدر ) بضم الدال : أي يسرع فيها ، فلو ترسل لم يعدها في الأصح ( ويزيد : قد قامت الصلاة بعد فلاحها مرتين ) وعند الثلاثة هي فرادى .

التالي السابق


( قوله : فيما مر ) قيد به لئلا يرد عليه أن ترك الإقامة يكره للمسافر دون الأذان ، وأن المرأة تقيم ولا تؤذن ، وأن الأذان آكد في السنية منها كما يأتي ، وأراد بما مر أحكام الأذان العشرة المذكورة في المتن ، وهي أنه سنة للفرائض ، وأنه يعاد إن قدم على الوقت ، وأنه يبدأ بأربع تكبيرات ، وعدم الترجيع ، وعدم اللحن والترسل والالتفات والاستدارة وزيادة " الصلاة خير من النوم " في أذان الفجر ، وجعل أصبعيه في أذنيه ، ثم استثنى من العشرة ثلاثة أحكام لا تكون في الإقامة فأبدل الترسل بالحدر والصلاة خير من النوم بقد قامت الصلاة ، وذكر أنه لا يضع أصبعيه في أذنيه ، فبقيت الأحكام السبعة مشتركة ، ويرد عليه الاستدارة في المنارة فإنها لا تكون في المنارة ، فكان عليه أن يتعرض لذلك . ا هـ . ح .

والحاصل أن الإقامة تخالف الأذان في الأربعة ما مر ، وتخالفه أيضا في مواضع ستأتي مفرقة .

( قوله : لكن هي أفضل منه ) نقله في البحر عن الخلاصة بلا ذكر خلاف . وذكر في الفتح أيضا أنه صرح ظهير الدين في الحواشي نقلا عن المبسوط بأنها آكد من الأذان : أي لأنه يسقط في مواضع دون الإقامة كما في حق المسافر وما بعد أولى الفوائت وثانية الصلاتين بعرفة ، وقوله وكذا الإمامة علله في الفتح بقوله لمواظبته صلى الله عليه وسلم عليها وكذا الخلفاء الراشدون ، وقول عمر : لولا الخلافة لأذنت ، لا يستلزم تفضيله عليها بل مراده لأذنت مع الإمامة لا مع تركها ، فيفيد أن الأفضل كون الإمام هو المؤذن ، وهذا مذهبنا وعليه كان أبو حنيفة . ا هـ .

أقول : وهو قول أحد قولين مصححين عند الشافعية والثاني أن الأذان أفضل ، وبقي قول بتساويهما ، وقد حكى الثلاثة في السراج . ثم إن ما استدل به على أفضلية الإمامة على الأذان يدل على أفضليتها أيضا على الإقامة ; لأن السنة أن يقيم المؤذن فافهم .

[ تنبيه ] مقتضى أفضلية الإقامة على الأذان كونها واجبة عند من يقول بوجوبه ، ولم أر من صرح به ، إلا أن يقال إن القول بوجوبه لما أنه من الشعائر بخلافها ، على أن السنة قد تفضل الواجب كما مر أول كتاب الطهارة [ ص: 389 ] فتأمل ، ثم رأيت صاحب البدائع عد من واجبات الصلاة الأذان والإقامة .

( قوله : المقيم ) أي الذي يقيم الصلاة .

( قوله : لم يعدها في الأصح ) بخلاف ما لو حدر في الأذان حيث تندب إعادته كما مر ; لأن تكرار الأذان مشروع أي كما في يوم الجمعة ، بخلاف الإقامة . وعليه فما في الخانية من أنه يعيد الإقامة مبني على خلاف الأصح وتمامه في النهر .

( قوله : مرتين ) راجع إلى : قد قامت ، وإلى الفلاح ط .

( قوله : وعند الثلاثة هي فرادى ) أي الإقامة ، والأولى ذكره عند قوله وهي كالأذان ح . ودليل الأئمة الثلاثة ما رواه البخاري " { أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة } " وهو محمول عندنا على إيتار صوتها بأن يحدر فيها توفيقا بينه وبين النصوص الغير محتملة . وقد قال الطحاوي : تواترت الآثار عن بلال أنه كان يثني الإقامة حتى مات ، وتمامه في البحر وغيره




الخدمات العلمية